ميلاد ناد للصحافة في مراكش
اختير الشاعر والصحافي مصطفى غلمان ـ مؤخراـ رئيسا لنادي الصحافة في مراكش، في أول بادرة من نوعها في تاريخ الصحافة في المدينة المرابطية العريقة. وقد تم التصويت بالإجماع إثر انعقاد الجمع العام التأسيسي للنادي، بحضور شخصيات هامة من مختلف القطاعات العمومية وشبه العمومية، وأطر عليا من المجتمع المدني.
وكان المؤتمرون قد وضعوا بين يدي الحضور المكثف والنوعي مسودة بيان خاص بالنظام العام التأسيسي للنادي قصد المصادقة عليه، مع إضافة وتنقيح ما يبدو من وجهات نظر مغايرة قابلا للنقاش وإعادة التوضيب.
وبعد أن تمت عملية التنصيص على القانون التأسيسي العام لنادي الصحافة في مراكش تانسيفت الحوز، تقدم الشاعر والقاص الصحافي عبد الرحيم عاشر بعرض موجز حول ميثاق تنظيمي يهم الجانب القيمي الأخلاقي المهني، أبرز من خلاله ضرورة احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، طبقا للقوانين الجاري بها العمل في المغرب، والهيئات المختصة بمواثيق احترام حقوق التعبير والكتابة. وأشار عاشر إلى المطبات الكبرى التي يقع في شركها الكثير من زملاء المهنة التي تعتبر في رأي أهل الاختصاص من أشرس المهمات وأصعب الأعمال المنظمة . وقال إننا في هذه المناسبة نؤكد على تشاركنا في مستوى معين من الالتزام بالحياد التام والتنبيه إلى ضرورة إضفاء الشرعية اللازمة على كل خطوة نخطوها كصحافيين، من أجل إبراز وحدة الهدف وتوجيه الخبر المبحوث عنه عبر مقاربات نوعية تتوخى المصداقية والشفافية والتنوع. وعلل الصحافي عاشر طرح النادي لميثاق أخلاقي يتبناه الأعضاء الفاعلون داخله، إلى حجم المتاهة التي تحجب الرؤيا لدى كل كاتب صحافي لا يتدبر طريق خلاصه من منظومة أو مرجعية ذات أصول قيمية عليا، تحميه من الشرور والرهان على الأحصنة الخاسرة. وعلق على الطريقة التي يتم من خلالها الحصول على الأخبار أو نشرها أو التعليق عليها، إذا كانت أدوات التأسيس غير معبأة لمواضعات موثقة ومصححة ومركزة وعلمية أيضا، بأنها لا تحترم أدنى شرط إنساني، وأنها تتواطأ والجريمة الغير المنظمة في العمق، مع ما يتقاطع وإياها في حقيقة الوجود.
ودعا الشاعر عاشر الجمع العام إلى المبادرة الأخلاقية القوية من أجل فعل صحافي ثقافي نزيه وديمقراطي. وختم بقولة لعالم الأخلاق الاسكندنافي بوربيد هولاسك، إن الأخلاق ترمم الحواجز، وتدرب الكتابة على الاختيار الصعب، وتمثل الطفرة النوعية لاستلهام الواقع. والأخلاق رهان المواقف ومتطلب أسمى للظهور، حيث تتكيف الأقوال بالأفعال على مستويات معقولة من الفكر والتفكر...
وصرح الشاعر والصحافي غلمان مصطفى الرئيس المنتخب للنادي الجديد للحضور بمدى أهمية أن يكون لمراكش الحمراء جمعية تهتم بالثقافة الإعلامية، إطار يهتم بجمع شتات الصحافيين والمراسلين الصحافيين، في كثلة واحدة، يكون شعارها:"التوافق والحوار المشترك من أجل الإصلاح"، إصلاح ـ يضيف غلمان ـ ينبثق عن فعالية وجودة في تكييف الأصول الصحافية، قيما وأخلاقا ومعرفة، بالتقاطعات الثقافية والبيداغوجية لمجتمعنا الذي بات يتأثر بشكل خطير بالإعلام الموجه، بالعولمة الأخطبوطية وبالسياسة السياسوية.
وكان التوافق بين الصحافيين المؤسسين، والذين ينتمون لمدارس إعلامية مهمة، حزبية ومستقلة وعمومية، توافقت ـ يضيف غلمان ـ على خط مشروع إعلامي ينشد تنمية الداخل (أي الذات) أولا، وتحصينه من كل شوائب التعتيم والإقصاء والتقسيم، وإبلاغه هدف الانتماء للهوية، عبر استرجاعها من صميم تجربة التأطير الإعلامي المتوخى. ثم الاستفادة من تمظهرات الخارج (إي الآخر) ثانيا، توثيقا لحتمية الفعل والتفاعل، واستبصارا بالتعالقات الشمولية التي تبرز على مستوى الوعي بعالمية أخلاق مهنة الصحافة وتوحدها مصدرا إنسانيا ومرجعا كونيا.
وحدد الأستاذ غلمان أهداف التأسيس ، في مجموعة عناصر، منها جعل الصحافيين قادرين على تحمل مسؤولية الأمانة الملقاة على عاتقهم، من حيث كونهم ينتمون لشريحة هامة من المجتمع المدني، حريص كل الحرص على إنتاج الخبر والاقتراب من صوت الحق والبحث عن سبل كفيلة بلمس وتلمس طريق الخلاص. وهي مسؤولية ـ يضيف غلمان ـ يعوزها جهد كبير ومتواصل للتفاعل مع إيقاع الحياة اليومية للوطن والمواطنين، مع الاقتراب الدقيق لكل الأحاسيس الصغيرة والتواردات والأصداء التي تخلفها داهيات الزمن بفعل الصراع المستمر وانفراط عقد التصالح الأبدي.
وأضاف غلمان في معرض كلمته بمناسبة التأسيس أن الجسم الصحافي في مدينة مراكش يتوق إلى مد جسر جديد ومتجدد لفعل إعلامي حقيقي ومتطور. إعلام يمارس دوره في تدبير الإصلاح المدني، لأن الإعلام، بحسب رأي غلمان، في العمق هو صنيع المدنية والتمدن. إعلام يصبح مرجعية ضمن منظومات السياسة للدولة. أو على الأقل، مصدرا ملهما للشأن الجهوي والمحلي. إعلام يناضل من أجل متابعة ومراقبة وكشف وتوثيق ومعرفة كل ما يتعلق بالمجتمع. إعلام يستمع يتأمل ويفكر ويجتهد ويفعل، دون أن يخدش بدن الصحافة...
ونفا غلمان أن يكون النادي تابعا أو تبيعا لأي جهة، معربا عن انفتاحه على كل الواجهات والشراكات المؤسسة للمفهوم الجديد للسلطة. وأشار إلى إمكانية دراسة تعبئة التعاون المشترك مع جهات لم يحددها، ولكنه أبرز الدور الفعال لبعض المؤسسات ذات التوجهات الحقوقية والفكرية والإعلامية، ومنها ـ على وجه الخصوص ـ المنظمة العربية لحرية الصحافة والاتحاد الدولي للصحافيين والمركز الإعلامي الألماني ومركز حماية وحرية الصحافيين ومركز بنيان لبرامج بناء القدرات ودعم التشبيك والشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير...إلخ.
ودعا غلمان الصحافيين المؤسسين لنادي الصحافة في مراكش إلى ضرورة الالتزام بمواثيق حقوق الإنسان وحرية الكتابة والتعبير عن الرأي كما كفلتها الأعراف والقوانين الدولي والقانون والدستور المغربيين. كما أعلن صراحة عن أن إطار النادي ليس حلقة أيديولوجية في مهماز الطاحونة السياسية الوطنية أو الأجنبية، ولا يقوم مقام أية مؤسسة أو منظمة، ولا يتكلم باسم أية جهة كيفما كانت، ولا يمكنه مستقبلا أن يكون أي شيء من هذا القبيل.
وفي الأخير تمت المصادقة على مشروع ميثاق الصحافة الأخلاقي والقانون الأساسي وتبني الأرضية الثقافية للورقة التي قدمها الشاعر والصحافي مصطفى غلمان. كما أعلن عن أعضاء المكتب المسير للنادي السبعة، والذين سيتولون إدارته لمدة أربع سنوات، وهم على التوالي:
الشاعر والصحافي مصطفى غلمان رئيسا، والقاص والشاعر الصحافي عبد الرحيم عاشر كاتبا عاما، والناقد الفني والصحافي محمد القنور ناطقا باسم النادي، والأديب الصحافي عبد اللطيف السندباد محافظا عاما، والصحافي السياسي محمد مزيان أمينا للخزينة، والصحافي الإذاعي الأديب حسن شحيب مستشارا مكلفا بالإعلام والتواصل، والصحافي المصور حسن لغريني مستشارا مكلفا بالمجال المعلوماتي والصورة.
