

والنازعات يرتدين الأخضر
إن الذين شدوا الحبال من غزة للقاهرة لم يدركوا تلك الرمال المموهة التي حركتها حشرات الصحراء
عندما جرى الناس يصيحون من باطن سيناء لأطراف دمشق
حين نشرت الأمهات ملابسهم لوهج الشمس قبل أن تستدير لأورشليم
حين صرخت النساء بأنشودة كونية حرة خلقها الله قبل أن تلد الأرض تلك الدواب المتأججة
صرخات مرت بصحراء البادية فهرعت القوافل من كل صوب
ها هنا الدواب المموهة التي طوقت القاهرة وكأنها تتنزه في يوم صيفي رائق
ها هنا الشوارع التي انسلت داخل الجدران هربا من بكاء الميادين
هنا الميادين التي أكلت عشاء يهوذا وهي تضحك
والنازعات كن يرتدين الأزرق
كان النمل الأبيض يتكاثر وسط المدينة ليبني حصونه بإتقان بالغ في شمس أكتوبر
يتسلق أعمدة الكهرباء والمآذن والجدران
وصيحة كبيرهم المدوية حين هبت عليهم الرمال العاصفة
أدخلوا مساكنكم..
قبل أن يؤمهم للصلاة
عندنا جثث النمل والرمال تشدها شدا نحو العناكب
عندنا رؤوسها التي تطايرت والجنود يبتسمون
وكأنها قرابين لجوف الأرض وأربعة كواكب أخرى
أو كأن الأرض كلمت الله حتى تهتز ساعتها
حتى تبصق الشياطين على أطراف المدينة فتتلوى الحارات والمدقات والطرق من فرط الألم
عندما صرخت الأجنة في أحشاء الأرامل
كان أنين السماء في غزة الحالمة
يرسل مطرا
والنازعات كن يرتدين الأصفر
البنادق كالملاعق
الأكلة يشمرون سواعدهم مهللين وسط
الأرامل وهن يعتصمن بالحبال التي قطعت دائرة الشمس
عكا التي تمرغت في ترابها حمير الصحاري وقت القيلولة
شباب القدس الذين دكوا زرائب البهائم كالذئاب
دكوها دكا
هنا دائرة الميدان التي جرت كعجلة حربية يركبها أحمس لتلاحق
النمل الذي يزحف نحو شرج الدواب بهمة ونشاط
هنا رمسيس الذي فتح فمه عن آخره فتوارى الطير في الحلقوم
هنا الغربان وهي تدفن أجسامها في طين نابلس
حتى يعرف الناس الأسماء كلها
ويشهد الملائكة
هنا يلوك الغربان الديدان وينعقون كالبكاء
هنا ينعقون كالبكاء
والنازعات كن يرتدين الأحمر