السبت ٢٦ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم حسن توفيق

وصفات طبية لمكافحة الثورات العربية!

الثورة مرض خطير لابد من التخلص منه إما بالمسكنات أو بقتل المريض نفسه حتى لا يتمكن من نقل العدوى إلى آخرين ممن يحيطون به بحكم القرابة أو الجيرة .. هذا ما يتصوره الطغاة الفاسدون ، ومن هذا المنطلق يمكننا أن نتذكر ما قاله وزير خارجية مصر عندما سأله أحد الصحفيين عن إمكانية حدوث انتفاضة ضد رئيسه الطاغية حسني مبارك بعد أن انتصرت ثورة الحرية في تونس ، حيث أجاب قائلا: إن أي مقارنة بين ما جرى في تونس وما يجري في مصر هي ( كلام فارغ ) لكن نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر أثبت أن ما قاله ذلك الوزير كان هو الكلام الفارغ من أي إدراك أو فهم لأوضاع وطنه الذي يفترض أنه ينتمي إليه، أما الطاغية المهووس الأحمق الذي ظل يتحكم في أبناء الشعب الليبي باستثناء الذين استطاعوا الخروج من جحيمه وغدره، فقد قال بطريقته البلهاء حين يتكلم إن ما جرى في تونس وفي مصر أمر لا يخصه، لأنه رجل عاقل وحكيم، إلى جانب أنه بالطبع ملك ملوك إفريقيا، ونسي – بكل ما يعتقد أنه يتحلى به من عقل ومن حكمة - أنه الوحيد – ربما في العالم كله - الذي قال إن الشعب التونسي لن يستطيع أن يجد حاكما أفضل وأجمل من المدعو زين العابدين!

لكن الثورة ليست مرضا خطيرا بطبيعة الحال كما يتصور الطغاة - طهاة الخراب والفساد والإفساد، وإنما هي علاج جوهري حاسم وناجع لتحقيق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في كل مجتمع يرزح تحت وطأة المنع والقمع ، ويبدو أن الطغاة الذين لم يسقطوا بعد قد تنبهوا أخيرا، بعد أن سقط منهم من سقط ، وهكذا قاموا باستدعاء أطباء من مختلف التخصصات، لكي يقوموا بكتابة وصفات طبية تساعدهم في مكافحة الثورات العربية، وبالطبع فإن الأطباء تهكموا وابتعدوا عن الوجوه القبيحة لهؤلاء الطغاة – الطهاة الذين لم يجدوا لهم مفرا من اللجوء إلى المجرمين المحترفين، حيث أمر الطاغية الليبي الأحمق بقصف أبناء شعبه بالطائرات التي لم يستخدمها ولو مرة واحدة في الدفاع عن أية قضية من قضايانا العربية، لكنه اكتشف أن طيارين ليبيين قد عصيا أوامره البلهاء، وقد أمر ذلك الطاغية جموع المساكين الأفارقة الذين جاءوا إلى ليبيا للبحث عن لقمة عيش بأن يندفعوا لقتل أبناء شعبه بالخناجر والسكاكين، وأما التونسيون والمصريون الذين يعملون في ليبيا فقد اتهمهم ( سيف الإعدام ) بأنهم المتسببون فيما سماه بالفتنة!

يوشك هذا الطاغية أن يهرب قبل أن يتداعى ما سماه نظام الجماهيرية العظمى، لكنه – حاليا – يحاول أن يقلد الإمبراطور الأحمق نيرون الذي أحرق روما ثم جلس على قمة جبل ليرى الحرائق تشتعل في المدينة العريقة، بينما كان يغني دون أن يتمكن من الغناء مرة ثانية بعد أن قتله الثوار في زمانه!

ما زلت أردد قول العلامة ابن خلدون: الظلم مؤذن بزوال العمران، وبالمناسبة فإن ابن خلدون كان قد تنقل خلال حياته ما بين المغرب وتونس وليبيا ومصر، بل إنه عاش كذلك في الشام، ولم يبق أمام الطغاة الذين ما زالوا يرقصون رقصة الديوك المذبوحة إلا أن ينسوا حكاية الوصفات الطبية لمكافحة الثورات العربية!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى