الخميس ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم ‎⁨بشير رفعت سعيد

يمامـةُ الأشـواق

للهِ دَرُّ يمـــــامـــــــةِ الأشـــــــــــواقِ
طـــارتْ إلى الذكرى بغَيْرِ وَثَاقِ
رَمَقَتْ بعين الفخرِ مــن عليائها
خَبَـــلَ الغـــرور وروعةَ الإشـراق
إنَّ الشَّتاتَ وقـــــــد تَجَمَّعَ زَيْفـهُ
قـد شاد صـــرحًا زائــفَ الأنساق
والزَّيْفُ قــــد يزكو لفرطِ تـــوهُّمٍ
والتِّبْرُ يزكو مِنْ ضَنَى الإحـــراقِ
وأَشَدُّ مــا تَرْمِي الجهالةُ طَيْشَها
أَنْ تبتليــــك بفكْـــرِهـا الأَفَّـــــــــاقِ
نَبَذَوا بـ "هِتْلَرَ" نَزْعَـــةً عِرْقيَّـــــةً
سَفَكَـــتْ دمَ الباقي مِن الأعـراقِ
حتَّى إذا نُجُّوا مَضَوْا في غَيِّهِمْ
ليذوقَ، غَصْبًا، مَنْ يَمُجُّ الساقي
ما ذَنْبُ " برنادوتَ" يُقْتَلُ غِيلةً
ويَظَـــلُّ يَنْــــعَمُ نافـــــخُ الأبــــــواقِ(1)
والنَّــــاسُ بَيْـنَ مُهَجَّـرٍ ومُعَـــذَّبٍ
و مُحَــــــارَبٍ ومُعَـاِنـــــقٍ لفــــراقِ
وكذا الأفاعي إن تخادِنْ مَنْزِلًا
يَكُــــنِ التـرَّحُّـــلُ غايــةَ التِّـريـاقِ
لكــــنَّ مصــــرًا لــم تغادِرْ جـارةً
تعـــرو سمـاهـــا رايـــــةُ الإخفـاقِ
والــرُّزْءُ تلقــــــاهُ الجماعـــةُ هَيِّنًا
ويُنيـخُ ظَهْـرَ الفـردِ مِـــنْ إرهـاقِ
ولَكَم تسَلَّلَ خائنًا شَجَرُ الدجى
يُهْـدِي العَـدُوَّ مَضَــــارِبَ الأعناقِ
ويميط للخَصْمِ اللدودِ محارمًا
كـدنيئـةٍ بُنِيَـــتْ بغَيْـرِ صــداقِ (2)
ما أَبخَسَ البزَّاتِ تُخْفِي تَحْتَهَا
وَدْقَ الخرابِ وَحَشْفَةَ الأسـواقِ
إنيِّ أعافُ المُلْكَ هالتُهُ الفَخَارُ
ورُوحُــــهُ رَضَعَـتْ لِبــــانَ نفــــاقِ
لو لم تُرَسَّخْ في النفوسِ عقيدةٌ
لغَــــــدَتْ طـرائِقُـــــها بغَيْرِ خَلاَقِ
واللهِ مـا فَسَــدَ السلاحُ ، وإنَّـــــما
خَبَلُ الملـوكِ مُضَلِّلُ الإطــــلاقِ
لمَّـــــــا تَكَــدْ مِصْرٌ تُطَهِّرُ ذاتَــــها
مِنْ رجْسِ مُحْتَلٍّ وبُغْضِ عنــاقِ
حتَّى أغـــــارَ الغربُ غارةَ مُبْلِسٍ
يَـأْسَى لبُـرْءِ الكَوْنِ مِـــنْ إمْلاقِ
بئْسَ الرُّضابُ يلوحُ في فم غادِرٍ
شُهْدَ المحبَّةِ وهو مَحْضُ بُصَاقِ
هـل راعَهُـــمْ مُلْكٌ يؤولُ لمـــالِكٍ
أَمْ أَنْجُمٌ هَزَمَتْ سوادَ مُحَاقِ ؟!(3)
أَغْـرَى بنـي العَـــلاَّتِ أنَّ أباهُـــمُ
قـد شادَ دَوْلَتَهُم على الأوراقِ(4)
وأرادَ يُـوفِي وَعْــــدَهُ فَرَواهُـــــمُ
مِــــنْ دَمِّ سانحـةٍ ودَمْعِ سواقي
إنَّ السوائــــــمَ إنْ أرادتْ ناديًا
سَوَّتْـهُ مِــــنْ دَبَقٍ وعُنْفِ سِياقِ(5)
ما أَبْشَعَ الخِنَّوْصَ يُرْسِي دَوْلَـــةً
وهُـوَ المُخِمُّ النَّفْسِ والحِمْلاقِ(6)
فـي غفلةٍ منَّـــــــا ، وأيَّـــةُ غفلـةٍ !
بــل نكســـةٌ أَعْيَـتْ ولا مِـنْ راقِ
لكـــنْ بنـو مِصْــــرٍ إذا حــمَّ القَضَا
لــــــم يَبْخلـوا بمُخَبَّأ الأعــــلاقِ(7)
هَبُّـوا فما مِــنْ بقعـةٍ ظَمِئَتْ لهـم
إلَّا رَوَوْهـا بالـــــــدَّمِ المُهـــــــراقِ
خَرصَ المُشَكِّكُ! مُذْ مَتَى كان الفِدَا
تـرديـــــدَ بقباقٍ ورَجْعَ نُهـــــاقِ(8)
إنَّـــــــا أَتَيْنَاهُـمْ نهــــــارًا ، لــــــم يُرَوْا
فيهِ سوى الظَّلُمَاتِ في الأحداقِ !

مُعْجَمُ القصيدة :

(1) اللورد برنادوت : 1948-1895)م)، دبلوماسي ونبيل سويدي، وهو حفيد أوسكار الثاني الذي كان ملك السويد والنرويج. اختير بالإجماع ليكون وسيط مجلس الأمن الدولي في الصراع العربي الإسرائيلي.وقد اغتيل على يد الجماعة الصهيونية في أثناء قيامه بمهامه الرسمية في 17 سبتمبر 1948م .
(2) بُنِيَتْ : زُوِّجَتْ
(3) مُحَاق: المحاق من الشهر بالضم ثلاث ليالٍ من آخره .
(4) بني العلاَّت: أبناء الرجل من نسوةٍ شتَّى
(5) السياق: نزع الروح
(6) الخِنَّوْص: وَلَدُ الخنزير – المُخِمُّ : المنْتِن – الحملاق : هو ما غطته الأجفان من سواد المقلة .
(7) الأعلاق: العِلْق بالكسر النفيس من كلِّ شّيْءٍ ، وجًمْعُهُ أعلاق .
(8) بقباق: رَجُلُ كثير الكلام .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى