أي مغرب وأي ثقافة نريد؟ا
«الفن النظيف والثقافة النظيفة هي مفاهيم نازية لا نريدها اليوم بتاتا أن تقيدنا»
سناء العاجي، كاتبة.
اللقاء الذي عقدته، مجموعة من الأسماء العاملة في مجال الفن و الإبداع و السينما، بالفضاء الثقافي لمجازر الدار البيضاء «ليزاباتوار» بجهة الدار البيضاء الكبرى، شكل الحدث اليومي، في الصفحات الفنية والثقافية، الصحف اليومية، الصادرة خلال هذا الأسبوع.
و إن كان هذا اللقاء الفني، الذي نظم بمبادرة من لمياء الشرايببي، لم يضم إلا أسماء بعينها، في المشهد الثقافي «الكاتب محمد لعروسي، المخرج محمد أشاور، الممثلة فطيم العياشي، الصحافية فدوى مسك، الصحفي أحمد نجيم، محمد مومو مدير مهرجان» البولفار"، كنزة الصفريوي، عادل السعداني، يونس لزرق،حميد فريدي،أمين ناسور،...إلخ "، إلا أنها، تبقى مبادرة جمعوية، من حقها أن تتحدث باسم أعضائها و المتعاطفين معها، ولكن ليس من حقها أن تتكلم باسم الجميع، مادامت أنها توجه الدعوة، لبعضها البعض، دون أن تنفتح على جميع الحساسيات و الفعاليات الإعلامية و الثقافية، ببلادنا.
لأنه، ليس بالضرورة، أن أتفق مع ما تصرح به الممثلة المثيرة للجدل، لطيفة أحرار أو أتقاسم الرأي مع كتابات صاحب موقع " كود"، أو أتماها فنيا مع المنحى الفني الذي إختاره لنفسه مخرج " فيلم"، حتى توجه لي و لغيري الدعوة، لكن من الممكن أن نختلف و أن نناقش، ما يدافع عنه هؤلاء و غيرهم، من من يعتبرون أن " ممارسة الرقابة على الإبداع الفني بمختلف ألوانه، لا يستقيم بدون حرية" كما جاء على لسان الممثلة فطيم عائشة، أو أن الحرية تليق بهؤلاء و لا تليق بغيرهم، و هنا يكمن الخلاف.
لأنه، ما معنى أن أطالب بحرية التعبير و التفكير، دون أن ينال الآخرون، نصيبهم منها، ليكون الاختلاف و الحوار و النقاش، لأن توجيه الدعوة لي أو لغيري، لحضور لمثل هذه اللقاءات المفتوحة، من شأنه، أن يغني النقاش، و إن كنا لا نعزف على الآلة نفسها، خصوصا و أن الحرية، التي يتحدث عنها، أعضاء " منتدى الأحرار"، حرية غير مشروطة، فالحرية لا تعني أوتوماتيكيا، أن أفعل ما أريد و قتما أريد و كيفما شئت، لأن هناك محددات و ضوابط مجتمعية، لأنه يجب أن نطرح السؤال على أنفسنا " من نحن"؟ا و " ماذا نريد"؟ا، حتى يمكن أن نتقاسم، مع هذا التيار أطروحاته الفكرية و الإيديولوجية،
الذي يدعو من خلالها، إلى ثقافة الإختلاف و قبول الآخر مختلفا حرا دون أن أفرض عليه نموذجا معينا حتى و إن اختلفت معه" أو بتعبير أكثر دقة" ليس من حق أي شخص أن يفرض الوصاية على الشعب المغربي بصفة عامة و الفنانين بصفة خاصة، لأن الإبداع يتنفس بالحرية و بلا وصاية.
حتى، هذه السطور لا خلاف.
لكن، هل الحرية مطلقة أم نسبية؟ا
السؤال، الذي لا ينال نصيبا، من التأمل، لدى أصحاب المبادرة، بالنظر إلى المجتمع الذي نعيس فيه، فهو إسلامي و له أعراف و تقاليده و أعرافه، التي لا يمكن تجاهلها و نحن نتوجه بالخطاب إلى الناس، لأنه كما يوجد، على رأي الكاتب المغربي عبد الله الطاي " أشخاص يجب أن نوفر لهم الحرية في إختيار الطريقة التي يريدون العيس بها، و أن نوفر لهم الإحساس أنهم يملكون أنفسهم و ليست سطوة المجتمع هي من تحكمهم "هناك المجتمع الإسلامي، الذي لا يمكن تكسير كل محرماته و طابوهاته، باسم الإبداع و الحرية و الفن، و أنه " لا يمكن أن نناقش الحرية في الفن و الإبداع إذا لم يتحرر المغاربة بعد من مشكل الجسد، نحن شهداء لجسد تقليدي يرفض الإنكشاف و التعبير بحرية بعيدا عن "حشومة" و "عيب"، على حد قول المخرج المغربي لحسن زينون.
لا خلاف، لكن، فكما أن لأصحاب المبادرة، الحق في إطلاق مبادرة التوقيع على " بيان للدفاع و تعزيز الحرية" و الذي وقع عليه مجموعة من الفنانين و المثقفين و السينمائيين و الصحفيين، أو بتعبير بطلة مسرحية " كفر ناعوم" الفنانة المسرحية لطيفة أحرار " المغاربة كلهم يعرفون الله، يعرفون ماذا يفعلون و أين يفعلونه، ولا حاجة لهم بمن يحجر عليهم.نحن متعددون و متلونون"، إلا أن المجتمع من حقه، كذلك، أن يقول كلمته، بخصوص أين تبدأ و أين تنتهي" حرية الفرد في الإبداع الفني "؟ا
أو أن أصحاب "التجمع من أجل ثقافة حرة" لا يؤمنون ب"لرأي و الرأي الآخر"؟
خاصة،و أن هناك العديدون، من من يتوارون وراء ضحالة الفكر و الإبداع و الخيال، خلف اللقطات العارية و القبلات الساخنة و لقطات الإغراء الرخيص، باسم تكسير الطابو و المحرمات.
لأن، الجمهور، المغربي أكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى الإبداع الرصين و إلى الجودة و إلى الكفاءات الحقيقية، في كل المجالات الفكرية و الإبداعية و ليس إلا " شخبطات " فنية، باسم الحرية في الإبداع و الفن.
لذا فهل، نحن مستعدون لفتح نقاش هادئ و رصين، بعيدا عن الأحكام السابقة و الاتهامات المجانية، بين دعاة "الفن النظيف" و الخائفين من " محاكم التفتيش الجديدة" على حد قول، الكاتبة المغربية سناء العاجي؟ا
أم، أن أمر تنزيل شعارات ك" الحرية، الاختلاف، التعدد " إلى الشارع، سيظل أمرا معلقا حتى إشعار آخر؟ا
وتلك هي الإشكالية.