ابن الأرض البار

كان هناك رسامٌ ياباني، قضى عدة سنوات وهو لا يرسم سوى الاعشاب. حين سأل مرة "لماذا الاعشاب دائماً؟"، قال "يوم رسمت العشب فهمت الحقل... ويوم فهمت الحقل ادركت سر العالم".

و اليوم الذي نفهم به معنى حب الأرض والإنتماء لها، سنفهم معنى التعامل معها!

لطالما أثارت فضولي الكتابة عن سياسي دبلوماسي يمتلك من التواضع الكثير ومن الهيبة أكثر، هو (مسرور بارزاني) حفيد الجنرال (ملا مصطفى بارزاني) سليل النضال الكوردي المجيد.

شخصية برزت كثيرًا في الآونة الأخيرة، وسعت إلى تطوير الذات الكوردية؛ فردًا ومجتمعًا، من خلال تنمية الاقتصاد وتنامي الإعمار وتوطيد العلاقات الخارجية.

رسم لكوردستان أفقًا جديدًا مشرقًا برغم التحديات المحيطة بالمنطقة، وبعد وقت قصير ستتغير ملامح مدن الإقليم لتتسم بحزام أخضر وتزهو بنور مستدام، وصولًا إلى مدينة السليكون.

لم أكتب يومًا عن شخصية سياسية برزت، ولكن ثمة شخصيات نقرؤها قبل أن نلتقي بها أو نعرف مكوناتها، ونتأثر بأعمالها ذات العمق الإيجابي، فمسرور بارزاني يسعى بجد ومثابرة لبناء علاقات ودية مع الداخل والخارج، ونبذ كل خطابات الكراهية وإيثار خطاب الترحيب بالجميع. فهل حب الأرض والانتماء للعرق ما دفعه ليكون ابن الأرض البار، في حين أننا لما لا نجد في المشهد السياسي العراقي ابنًا بارًا مثيلًا بأرض الرافدين. فكل ما نراه تراجع مؤلم في كل الميادين، اقتصاديًا، اجتماعيًا وأمنيًا.

مرت اثنتان وعشرون سنة عجفاء على بداية أفق جديد كما زعموا، ولم نرَ في هذا الأفق سوى خط سراب لا ينتهي.
في القرن الماضي تم توثيق أرشيف للقادة والزعماء في العالم عمومًا والشرق الأوسط خصوصًا، تسابق الكل لصناعة تاريخ يمجدهم في المستقبل، وها نحن قد وصلنا المستقبل الذي قصدوه فإذا بنا أضعنا تاريخنا الحاضر المؤلم في تلافيف المستقبل المجهول.

خلال عقدين من الزمن لم يثبت سياسي عراقي واحد وجوده على خارطة الطريق السياسي، ولم يترك أثرًا حيًا، بل لم يترك الجميع سوى الخراب والخيبات دون أمل.

نحن بحاجة ماسة الى ابن أرض بار بأرضه ووطنه، متواضعًا محبًا لشعبه؛ ليحبه شعبه.

يستحق العراقي أن يحترم وأن يعيش بعزة وكرامة، ومن يصنع عزته وكرامته ابنه البار بشعبه.

ربما نحن بحاجة الى حفيد جنرال مناضل ومحارب يمحو غبار عقدين ونيف من الزمن مرت عجافًا على هذا البلد الذي تهالك من ويلات قادته وسياسيه.