
اختتام الدورة السابعة لمهرجان الشعر المغربي

حضور جماهيري كبير لمتابعة الفعاليات في لحظة استثنائية تتوج المدونة الشعرية المغربية
اختتمت يوم الأحد 12 أكتوبر فعاليات الدورة السابعة لمهرجان الشعر المغربي، والذي نظمته دار الشعر بمراكش في افتتاح المهرجانات والتظاهرات الثقافية للموسم الجديد. وشهد المهرجان حضورا جماهيريا كبيرا، واكب جميع الفعاليات على امتداد الأيام الثلاثة، والتي توزعت على فضاءات قاعة ميدان والمكتبة الجامعية الرقمية ومعهد الإعلام والصحافة والقاعة الكبرى لفندق آدم بارك. الدورة السابعة من مهرجان الشعر المغربي، والذي يجسد عمق التعاون الثقافي المشترك الذي يجمع بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في المملكة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، واصل الاحتفاء بهوية المهرجان، في انتصاره للتنوع الثقافي والتعدد اللساني المغربي وبأجيال القصيدة المغربية الحديثة وبحساسياتها وتجاربها، وفي مزيد من الانفتاح على الأصوات الشعرية الجديدة.
تكريمات
وكرمت الدورة السابعة أحد رموز شعراء جيل الثمانينات الشاعر محمد بوجبيري، والشاعر والفنان علي شوهاد والذي رسخ مسارا شعريا وفنيا، طيلة مساره الطويل كان له الأثر العميق في الثقافة الأمازيغية، الى جانب الباحثة في الثقافة الحسانية والأكاديمية عزيزة عكيدة. حفل الافتتاح، الذي انطلق يوم الجمعة 10 أكتوبر بقاعة ميدان، شهد احتفاء خاصا بالصين، ضيف الشرف الدورة السابعة للمهرجان، من خلال مشاركة الشاعرة الصينية ليو جينتسي، عضوة في اتحاد الكتّاب الصينيين، والتي نشرت أكثر من خمسين عملاً متنوعاً بين الشعر، الرواية، المسرحيات والنصوص الغنائية، وصاحبتها في الترجمة الى اللغة العربية، الطالبة الباحثة باي شُيويه، وهي طالبة دكتوراه في الأدب العربي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء.
والى جانب مشاركة الصين، قدمت قراءات شعرية لكل من الشاعرة والمترجمة ثريا وقاص والشاعر اديمبي حميد اديكنلي، المتوج هذه السنة بجائزة أحسن قصيدة في دورتها السابعة. كما أنشد شعراء مشتل دار الشعر بمراكش: بدر هبول ومريم إتجو وخديجة السعدي "نشيد مراكش الحمراء"، فيما خص المهرجان، الفنان والموسيقار العربي الكبير عبدالوهاب الدكالي، بتكريم خاص احتفاء بمساره الفني الطويل حفر من خلال سيرة التألق.
كلمات الافتتاح
وألقى الباحث الأستاذ سمير الونّاسي، رئيس قسم الأنشطة الثقافية بالمديرية الجهوية مراكش أسفي، كلمة نوه فيها بالمهرجان الذي يجسد عمق التعاون الثقافي المشترك، بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في المملكة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة. في افتتاح موسم تاسع جديد للبرنامج الثقافي والشعري لدار الشعر بمراكش، والتي تواصل الاحتفاء بالتنوع الثقافي والتعدد اللساني المغربي، وبأجيال القصيدة المغربية الحديثة وبحساسياتها وتجاربها. وأشار الأستاذ الوناسي، الى أن دار الشعر بمراكش، تمثل فضاء ثقافيا رمزيا، استطاع أن يجمع الشعراء والنقاد المغاربة، من مختلف الحساسيات والتجارب وأمسى مشتلا لتكوين الأطفال واليافعين والشباب في مجالات الكتابة الشعرية، وهي البرامج التي تواصل من خلالها الدار، ضمن استراتيجيتها التي أطلقتها منذ التأسيس، الى جعل مهرجان الشعر المغربي موعدا سنويا وتقليدا ثقافيا وشعريا، يحتفي بأجيال وتجارب وحساسيات الشعر المغربي. كما يشكل تتويجا لثمان سنوات من الإشعاع الثقافي المتواصل والذي امتد لمختلف جهات المملكة المغربية، في تعبير دال على ترسيخ ثقافة القرب ودينامية الرؤية للعمل الثقافي. كما يأتي تنظيم هذا المهرجان ليزكي المكانة التي أمست تحتلها مدينة مراكش بثقلها الحضاري، وبصفتها ملتقى للثقافات وللحوار، خصوصا عندما نتأمل هذا التاريخ الزاخر من الوجوه الأدبية والفنية والتي أعطت للمدينة بعدها العربي والافريقي والعالمي.
كما أكد سعادة عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، في كلمته الافتتاحية للمهرجان على أهمية التعاون الثقافي، مشيرا الى أن "هذا اللقاء المبارك، ما هو إلا ثمرة للتعاون الثقافي، وتعبيرا عن العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، التي تترسخ بفضل حكمة القيادة الرشيدة في البلدين، كما أننا نعتز كثيرا بتنظيم هذا المهرجان بالشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية ودار الشعر بمراكش، تأكيدا على أن الشعر رسالة إنسانية لفن جميل، يعبر عن وجدان الأمة ويحفظ ذاكرتها، ويفتح آفاقه نحو المستقبل، إيمانا بأن مثل هذه المبادرات المشتركة تساهم في تعزيز العلاقات الأخوية بين بلدينا الشقيقين وتفتح المجال أمام أجيال جديدة من الشعراء والمبدعين ليعبروا عن رؤاهم وأحلامهم، في فضاء أدبي واحد، يجمعه حب الكلمة وروح الإبداع".
تتويجات
وشهد حفل الافتتاح تتويج الفائزين في جائزتي أحسن قصيدة والنقد الشعري، للشعراء والنقاد الشباب، في دورتها السابعة. وقدمت لجنة التحكيم، والمكونة من السادسة الأساتذة: هشام فتح، ثريا وقاص، جليلة الخليع، والمختار النواري تقريرها النهائي وأعلنت أسماء المتوجين في كل صنف. وهكذا توج بجائزة "أحسن قصيدة" الشاعر اديمبي حميد اديكبلي (شاعر نيجيري يتابع دراسته في المغرب)، بالمرتبة الأولى عن قصيدته "عروج الى مقام النبوة"، وتقاسم الشاعر معاد بن الطالب عن قصيدته "صفحات بخط الفم من سيرة ذي الأسماء" والشاعر عمر راجي أمنار عن قصيدته الأمازيغية "وجه بلا ملامح" المرتبة الثانية، فيما تقاسمت قصيدة "ظفيرة وحديث" للشاعرة الزجالة إيناس بلعطار وقصيدة بالأمازيغية للشاعر جمال أروش، المرتبة الثالثة.

أما في جائزة النقد الشعري، وضمن صنف الدراسات والبحوث، توج الناقد عبدالرحمن أسحلي بالمرتبة الأولى عن دراسته "التداولية في الشعر المغربي ديوان "كتابات خارج أسوار العالم" لمليكة العاصمي أنموذجا"، فيما حظيت دراسة "التشكيل النصي بين الإبداع والدلالة" للناقد خالد قدروز بالمرتبة الثانية. أما في صنف المقالات، فتوج بالمرتابية الثالثة مناصفة كل من ابراهيم البوعبدلاوي ومحمد تايشينيت، الأول عن مقاله "الشعر المغربي بين الثقافي والتاريخي: بحثا عن تشاكلات للقصيدة" والثاني عن مقاله حول "الاستعارة والثقافة: دراسة معرفية لاستعارات العاطفة والحياة والموت في الشعر المغربي".
وأحيى الفنان الموسيقار العربي الكبير، عبدالوهاب الدكالي، رفقة فرقة أصيل للموسيقى بمراكش برئاسة الفنان عزالدين دياني، حفلا فنيا استثنائيا واستعاديا لأشهر أغاني هذا الفنان الرائد، "كان ياما كان، مرسول الحب...". وتواصل فعاليات المهرجان، اليوم الموالي بفضاء المكتبة الجامعية الرقمية (رئاسة جامعة القاضي عياض)، حيث أشاد الباحث الدكتور مصطفى لعريصة، مدير المكتبة، بالشراكة المثمرة بين دار الشعر بمراكش والمكتبة الجامعية الرقمية، منوها لخصوصية تنظيم المنتدى الحواري حول موضوع راهني وغير مسبوق على مستوى التناول الأكاديمي: "الشعر من منظور النقد الثقافي"، في محاولة لتلمس سمات استقرائية للخطاب الشعري، على ضوء ما حققه النقد الثقافي من حضور في النظريات النقدية الحديثة.
الشعر من منظور النقد الثقافي
وركزت مداخلات النقاد: عبدالرزاق المصباحي، جليلة الخليع، ورشيد الخديري على تحديد تقاطعات الاستقراء، في علاقة التواشج الممكنة لأسئلة المقاربة، .. في سعي حثيث لمراجعة منجزنا الشعري، على ضوء ما تطرحه النظريات النقدية الحديثة من رؤى، وأيضا لمحاولة تلمس واستغوار بنيات النص الشعري وأسئلته. إن استدعاء النقد الثقافي، في علاقة وطيدة بمقاربة النص الشعري، وأيضا على اعتبار هذا المبحث الحيوي القادر على تفكيك وتحليل الخطابات، واستفادته وانفتاحه على حقول معرفية تهم الدراسات الثقافية.
وقدم الشاعر بدر هبول شعراء "أصوات معاصرة"، حميد العمراوي وفاطمة بلعروبي وعبدالصمد الزوين.. إذ قرأ الشاعر العمراوي نصوصا قصيرة، تنحاز للتفاصيل الصغيرة، حيث أضاء عتمات المنسي. فيما غردت الشاعرة الزجالة فاطمة بلعروبي، الشاعرة "الدكالية"، وهي تنادي "حروفها" كي تنسج لصوت المرأة تفردها، أما عبدالصمد الزوين، أحد إشراقات الدار، فقرأ عن وهم التلاقي.
واحتضن المعهد العالي للصحافة والإعلام بمراكش، فقرة محاورات.. مع مكرمي المهرجان الشاعر محمد بوجبيري والشاعر والفنان علي شوهاد والباحثة عزيزة عكيدة، وحاورهم الإعلامي والباحث د. عبدالصمد الكباص، في فضاء الأستوديو الكبير بمشاركة الإعلاميين الشباب من طلبة المعهد، واعتبر الباحث الكباص أن اللقاء يعتبر وثيقة "سيرية" أساسية للتأمل، على ضوء العديد من الإضاءات التي تناولت الشعر المغربي وحوارية الفنون وخصوصية الشعر الحساني و"التبراع".
شعر وحوارية الفنون
والتقى الجمهور الغفير، الذي حج لمتابعة فعاليات المهرجان وفقراته يوميا، ببرنامج "نبض القصيدة" حيث أضاء الشعراء محمد بودويك وعائشة ادكير ومحمد بوجبيري وصالح أيت صالح، وضمن الاحتفاء بالتجارب الشعري وأجيالها المختلفة، ديوانا متعدد الأصوات يمثل مختلف الأنماط الإبداعية الشعرية المغربية. الشاعر بودويك من التجارب الرائدة والتي تنصت لحداثة النص الشعري، الشاعر بوجبيري، مكرم الدورة، وهو يفتح قصيدته على اللانهائي والكينونة، والشاعرة إدكير التي ترى في القصيدة العمودية نبضها الخاص، واختتم الشاعر والكاتب صالح آيت صالح جلسة القراءات، والتي أشرف على تنسيق فقراتها الشاعر مراد القادري رئيس بيت الشعر في المغرب.
وخصص المهرجان، وضمن الاحتفاء بالتجربة الشعرية والثقافية الصينية، برنامج "أبجديات وموسيقى وكوريغرافيا"، للثلاثي الشاعرة الصينية ليو جينتز ورافقتها المترجمة باي شيوي والعازفة على آلة "الأرهو" الفنانة جانغ تونغ، فيما حضرت في الكوريغرافيا الفنانة الصينية أينيغير. لوحة شعرية وفنية بديعة، في حواري شعري مع الفنون، قصيدة الخالد المنفي وهي تحتفي بالقمر.
وبحضور أزيد من 100 مرتفق ومرتفقة من الفوج الثامن لورشات الكتابة الشعرية، احتضنت قاعة "بيركولا" صباح اليوم الثالث من الفعاليات، قراءات شعرية ل "شعراء قادمين الى المستقبل" وبمشاركة أيوب الكوماوي وآمال الغريب وليلى يزان ولحبيب لمعدل، ومن تقديم المترجمة مريم إتجو.. الشاعر أيوب كوماوي، قرأ "عزفه على نزف الخطى" واستردت الشاعرة أمال الغريب صورة سوريالية كي تعري حالة التيه فيما استكملت الشاعرة ليلى يزان بنصيها الأمازيغي و"كافات" الشاعر الحساني لحبيب لمعدل ديوان الصباح.

حفل الاختتام
وأسدل الستار على فعاليات الديوان السابع لدار الشعر بمراكش، من مهرجان مراكش للشعر المغربي، بفقرة "رؤى شعرية"، حيث توقف الشاعر نجيب خداري عند دلالة المهرجان وتجربة دار الشعر بمراكش، في سياق ما يشهد العالم اليوم، كما نوه لعلاقة الشراكة الثقافية المتينة بين وزارة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة. وافتتحت جليلة الخليع برؤاها البصرية "محفل القصيد"، وأتمم بوبكر لمليتي وهو يرتحل بين قصيدتيه، فيما رأت نوال الوزاني ضوء الاحتمال الذي "خان" توفيقي بلعيد، حيث فتح الفقد ما تبقى.. إذ التئم كل من الشاعريين والفنانين محمد نورالدين بن خديجة والمهدي حلباس، في حوار "أبجديات وكوريغرافيا" ليصبح حوارا شعريا خالصا. وأحيى الفنان عصام سرحان، الحفل الختامي للمهرجان، والذي اختار الاحتفاء برموز الشعر المغربي ورواده الى جانب الاحتفاء بالأجيال الجديدة. سرحان الذي غرد على خشبة المهرجان، وصدح بالقصيد في "سماوات الجمال" ليلتقي بهاء الحرف بسحر الكلمة وبصوت يحلق بدون حدود.
شهد المهرجان حضورا جماهيريا كبيرا، وشكلت دورته السابعة، في مدينة وسمت ب"سبعة رجال" لحظة ثقافية استنثائية، احتفت بأجيال وتجارب وحساسيات الشعر المغربي. لحظة معرفية وثقافية، قدمت بعضا من سمات وملامح التجربة الشعرية اليوم، ضمن سياق انفتاح بليغ من المهرجان على شجرة الشعر المغربي الوارفة وعلى تجربة "بلد الحرير" الصين، ضمن انطلاق البرنامج الثقافي والشعري لدار الشعر بمراكش في موسمها التاسع.