| جاهدتُ دهري للحروف وصولا |
وقرأتُ كي أستكشف المجهولا |
| وكتبتُ نفسي بالحروف مفصلا |
للشاهدين عقائداً وميولا |
| ونشرتُ من قلمي النفيس ممنياً |
ان أستزيد معارفاً وأصولا |
| وقضيتُ عمري باحثاً ومفكراً |
وركبتُ أمواجَ الكلام سجولا |
| وهضمتُ من خير المعارف كتفها |
وملأتُ أركانَ البحوث دليلا |
| ونشرتُ من جمّ العلوم سوابقاً |
حتى علوت بأرضها التفضيلا |
| فاسألْ إذا شئت العلومَ وطبّها |
ستُريك إسمي كالنجوم جليلا |
| وزرعتُ في سبخ مشاتلَ أزهرت |
من طول صبري خضرةً وفسيلا |
| فتكاثرت عبر الفصول وأينعت |
حتى غدت للجائعين نخيلا |
| وترومُ نفسي للعلوم فلم أجد |
فيها لكشف المعجزات بديلا |
| فتسابقت للمنجزات أناملي |
حتى استمالت صبيةً وكهولا |
| واسألْ عن الأعلام هل نشرت لهم |
مثلي المنابرُ ندرةً وأصيلا |
| ما كان غيري في البحوث منوّعاً |
أو كان في حب الحروف مثيلا |
| هل كان غيري في البحور مميزاً |
أو كان يعلو موجها تفصيلا |
| كانوا لبحر مثل ناطر جوهر |
يدنو السواحلَ زاحفاً وجفيلا |
| ورأيتُ في نفسي ملامحَ من به |
يسموالقريضُ منابعاً وسهولا |
| فملكتُ رأس الشعر حين بدأته |
وتركتُ ندّي في الذيول نزيلا |
| وملكتُ تاج الشعر رغم حداثتي |
فعلوت شبرا فاعتلى التبجيلا |
| وتراقصت فوق اللسان معانيُّ |
فغدت لنهضتها الحروفُ خيولا |
| وملكت تاجَ الشعر بعد تذوقي |
تاجَ العلوم مصادراً وأصولا |
| ورقدتُ ليلي والطموحُ يشدني |
للعيش، لم أبال رحيلا |
| لم تعلُ نفسي الكبرياءُ تفاخراً |
أو دقّ قلبي للغرور طبولا |
| ووقفتُ أقرأُ حالتي حين الردى |
قد ساقَ مني صاحباُ وخليلا |
| فتوهجت في مقلتيّ مذلةٌ |
وغدت عليّ النائباتُ رعيلا |
| فصفعتُ نفسي واقتلعتُ شذوذها |
ورميتُ منها عقدة وغليلا |
| ما كنت أبحر في العلوم لعقدة |
أو كنت في بحرالقريض صليلا |
| لولاك يا معطي الكثيرَ تفضلاً |
ومسنناً في رزقك التعليلا |
| ما كان قولي شامتاً أو مادحاً |
أو كان يوماً للطغاة زبيلا |
| ما ذمّ حرفي في الخليقة كائناً |
بل كان يرجو في القفار ظليلا |
| ما كان نشري للحروف تباهياً |
او راجياً من ناقد تهليلا |
| بل كان حبري، لا يزال مؤملا |
لطف الجليل شفاعةً وقبولا |
| نسكي وعمري للكريم ومحبري |
مثل الغمائم لن يجف هطولا |
| ان كنت أبني في الحياة فإنّما |
أبني لآخرتي هدى وسبيلا |
| يا مالكاً تحيا الملوك بملكه |
ويحيل أنف الكبرياء ذليلا |
| قد كان همي في رضاك يقودني |
وأجاد شكري في ولاك جزيلا |
| ومنحتني رغم الجهالة وسعةً |
وفككت ثغري مُلهمَا وذلولا |
| فإذا بحرفي من كتابك يستقي |
دربَ الرشاد ويتبع التنزيلا |
| ويطلّ في جذر العقول مسدداً |
جيلا الى درب الصلاح فجيلا |
| ما كان ذكري للخصال كنزوة |
أو كنت فيها للغرور حليلا |
| لكنها ذكر لنعمة واهب |
ساق النعيم الى الجهول وصولا |
| فعلُ الخلائق قدرة من مودع |
قد صاغ فيها فطرة وسبيلا |
| الحرفُ قولٌ والرقيبُ مسامع |
يصغي ويظهر كالجبال ضئيلا |
| لا تحسبنّ ضئيل قولك خافياً |
فلعله عند الحسيب جفيلا |
| النشرُ تعليمٌ يعين مداده |
لوحَ الصفوف معارفاً وفصولا |
| النشرُ ثغرٌ والحروفُ لسانه |
يحيى الخلود إذا يجودُ جميلا |
| لا خير في نشر يعيدُ بيانه |
ما قيل دهراً او يضيرُ عقولا |
| ما أكثر النشر المجلل بالدجى |
وبه المنافقُ يرتقي التحصيلا |
| لن يسعف الكبرُ العباد وإن علت |
يوماً تطول مصيرها المجهولا |