اليوم العالمي للتضامن الإنساني
أعلنت الأمم المتحدة في مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية والذي عقد يوم 17 مارس عام 2006 تخصيص يوم 20 ديسمبر من كل عام يوما عالميا للتضامن الإنساني حيث التزمت الحكومات بالقضاء على الفقر باعتبار ذلك حتمية أخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية للبشرية وإحدى القيم الأساسية والعالمية التي ينبغي أن تقوم عليها العلاقات بين الشعوب
في عالمٍ تتبدّلُ أحوالهُ بسرعةٍ شديدة، ويواجه أزماتٍ متزايدة تضعُنا جميعًا أمام مسئولياتنا الإنسانية يبرز يوم التضامن الإنساني كمنارةٍ ومصباح لتذكّرنا بأهمية أن يكونَ الناسُ يدًا واحدة في مواجهة الجوع والظلم والعوَز فهو يومٌ يسلط الضوء على القيم النبيلة التي تربطنا كبشر مهما اختلفت ثقافاتنا وأدياننا وأعراقنا ويُعد يوم 20 ديسمبر دعوة ملحّة للجميع للتفكير والعمل من أجل عالم أكثر ترابطًا ونشر الوعي بأهمية التضامن حيث يصبح العطاء والرحمة والتكاتف لغة مشتركة بين جميع البشر ويكون صون الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الهدف الأسمى لكل فردٍ ومجتمع .
يتأكد مفهوم التضامن الإنساني حين تعرفُ أن لك أخًا لا يجدُ ما يسدُّ جوعه وجوع أطفاله في مكانٍ قد يبعُد عنك آلاف الكيلو مترات ومع ذلك فإنك تكادُ تسمعُ قرقرة أمعاء صغاره وأنت أمام مائدتك وتشعُر في أعماقك بوجوب إطعامه وحين تسمعُ أنّ هناك أُسرٌ لم تعُد تعرفُ معنىً للدفء ولا تجدُ سقفًا يستُرُ خوفهم وبريدهم فتكادُ تسري في جسدك رعشةُ البردِ وأنت في سريرك الدافيء وتعلمُ في قرارة نفسك حتمية مساعدة هؤلاء بالكسوة والسقف والدفء لأن المأوى حقٌّ لنا جميعًا .
هذا هو التضامن الإنساني .. شعورٌ عميقٌ يُترجمُ إلى أفعالٍ تشدُّ من قوة نسيجنا الإنساني الواحد وفي كل مرة نمدُّ يد العون لمحتاج فإننا نتجاوزُ حدودَ الفردانية ونخرجُ من فقاعة التمركز حول الذات ونبني جسورًا من الترابط والدعم بين المجتمعات سواءٌ كان ذلك عن طريق مشروعات التنمية المستدامة أو دعم اللاجئين أو توفير الغذاء للمحتاجين أو بناء مدارس للأطفال في المناطق النائية أو الإسهام في توصيل حق المأوى أو العلاج أو شربة ماءٍ نظيفة لمن يحتاجها فإن كل فعل تضامن يكونُ خطوةً في سبيل مواجهة التفاوت ويسهم في تقليص الفجوة بين الحلم بعالمٍ متكافلٍ رحيم وسعيد وبين الواقع الذي نعيشه بكل تحدياته .
لقد سبق الدين الإسلامي تلك الدعوة بقرون زمنية عديدة فالتضامن الإنساني في الإسلام مبدأ أساسي يقوم على التعاون على البر والتقوى ووحدة الأمة والرحمة بالضعيف وهو شامل للمسلمين وغيرهم ويتجلى في أشكال متنوعة كالزكاة والصدقات والتكافل الأسري وحق الجار والتعاون الدولي ويهدف إلى بناء مجتمع متراحم وقوي يواجه تحديات الحياة ويُعد جزءًا لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية التي تسعى لسعادة البشرية جمعاء.
