الفِيلُوفِيلُوصُوفْيَا
(مَحَـــبَّةُ مَحَـــبَّةِ الحِكْــمَةِ)
أُفضّلُ أنْ يُعْصَرَ دِمَاغِي بِالأَسْئِلَةِ كَقُمَاشٍ نُظِّفَ مِنْ أَجْوِبَةٍ رَاكِدَةٍ عَلَى حَوَافِّهَا الطَّحَالِبُ القَدِيمَةُ، وَمَاؤُهَا تَسْبَحُ فِيهِ الحَشَرَاتُ.
وبُعْدًا لِعَقْلٍ رَاكِدٍ فِي شَوَارِعِ النّاسِ كَبَقَايَا طَعَامٍ تَحَلَّلَ فِي آنِيَةٍ مَنْسِيَةٍ فِي مَطْبَخِ كَسُولٍ.
"لَا تُعَلِّمُوا أَوْلَادَكَمُ الفَلْسَفَةَ؛
أُرِيدُ أَتْبَاعًا!!
لَا تَتْرُكُوا أَرْضًا لِلْحِكْمَةِ
أُرِيدُ مَحْوًا لِلْجَسَدِ الذِّي يَعْبُرُ الطَّرِيقَ مُعَاكِسًا..
أَنَا الحَقِيقَةُ المُطْلَقَةُ".
لَمْ يَقُلْهَا قَصْدًا.. أَوْ بِالصّرَاحَةِ
بَلْ رَأَيْتُ "لَاوَعْيَهُ" مِنْ نَافِذَةِ الزَّلَّاتِ..
يُطِلُّ بِرَأْسٍ صَغِيرةٍ جِدًّا..
وَلِسَانٍ أَفْطَحَ كَسَجَّادَاتٍ فِي "البَازَارْ"
وَذَقْنٍ يُشْبِهُ مُحِيطَ ثُقْبِ تَصْرِيفِ المِيَاهِ فِي
الحَمَّامَاتِ العُمُومِيَةِ.
مَاذَا يُنْتَظَرُ مِنْ رَجُلٍ لَا يَرَى فِي مِرْآةْ أَيَّامِهِ إِلَّا
الحَقِيقَةَ
كَامِلَةً.؟
يَشْتَهِي جَسَدَهَا وَقَدْ أَلْبَسَهَا يَبَاسَ المَعْنَى، وغَطَّى أَصَابِعَهَا بِقُفَّازَاتِ سَمَاوَاتِ "الشَّرْقِ" وَأَرْضٍ عَلَى ضِفَافِ الهِمَالَايَا مَازَالتِ الأنْهَارُ فِيهَا تَجْرِي بِالخُرَافَةِ،
وَرَبَطَ الدِّمَاغَ مِنْهَا بِالأَرْدَافِ، فَصَارَ قَلْبُهَا أُرْجُوحَةً بِحِبالٍ تُشَدُّ إِلَى العَانَةِ وَالحَلَمَاتِ، وَقَالَ لَهَا: أَنْــــتِ فِتْـــــنَةٌ.
ومَدّ لَهَا وَعْدًا لَيْسَتْ فِيهِ، ثُمّ فضّلَ عَلَيْهَا القَادِمَاتِ فِي البَرْزَخِ، وعَلَّمَهَا أنْ تَخَافْ.
الأتْبَاعُ أَبْقَارٌ يَرْعَاهَا سَلَوقِيُّ الخَوْفِ. يَتَكَاثَرُونَ كَجَرَاثِيمِ المَجَارِي، وَيَسْمَنُونَ كَخِرَافٍ تَرْضَعُ مِنْ أَثْدَاءِ وَسَائِلِ التّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِي..
فَهَبَطَ البُــــــــرْهَانُ حِينَ أَكَلَ مِنْ شَجَرَةِ الاسْتِهْلَاكِ
وَطَلَعَ الخــِـــــطَابُ حِينَ تَدَلَّى إِلَيْهِ زَغَبُ اللِّحَى الطَّويِلِ فِي شَاشَاتِ الهَوَاتِفِ المُنْتَشِرَةِ
وَالعــِـــــــرْفَانُ دَخَلَ غَارًا أَبَدِيًّا وَفَضَّلَ الهُزَالَ والزُّهْدَ عَلَى دُمُوعِ الخِطَابِ التِّي تُسْكَبُ فِي القَلْبِ، كَمَا يُسْكَبُ السَّائِلُ الحَارِقُ وَلَا دُخَّانْ.
وَمُذْ نَبَتَتْ الحُجَّةُ قُرْبَ طَلْحِ الجَنُوبِ
والشَّكُّ بِرَقْصَاتِهِ الصَّاعِقَةِ دَقَّ أَوْتَادَهُ فِي القَرْنِ الجَدِيدِ
رَأَيْتُ
الفَلْسَفَةَ تَضَعُ قَدَمَهَا
عَلَى لُغْمٍ ضَخْمٍ عَابِرٍ لِلْقُرُونِ
وتُمْسِكُ بِيَدِهَا ثَوْبَ غِيلَانٍ تَحْلُمُ بِالفَنَاءِ
وَلَا تَنْفَكُّ تُوقِظُ الحَيَاةَ مِنْ غَيْبُوبَةٍ
تَحْذِيرًا مِنْ اخْتِلَالٍ زَرَعَهُ الإٍنْسُ فِي سَوَارِي الوُجُودِ.. ويُوشِكُ أَنْ يَسْحَقَ الدُّنَى.
ورأيتُ الفلسفةَ
تَدْخُلُ الدُّرُوبَ المَنِيعَة فِي العُـــــقُولِ لِتَعْثُرَ عَلَى زِرِّ مَصَابِيحَ مُخبّأة فِي جُيوبِ الدَّهشـَـــةِ والسُّــــؤالْ.