السبت ٨ أيار (مايو) ٢٠١٠

اللقاء السابع ليوتوبيا في غزة

محمد السالمي

 استضافت يوتوبيا "التجمع الشبابي من أجل المعرفة" في لقائها السابع الشاعر ياسر الوقاد ليقرأ بياناً شعرياً بعنوان "سريرٌ لمخاض المرأة الخضراء" عقبت عليه الناقدة أمل عبيد والكاتب علي أبو خطاب، بإدارة الشاعرة ديانا كمال. نوّه الكاتب محمد السالمي بدايةً لتأجيل الشاعر باسم النبريص محاضرته عن"الفلسفة والشعر" بسبب مرافقته لأخيه في رحلة علاجه إلى مدينة القدس، كما تقدم السالمي بإسم التجمع الشبابي من أجل المعرفة بالتعازي للشعب الفلسطيني و لعائلة المرحوم الشاعر محمد حسيب القاضي الذي ينوي تجمع يوتوبيا تنظيم لقاءً تأبينياً له قريبا، وكما قدم التعازي أيضاً برحيل المفكر المغربي محمد عابد الجابري الذي ناقشت يوتوبيا في إحدى لقاءاتها كتابه "نقد العقل العربي".

رحبت كمال بالحضور وقدّمت الشاعر الوقاد ليقرأ ما يراه نصاً وما نراه أشبه بالبيان الشعري. شكر الوقاد واحة يوتوبيا الإبداعية ودعا للتوقف قليلاً أمام غابات الشعر التي حرقتها الحرائق. وانتقد حوار الحضارات وما بعد الحداثة، رأى الشاعر في نصه أن التحولات الشعرية العربية: عمودية، تفعيلية ونثرية مجرد لعبة شكلية، وأكد أن الشعر هو صورة الله في حياتنا المعتمة، وليس دوياً يصخب في المكان وسرعان ما يزول. كما أشار إلى أن الشعر المعاصر فجّر الكثير من آبار الشعر القديم المجهول، لكن شعراءنا ونقادنا اهتموا بالتسميات وأوقفوها عند سياج الشكل. يرى الوقاد أيضاً أن ما أوصلنا إلى هذه الحالة هو الانسياق للحداثة الطارئة وليس تفجر الطاقة الشعرية.رأى الوقاد في كثير من القصائد اختلاط انساب-من التراث أو الترجمات-أكثر منها أصالة مما جعل الناس تعزف عن الشعر.وأخيرا دعا لحداثة الرؤيا لا الرؤية وللقصيدة البشرية الخضراء العذراء القديسة النبية.

الناقدة عبيد لمست في هذا النص درساً شعرياً يحث ويدعو للجانب الإنساني من الشعر. واتفقت عبيد مع الوقاد على أهمية أن يكون الشاعر مرآة من مرايا الله التي هي مرايا الحق. دعت عبيد لما رأت الوقاد يدعو له من الحذر عند كتابة الشعر والاهتمام بالمضمون الإنساني الباقي فينا، لأن الإيقاع الحقيقي هو إيقاع المضمون وليس الشكل. وأكدت كذلك على أن الشعر أعظم رسالة على وجه البسيطة، لأنه في ذاته الحقيقة، وأشارت إلى أن الوقاد يتلمس في نصه حقيقته المبعثرة، ثم تمنت أخيراً أن تعود لنا الذاكرة التي نحتاجها.

الناقد أبو خطاب حيّا الشاعر والناقدة، وتساءل: هل بالفعل انتهى زمن المدارس الأدبية والجماعات الشعرية؟ ثم أكد أن الشاعر الوقاد عبّر عن شريحة كبيرة من الشعراء في نص يمزج بين الشعرية والنقد. تحدث أبو خطاب كذلك عن ميتافيزيقا الشعر، ويرى أن في قول "الشاعر قنديل نبوة" ما يذكرنا بتأكيد رامبو وادونيس من بعده أن الشاعر رائي ونبي . تطرق أيضاً لعقدة أوديب الأدبية وأبوية كل قديم في الكتابة يحاول أن يفرض نفسه على قصيدة العصر. وامتدح أبو خطاب في البيان عصريته بدعوته للقصيدة المعاشة .وتساءل: هل فعلاً قصيدة النثر نقلة فكرية أم مجرد نقلة شكلية؟ الإجابة عنده كانت بالنفي فلا يتفق بذلك مع الوقاد وضرب مثلا بالصوفيين الذين كان نصهم النثري الشعري أو قصيدتهم النثرية تجديدا في الفكر كما في الشكل، ثم أكد على أن الرائد في أي شكل شعري ليس بالضرورة صاحب النص الأفضل، و اقر أبو خطاب بأن الشعر الحقيقي باقٍ لا يتبدد، لأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض أما الزبد الشكلي يذهب جفاء، ويري أبو خطاب القصيدة عشتارا عذراء أبدية، متجددة وخضراء على الدوام.

بدأ الكاتب يحيى رباح مداخلات الحضور بدعوته الشعراء أن يكفّوا عن النقد ويلتفتوا لنصوصهم الشعرية ويعطوها كل اهتمام، ورأى أن النص الشعري يجب أن ينأى بصاحبه عن التنظير والدعوى له، حيث شعراء قصيدة النثر قد أفقدوا قصيدتهم روحها لكثرة الدفاع عنها، ودعا لترك القصيدة تسبح في فضائها حتى تصل بطريقتها. الكاتب عبد الكريم عليان أرجع سبب التزام النصوص القديمة بالقافية والوزن لضرورات حفظ النص وتناقله وتيسير تداوله في وقت كانت الكتابة فيه الاستثناء، ورأى في هذا حاجة ذاك الزمان المتباينة والمختلفة عن عصرنا الحالي، الذي لا يجب أن يُتعب كُتابه –برأيه- أنفسهم للهجوم على القافية والوزن. الكاتب هاني السالمي أشار إلى حداثة نص الوقاد بصوره الشعرية، ورأى أن المداخلات كان ينقصها الجدل مع صاحب البيان ودعا لكتابة الجديد لا القديم. الكاتب عبد الرحمن شحادة أكد على حضور المدارس الأدبية بفكرها الباقي للآن، الشاعر سليمان الحزين انتصر لقصيدة النثر. الشاعر عبد الفتاح شحادة ألمح إلى أن زمن النبوات الشعرية انتهى، وأن الشاعر إنسان يكتب ويحاول.

في معرض الرد على مداخلات الحضور أكدت عبيد أن مداخلتها جاءت تلقائية عفوية كردة فعل على نص جميل استفز إحساسها النقدي، واعتذرت على عدم اكتمال ورقتها،أما أبو خطاب فقال انه أحيانا الشعراء الكبار هم غالباً نقاد كبار مثل ت. س.إليوت وأدونيس" وأشار إلى أن الجامعات الغربية تستضيف الشعراء لإلقاء محاضرات حول الشعر. أضاف أيضاً أن الهجوم ليس على الوزن كشكل وتقنية، بل كسجن للشعرية. وأكد انه تجادل مع الوقاد وخالفه في أن قصيدة النثر مجرد زى، وأشار إلى مقولة الشاعر عزرا باوند الشهيرة "جرب الجديد"، و أبدى أبو خطاب أسفه لضيق الوقت الذي لم يسمح بإعداد مادة أفضل للقاء بعد اعتذار الشاعر النبريص، ورأي أخيرا انه إذا كان شعر التفعيلة ينتمي لزمن الحداثة العربية فان الشعر الحر وقصيدة النثر والنص المفتوح إجمالا تنتمي لزمن ما بعد الحداثة العربية.

في الختام أدان الناشط رامي مراد باسم تجمع اصحى الشبابي ويوتوبيا "التجمع الشبابي من اجل المعرفة" استمرار اعتقال الكاتب مهند صلاحات على خلفية كتاباته السياسية وانتقاده الفلتان الامني وأكد على حرية الكلمة أينما كانت.

محمد السالمي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى