بَيْتُنَا
بيتنا في الأساسْ:
غرفتان خياليَّتان
لأنهما
في حقيقة أمرهما
غرفة
يعتريها شكلانِ
أو زمنانِ شقيقانِ
إذ تارة لا تكون سوى للجلوسِ
وتاراتٍ نستخدمها للنُّعَاسْ.
من ينام بداخلها
لا يحلم فيها لغيرهِ
ذاك الذي
للغرفة أدخلهُ،
فلقد خانهُ
ثم غيَّرهُ
مثلما غَيَّرَ الشكلَ من شكله
واللباسْ..
هكذا.. هكذا هم خِيَارُ الأُنَاسْ..!
لكنه بعد قليلٍ
سيلقي إليه يدًا
ويعودُ
وفي فمهِ
ضِحكةٌ صفراويةٌ
ووعودُ
وفي عينهِ
لمعةٌ شيطانيةٌ
وجحودُ
وكمٌّ من بهتان الحماسْ..
سيقول: أنا منكُمُ
قبل أن يولد اسمي
في الغدِ
من أسمائكُمُ.
سيقول: أنا لكُمُ
إن وثقتم بي
ثانية
وخنتم عيونَكُمُ.
سيقول: أنا ما نَسِيتُكُمُ
إني أعرفكمْ جميعًا
من أصواتِكُمُ
هي من نوَّمتني في بيتنا
خمسةَ أعوامٍ
ونامت عني
خمسة أعوامٍ
شكرًا شكرًا
شكرًا لكُمُ.
ثم يسمح للبعض أن يلمسوا يدهُ
ويسيروا أمتارًا جَنْبَهُ
فغدا سيرون على صدرهِ،
لحصانتهِ،
"لا مِسَاسْ".
هكذا شأنُ من هان شأنَهُ
حَتْمًا يُسَاسْ.
والمنامات في بيتنا
مع أحلامنا
غير قابلة للقياسْ
فهما سيفان غريمان
سيف لنا
يحمي حقنا
في انتماءاتنا
لحياة البشرْ
وحسام علينا
– حسبناه يوما لنا –
يحمي فقرنا
كل يوم
باسم القدرْ.
هكذا دينُ من هان دينَه
حَتْمًا يُداسْ.
ولأن الوسائدَ في بيتنا
مستواها عريضٌ
مناماتنا
يَعْبُرُهَا خيالٌ مريضٌ
فتحيا نواميسَ،
أعني كوابيسَ
ندعوها بالنظام الأساسْ:
فخريف العمر سيربو على ستينْ
وربيع الأجر سيربو سِنِينَ سِنِينْ
وسيصبح حَقُّ الحَقِّ
لنيل الحَقِّ
يُسَامُ بسعر أعلى
وطعم القهر المُرِّ
مع الإدمان
على النسيان
مريئا بل أحلى.
هكذا قَدْرُ من لا قَدْرَ له
حَتْمًا يُقَاسْ.
لكني غدًا
عندما يأتون فرادَى
إلى أحياء مدينتنا الميتينَ
يطوفون مرددينَ
بصوت المنادَى
خطابَهُمُ المشروخَ اللعينَ
أقول لَهُمْ
لن أُغَنِّي لَكُمْ
فحبالي الصوتيَّهْ
قبضت من أثر الرُّسْلِ عَطِيَّهْ
صارت بعد الغُسْلِ نَبِيَّهْ
وستمشي تعلن في حرِّيهْ
لا مِساسْ
لا مِساسْ
لا مِساسْ