الاثنين ٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم عبد النبي حجازي

ثلاثة أجيال بساق مبتورة

ثلاثة أجيال بساق مبتورة: جيل الأجداد ضاع شبابهم في /السفر برّ/ ومجابهة الاحتلال الغربي والمعاناة من تمزّق الوطن أمام سمعهم وبصرهم، وجيل الآباء تاهوا في الانقلابات والخلافات والتسابق على السلطة، وجيل الأبناء (بناة المستقبل) نلقّنهم صغاراً، نفرغهم من الداخل، نجعلهم ببغاوات مؤطرين بلا أطر، منظمين بلا تنظيم، مجردين من التاريخ والجغرافية، ساخطين باحثين عن حلول فردية كصائدي الأشباح، ضائعين بين إرخاء اللحى، واللجوء إلى الدين، أومتماهين في الحياة الأمريكية.

ثلاثة أجيال على أفواههم الكمامات، وعلى أعناقهم السكاكين، واحدهم كالسلحفاة تجوع فتخرج فمها من قوقعتها لتأكل كي تحافظ على حياتها أو لتتزاوج كي تحافظ على استمرارها، وتغرق في سباتها الطويل؟

تأسست أول دولة عربية واحدة موحدة في العام 624م بعد هجرة الرسول (ص) إلى المدينة، واستمرت حتى العام 861 مع نهاية العصر العباسي الأول أي (237) سنة بعدها قامت دويلات صغيرة انفصلت عملياً عن مركز الخلافة، ثم جاء حكم المماليك، والدول المتتابعة ثم الحكم العثماني الذي انتهى في العام 1924. أي أن الدولة العربية ماتزال ممزقة على مدى (1147) عاماً وقد أصبحت (22) دولة بعضها متناقض مع بعض حتى إن التاريخ الذي يعيش في صدور العرب عشرين قرناً عند المسيحيين وخمسة عشر قرناً عند المسلمين وكان عبئاً ثقيلاً على الوعي تآكل حتى صار هشاً.

يقول الدارسون انطلقت النهضة العربية في أواسط القرن التاسع عشر عام (1850) تقريباً على أيدي الرواد الأوائل من مصر: 1ـ عبد الرحمن الجبرتي (1756ـ 1825) 2ـ رفاعة الطهطاوي (1801ـ 1873) ومن الشام: 3ـ احمد فارس الشدياق (1804ـ 1887) 4ـ بطرس البستاني (1819ـ 1883) 5ـ ابراهيم اليازجي (1847ـ 1906) وقد انبنت على ثلاثة أسس هي:

إدراك الواقع العربي الأليم من تخلف وجهل مطبق.

استلهام التاريخ أننا كنا أمة قوية متحضرة.

الانفتاح على العالم المتطور المتنوّر.

لكن هذه النهضة تجمّدت على الورق وانطوت في مجاهل النسيان، والواقع العربي يزداد خطورة سنة بعد سنة، والأخطر فيه مؤخراً المحاولات المغرضة في إيقاظ الحزازات الدينية، والطائفية، والمذهبية، وعادت العصبيات القبلية (الإقليمية) الجاهلية وبخاصة عند المسؤولين العرب تنمو وتشتد بين مظاهر من المصالحات الهشة، ونيات سيئة مضمرة رغم وحدة اللغة، ووحدة الماضي، ووحدة الألم، ووحدة المصير... وضاعت فلسطين، وضاع الجولان، وضاعت العراق.

فمن أين تأتينا كل هذه الويلات: من الاستعمار يتكالب علينا؟ من أنفسنا المشتتة؟ من فصام شخصياتنا بين ماض مفقود وحاضر منكود؟ من السلطات الحاكمة وهي ليست مستوردة من خارج الحدود بل هي منا "وكما تكونون يُولّى عليكم"؟

دلّني كيف ننتصر على أنفسنا وأعطني بارقة أمل وخذ ماشئت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى