خلف غياهب الصمت

أنا امرأةٌ مخضَّبةٌ بفيضِ دماءِ إخوتِها

تُهلُّ الدمعَ واقفةً على أطلال غُربتِها

وتَسمعُ من طبولِ الحربِ آياتٍ لسورتِها

مقاومة أنا امرأة ستحكي كُلَّ قصَّتِها

على علمي نجيع الورد أجفاناً لمقلتها

وظنُّوا أنَّها اشتبهت ، لذا اكتحلت بحمرتها

مكحَّلةٌ عيونُ الأرزِِ رغمَ جمالِ خُضرتِها

أصابعُ بأسِها رحَلَتْ رصاصاتٍ برميتها

ببعضِ أصابعٍ بَقيتْ ستكمِلُ رسمَ كُحلتِها

وبالعينينِ كم وقفتْ تقاومُ فقأ أرزتها

تسرِّح في ظلامِ الليلِ خيطَ مشيبِ غُرتِها

لتبنيَ من ركامِ الحربِ شباكًا لطلعتِها

وتلمسُ فوقَ مرآةٍ قد انكسرتْ بمقلتِها ـ

تَخاذُلَ شَعبِها العربيِّ أَمضى سبيَ نسوتِها

لنسْمعَ في غياباتٍ صراخاتٍ بجعبتها

فذئب الأخوة الحمقى يقدُّ قميص سترتها

ويدمى عزمُها المكتوف عند خدوش وجنتها

فرَوا من جسمها كبدًا لنيل مذاق لذتها

وكم شربوا كؤوسَ العارِ أنخابًا لغصَّتِها

انا امرأةٌ حزامُ الموتِ زنَّرَ خَصرَ ضِحكتِها
لذا انفجرتْ...جدارُ الصوتِ زلزلَ قلبَ طفلتِها-
لذا انكفأتْ ، بلا رئةٍ تُهدهدُ عَصْفَ شهقتِها

بلا رأسٍ على الجَبهَاتِ ترفعُ رأسَ عزتِها

انا امرأة بلا وجهٍ وتحفظُ خطَّ رحلتِها

بلا كفٍّ بفأسِ الضوءِ تكسرُ قلبَ عتمتِها

تعلِّقُ طفلَها الموءودَ فوقَ جبينِ نجمتِها

فإنَّ الصُّبحَ مرصودٌ بذِبْحٍ مِنْ أَحبَّتِها

ولولاها ستعرى الشمسُ منْ إشعاعِ صُفرتِها

أنا امرأةٌ مُرمَمَّةٌ ببعضِ جدارِ بلدتِها

وقد وقفت بلا ظهر لتُسنِدَ ظهرَ أمَّتِها

بلا قدم وتُربُ الأرضِ يعرفُ صوتَ خُطوتِها

وتغرسُها جراحُ الأرضِ أَوتاداً لتربتِها

وتغمرُ نَعلَها القاني لحفظِ جذورِ وردتِها

أنا يا سادتي امرأةٌ تهلِّلُ يوم زفَّتها

تهدهد أرزها المجروحَ فوق جبال قدرتها

شموخ الأرز في وطني دروسٌ من أجنَّتها

أسود الله في الهيجاء تُعرَفُ منْ أهلَّتِها

ستنجب ألفَ نصرِ الله في متراس عزَّتِها

مقاومةٌ أنا ولَّتْ وجوهاً نحو غزَّتها

وقد علمت بأنَّ الحجَّ مرهونٌ بنصرَتِها

فقِبلَتُنا تُديرُ الوجهَ شطرَ جلالِ قِبْلتِها

وصوتُ شهيدِها قَصفٌ على مِتراسِ جبهتِها

يُذِلُّ حصونَ قلعتهمْ يَدكُّ حديدَ قُبَّتِها

مقاومةٌ أنا امرأةٌ وطوفانٌ بوجهتها

وفلك الله محمولٌ على أمواج مهجتها

فلم تحزنْ لإنَّ اللهَ في الأقصى برفقتها