

دفتر
أُحْيِي كلَّ مَساءٍ
ما يئِدُ الدَّفترْ
ما يُصْبي قلمي..
ما يُغوي شِعري ..
ما يتوانى في أُفُقي
كسحابةِ صيفٍ لم تمطرْ
فهنا نجمٌ ..
حقلٌ يصحو ..
و هنا دربٌ
يتلوى في ليلٍ مُقْمِرْ
و هُناكِ مروجٌ سارِحةٌ
في عينيكِ
كوادي عَبْقَرْ
وَرْدٌ ثَمِلٌ
و حِكاياتٌ
قد تسفرُ
أو قد لا تسفِرْ
و عيونٌ مُتعَبَةٌ
تَحمِلُ في الأعماقِ بِحارًا
تُخفيها النظَراتُ
و تغفو
بين اﻷسطرْ
حُلمٌ للضفَّةِ يتراءى
حلمٌ بالضفةِ يَتَكسَّرْ
و شمالٌ كامرأةٍ نشوى
و جنوبٌ كقيامةِ حَفترْ
أسرحُ كالمدِّ و يَطويني
منتكسًا
كسرابٍ أبتَرْ
وعدٌ مأمولٌ لا يُثمرْ
كالفقر حِكاياتي
كالرحمةِ في عَينَيْ جائعةٍ
كالثورةِ في قلبٍ أسمَرْ
شِعري كالبحر يُراودُهُ
قمرٌ يغفو
و ضحى أشقرْ
* *
أطوي كلَّ صباحٍ
ما يَعِدُ الدَّفتَرْ
أسرارًا ما عادتْ تَخْفى
و خبايا ما عادتْ تَظهَرْ
و الشعرُ صباحٌ أقفرْ ..
نكبَتُـنا كالشِّعر و ضَيْعَتُـنا
كالربعِ الخالي غُربتُنا
كبقايانا ..
آثارٌ تاهتْ
في غرناطةَ غاويةً
كالليلِ الأحمرْ
* *
أُحْيِي كلَّ مساءٍ
ما يئدُ الدفترْ
أطوي كلَّ صباحٍ
ما يَعِدُ الدفتَرْ
أغفو .. أسهرْ
لِسُفورِ البدرِ إذا أسْفَرْ
وطنًا أجدبَ
مِن ذِكراه كتمثالين مِنَ المَرمَرْ
ما بينَ الدفترِ و الدفترْ
ضاعتْ خارطتي
و انحسرَ النسيانْ
و انكفأتْ قافيتي
كالموجِ الأخضَرْ ..
بين الدفترِ و الدفترْ
و أنا العربيُّ
أنا وطني المسلوب سأودِعُهُ
أجفانَ الحورياتِ
لتحرسَهُ
عينا عَشْتَرْ
مِثْـلُ أريجِ البَحرِ مَدًى
هُدْبانِ كغاباتِ العَرْعَرْ
ليلٌ أسطوريٌّ يَسطو
كالسِّحرِ على مُقلةِ أحْوَرْ
و بها مرْجٌ يَمْتَدُّ و يَمْتَدُّ
كصيفٍ مُدْبِرْ
بَلَدٌ مسلوبٌ مُستَعمَرْ
مِنْ عُدْوَةِ طارقَ حَتّى
أطلالِ الآطامِ بِتَدْمُرْ
وطنٌ ..
يأبى أنْ يَتَحَرَّرْ
و غُزاة البَحرِ
لصوصُ الوَحْيِ
سطوا بالليلِ على البَيْدَرْ
ليلٌ مَخدوعٌ لا يَقْصُرْ
يأسِرُ أنفاسي كالدفترْ