

رقصةُ الزّرزور
مَا زَالَ غَرْبُ الْأَرْضِ يَشْوِي شَرْقَهَا
شَيَّ الْخِرَافِ تَحْتَ أَنْظَارِ الْعَمَى
الْكَوْنُ فِي صَمْتٍ مُرِيبٍ قَاتِلٍ
بِالْقَبْوِ تُخْفِي دُمْيَةٌ بَيْتَ الدُّمَى
اِسْمَعْ صَدَى الْخِنْزِيرِ يَحْكِي فِي الْمَدَى
لَمْ يَشْهَدِ التَّارِيخُ مِثْلِي مُجْرِمَا
كَمْ أَعْشَقُ الْفَوْضَى وَعِنْدِي قَدْ غَدَا
سَفْكُ الدِّمَاءِ لِي كِتَاباً مُحْكَمَا
لَا يَقْتُلُ الْأَطْفَالَ إِلَّا سَافِلٌ
نَذْلٌ حَقِيرٌ لَا يُسَاوِي حِصْرِمَا
وَجْهاً لِوَجْهٍ قِفْ وَقَاتِلْنِي أَنَا
إِنْ كُنْتَ فِعْلاً رَجُلاً تَحْمِي الْحِمَى
قَاوِمْ وَلَا تَسْأَلْ عَنِ الْأَعْرَابِ مَا
دَامُوا سُعَاةً فِي مَوَاخِيرِ اللَّمَى
مِنْ غَزَّةَ الْأُنْثَى رِجَالٌ أَفْلَحُوا
أَنْ يَفْتَحُوا بِالْأَمْسِ أَبْوَابَ السَّمَا
أَنْ يَدْخُلُوهَا ظَاهِرِينَ الْيَوْمَ أَوْ
غَداً يُزِيحُ الصُّبْحُ لَيْلاً مُظْلِمَا
يَا طَائِرَ الزَّرْزُورِ عَلِّمْ جَهْلَنَا
مِنْ عِلْمِكَ الْأَسْمَى وَقُلْ كَيْ نَعْلَمَا
إِنَّ الشَّتَاتَ الْآنَ لَا مَعْنَى لَهُ
فِي سِرْبِنَا مِنْ حَقِّنَا أَنْ نَحْلُمَا
بِالرَّقْصِ رَقْصاً وَاحِداً مَهْمَا جَرَى
نِكَايَةً بِمَنْ نَكَى جُرْحاً هَمَى
عَاشَتْ فِلِسْطِينُ الَّتِي تُبْقِي يَدِي
فِي كَفِّهَا الْمَحْشُوِّ جَمْراً مُضْرِمَا
وَالْمَوْتُ لِلْأَوْغَادِ مَنَّاعِي غَدِي
مِنْ أَنْ يَرَانِي أَرْتَمِي حَيْثُ ارْتَمَى
فِي لُجَّةٍ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ فِي
خَضْرَاءَ فِي حَمْرَاءَ أَطْفُو مُفْعَمَا
لَا تَطُفْ حَوْلَ الْبَيْتِ طُفْ حَوْلَ نَفْسِكْ
فِي اتِّجَاهَاتٍ عِدَّةٍ عَكْسَ رَأْسِكْ
دُرْ خَفِيفاً لَا تَلْتَفِتْ نَحْوَ ظِلٍّ
اِسْقِهَا وَالْعَطْشَى كُؤُوساً بِكَأْسِكْ
هَلْ سَأَلْتَ الْبَرْمَانَ شَمْعُونَ يَوْماً
كَمْ تَبَقَّى مِنْ عِشْقِ لَيْلَى لِقَيْسِكْ
مَقْطَعٌ سِرِّيٌّ لَهَا سَرَّبُوهُ
رَقْصُهَا الْعَارِي فِيهِ يَبْدُو كَبُؤْسِكْ
أَخْلَفَ الْمَدْعُوُّونَ وَعْداً وَعِيداً
مَا دَهَاهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا يَوْمَ عُرْسِكْ
كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يَحْضُرَ السَّرْوُ سِرّاً
ثُمَّ أَفْشَى الْمِجْرَافُ كِتْمَانَ فَأْسِكْ
لَمْ تَزَلْ مَطْلُوباً لَدَى أَمْنِ كِسْرَى
مُنْذُ أَنْ دَاهَمُوا مَقَرَّاتِ عَبْسِكْ
فِي قِرَاعِ الشَّكِّ الْيَقِينِيِّ قَارِعْ
لَا تُهَادِنْ مَا لَفَّقُوا ضِدَّ حَدْسِكْ
حِينَ تَخْطُو تَغْدُو الْخُطَى حَقْلَ قَمْحٍ
يَرْقُبُ الْجَدْبُ الْخِصْبَ جَرَّاءَ لَمْسِكْ
صَلِّ وَافْتَحْ أَبْوَابَ أَقْفَاصِهِمْ مِنْ
أجْلِ شُحْرُورٍ كانَ فِي نَفْسِ حَبْسِكْ