

رَحيقُ القلمِ شْعْره للوَطَنِ
أتُرانا حَقًّا بالأوطانِ نحيا؟
بَلى؛ وبالأوطانِ تَخْلدُ ذِكرانا
صوتٌ به يُسْمعُ حتّى همسُنا
رَسْمٌ به كُلُّ العيونِ ترانا
وبه ترانا أُمَّة ترسو قائمةً
كُلٌّ هو ونحن أمثالُ البِنانَا
إنَّ التاريخ أممٌ وإنْ عَلتْ
ترابٌ ضمتهُ أرضُ الأوطانَا
ذِكرُ الأوطانِ لهُ طَربٌ سامٍ
تشتمُّ في طيَّاته زهرةَ الريْحانَا
فما طربتْ روحي لِشعرٍ جِيدَ مَقالُهُ
سِوى ما للأوطانِ فيه مكانَا
وما قُلتُ نُطقًا فيهِ مُغالِيًا
ولكنْ هو منّي تجربةُ الزمانَا
فَكيف يُقالُ للأوطانِ كَلِمٌ
فيهِ شيءٌ من تكَلُّفِ اللسانَا
الروحُ بإدراكٍ منها وعتْهُ
وبِصِدْقِها كتبَ القلم بحقٍّ أمانَه
كُلُّ من أضحى لِبلادي مُعادِيًا
لنْ يرى مني وَجْهًا لإِنْسانَا
ولَا صاحَ وطني فِيَّ مُنَاديًا
إلّا فزِعَ لِفَزْعتِه كُلُّ الكَيانَا
فَطَاردَ مِنّي كلَّ جُبْنٍ قدْ بدا
أمَا فانظرْ ما تصنعُ الأَوْطانَا
رائِيًا الروحَ لِأَجْلِهِ تتوقُ قاصدةً
موتَ الأحرارِ في أرضِ المَيْدانَا
دَمُّ الشهيدِ كَبَحْرٍ هاجَ بِموجِهِ
قولُهُ يا وطني فِداكَ نزيفُ دِمانا
فسجدْتُ لله أدعوهُ راجِيًا
بِعلوِّ شأنِ شهداءٍ حَيُوا شُجْعَانَا
أَحْرارٌ ، أَشْرافٌ من أزلٍ شِيمتُهُم
لم يَرْضُوا لِيَوْمً ذُلًّا وهَوانَا
أعداءُ بِلادي دمِي الحُرُّ يعرِفهُم
إذا دَنُوا ثارَ عليهِم ثورةَ البُركَانَا
كُلُّ الوجوهِ منهُم وإنْ تعدَّدَت ؛ في لَمْحِها
أراها واحدةً كوجْهِ طيرِ الغِرْبانَا
بِنَصْرِ الأوطَانِ طابَ مَجيءُ الزَّمانِ
وبعِزَّتِهِ تَلاشَتْ أمامي الأَحْزانَا
هوَ في المحيا مَأْوى بهِ نَحْتَمي
وفي المَماتِ تُمزَجُ بِثَراهُ دِمانا
سبحانَ الله تجلّى خَلْقُهُ
في أَرْضٍ كانتْ بشعوبٍ أَوْطانَا
لَبلادي كَالشَّمس بِمَطْلعِها يَجيءُ
هناءُ الروحِ وكُلُّ الخيرِ أراهُ أتانا
قدْ عَهدتُ في الشَّمسِ عهْدًا أنَّهُ
إذا أَشْرَقَتْ أشرَقَ معها الوجْدانَا
أَقبِلْ يا زمانُ فإنَّني مَاضٍ
وسط السَّحابِ لَعلّي أُناشِدُ الأوطانَا
كُلُّ الشِّعْرِ إذا ما قُلناهُ كانَ
يُعبِّرُ صِدْقًا عنْ كُلِّ ما احْتَوانا