السبت ١١ حزيران (يونيو) ٢٠٢٢
بقلم نجيب طلال

صرخة بين الجرح والمجروح في عضو رجــل!!

قبــل القول:

تأكيدا بأن: المبدع والمسرحي: أحمد أمل، لم يأت من فراغ إبداعي وفكري؛ بل خابر وخابرته دروب الإبداع والحياة؛ مقـدما نفسه عن طواعية قربانا للركح من بداية السبعينات من (ق/ م) إلى الآن؛ عاشقا مهووسا بروحانية ديونيزوس وإلى الآن لازال يكافح ويجاسر، بما أتِـيّت قدرته الفكرية وطاقته الإبداعية، بحيث مؤخرا أصدر عملا له ما له من حمولة وتداخل الأجناس (جرح في عضو رجل) (1) بحيث فوجئت بعمل لم يكن في الحسبان؛ عمل جد مكثف بدلالات وصور عميقة جدا على شكل أحداث تفجرت من دروس وتجارب ومعاناة حياته الفنية والمهنية والعلائقية... ومن عمق نصوص أخرى؛ تتقاطع شخوصها كانعكاس لشخوص حياتية تبدو تركيبية تستمد قوتها من الحسّ و التجربة. وماهي بذلك.نصوص ليست بصيغة تناص أو إعداد أو اقتباس؛ وإنما هي بمثابة طقية أو جسر عبور لخلخلة [ الكون الثالث] الذي يعيشه ويعيش في (أناه) بصيغة التحاور والتجاذب وخلخلة محاورها لتحقيق الهـدف الذي يهدف إليه الأستاذ: أحمد أمل – ولكن بصيغة تفرض على القارئ أن يمارس التأني في التفسير والتأويل وطرح السؤال كما طرحه الكاتب على نفسه بالقول:.. أنا الآن أريد التأكد من هَـذا الواقع الذي أعيش فيه، هل هو واقـع كما أعرفه أم واقـع آخر لزمان آخـر وكون مواز؟ (ص 62) وفي سياقه هل فعلا نحْـن أمام عمل تخييلي صرف لا يُـلامس الواقع إلا من قشرته الأولى؟ أم أمام نص محموله الواقع السياسي/الثقافي/ الديني/ العلائقي؟ لأن أي إبداع مهما وصلت درجته التخيلية، عبر المتخيل فتمة واقع يتسرب زئبقيا؛ بين ثنايا السطور، كاشفا حقيقة وعي السارد/ الكاتب؛ بحكم أن الذات هي الكاتبة والمنـكتبة في آن، وهَـذا يتجلى في قـَوله: فأنا على وعي... نعَـم على وعي كامل... وعي بكل شيء... واع بالواقع الذي أعيشــه. وأعي ناسه وشخصياته. إن لم تكن أشباحه (ص63) هنا فالسارد/ الذات؛ ليس ساردا عاديا كما هو متعارف عليه في أنواع الدراسات السردية، بل هـوشخصية من ضمن الشخصيات الفاعلة والمنفعلة داخل الحبكة الدرامية، يتحرك بين خيوط متشابكة من الواقع والعَـبت والخيال واللا معقول: إن كل وقائع النص الأستاذ أمل وشخوصه أوهام من حيث أنه هو بطل روايته الممسرحة، البطل النائم الحالم (2) وبالتالي فالنص توليدي لمتعدد القراءات والتأويلات.

قــول الـقـول:

كما أشرنا بأن النص جد مكثف؛ لكي يخدم الصورة التي تتشكل عبر كيمياء اللغة، وهنا نتواطأ مع إحدى الورقات الموثقة في النص: جمل تبدو سهلة في تركيباتها لكنها جمل ذكية تكشف مظان هذا الحكي الغريب العجائبي في دلالاته وأبعاده الانسانية... حيث الجرح يتحول إلى اسئلة محرجة وحارقة (3) فمن أي زاوية يمكن أن نمارس رحلة استكشافية لقراءة ما يروج في عقل الكاتب. ونخترق عـوالم صوره وأفكاره ذات أبعاد فلسفية / سياسية/ علائقية/ بيولوجية/ ثيولوجية/ ثقافية/ نفسية/.../ لأننا أمام نص مفتوح؛ نص ركز على التكثيف الدلالي الذي يحتمل تأويلات واستفهامات عـدة. تفرض على القارئ أو المتلقي أن يتفاعل تلقائيا حسب رؤيته الذاتية. ولكن"جرح في عضو رجل"من أي منطلق انطلق لكي نتفاعل معه. هل من النوم؟ أم من الحلم؟ أم من الوهم؟ أم من تخييل / ميتاتخييليا؟(4) رغم أن الكاتب بدوره يتسأل،ولكنه يراوغنا بصورة انفعالية: [صدمة ثانية يصاب بها دماغي هل أنا في نـوم؟ أم في كون مواز؟ أم في حلم؟ ](ص 16) للوهلة الأولى سيبدو أن الطرح ملغز ومبهم، بعْـض الشيء، لكنه في الحقيقة، تلاعب لغـوي/ نفسي. فحينما نربط الجملة، بحضور وعي الكاتب لما يروج حوله، ويؤكدها بأنه واع بكل ما حوله، أي هنالك تلقي واعي بين مكونات الذات وتفاعلها فيما بينها؛ومايحيطها. وهذا يجرنا بأن نكون أمام تكثيف تجريدي وسيكولوجي، بعلاقته بالتكثيف الدلالي، حتى لا يقترب القارئ للمسكوت عنه بين ثنايا – الجرح – بسهولة، وهنا تكمن روعة النص في تكثيف أبعاده؛ وإن طرح أنه (تخييل) الكلمة التي تتصدر غلاف النص؛ لكن فرويد له فكرة رائعة مفادها: إن هناك طريقا يؤدي بين الخيال إلى الواقع وهذا هـو الفن. فعن طريق الإبداع حاول الأستاذ – أحمد أمل- أن يصرخ صرخة هادئة معقلنة، عبر مسارب اللامعقول؛ بغـية التعبير و إدانة بنية الواقع المجتمعي الآني / المُعاش، بنية أمست تعيش اللامعقول، تمارس العَـبث بشكل مطلق: [كيف؟"تير يسيا س"لا... إن ما أنا فيه لعْـبة مبنية على الوهم لكن من أدخلني في هذه اللعْـبة؟ هل القدر؟ أم ماذا؟ حاولت ان أجد جوابا أو أن أفـهم ما يجري أمامي لكن دون جدوى؟](ص25) هذا ليس هذيانا ولا حلما كما سيبدو رغم حضور (تيريسيا س) من قلب الأسطورة، هنا تعتبر الجملة ذات معاني دلالية وإيحائية أكبر من حجم بناء الجملة نفسها؛ لأن البعْـد الانفعالي والشحنات النفسية للكاتب، فرضت عليه أن يلتجئ للخيال والأسطورة عندما يعجز العقل عن الإدراك، وإقامة الروابط المنطقية بين الأشياء والظواهر. التي بدت له سكونية / ثابتة وغير متحركة، والتي عبر عنها النص في عدة صفحات:[ نظرت الى ساعة الحائط كانت تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل؛ فتحت الباب..](ص13) [ نظرت للساعة لعَـلَّ الزمان تحـرك.عقاربها جامدة في نفس التوقيت. الثانية ليلا. كل شيء أصبح لدي غيرمبرهن. ] (ص24) [ عند الساعة الثانية ليلا الساعة نفسها التي دق فيها الافاقان باب بيتي](ص 35) هنا نستشف بأن الكاتب له شعور بالزمن، وبالتالي فهو ليس بنائم ولا حالم، باعتبارأن انعـدام الإحساس بالزّمن يتم أساسا أَثناء النـَوم والحُـلم، أَي غياب الوعي. لكن المبدع –"أحمد أمل"- ركز على الساعة كدلالة عن الزمن الأرضي المحصور كتحقيب متجانس لتنظيم تاريخي للزمان. ففي هذا السياق؛ يرجع بنا النص إلى ذاكرة أواسط (الستينيات/ ق؛ م) والتي خلقت ردة فعل تجاه تبخر الأمل والحلم الذي كان ينتظره الشعب بتغيير الحياة الإجتماعية والسياسية لما هو أفضل ! وتقليص الفوارقِّ الاجتماعية والمجالية، و تحقيق العدالة الاجتماعية، بمَا يَصُونُ كرامة الإنسان وتوفير العَـدالة الإجتماعية ! لكن أصيبت الأغلبية بجرح عميق؛ مما نجد (نبيل لحلو) يشخص مسرحية (الساعة/ السلاحف) و (أين العقربان؟) لمحمد تيمد و (مومو بوخرسة / القوق فالصندوق/ النقشة...) للطيب الصديقي (بنك القلق) الإخوة البدوي (الموت اسمه التمرد) ع السلام الحبيب وزكي العلوي (الدزيرة) لحميد برودان أنجزتها جمعية المسرح الشامل و (ياطالع الشجرة) لتوفيق الحكيم، التي أنجزتها عدة جمعيات في ذاك الوقت. وهناك العديد من الأعمال ذات ارتباط بالتوجه العبثي/ اللامعقول إما عن وعي أوبشكل عفوي وتلقائي. والعجيب أن بعض علماء المسرح (عندنا) اعتبروها تجارب في سياق مفهوم التجريب المسرحي؟ بالعكس فهي كانت أعمال مرحلية تعبر عن سخط وإدانة لما ألت إليه الأوضاع، بتظافر وموازاة بالانتفاضات التي حركتها بعْـض الأحزاب اليسارية ونقابتها. نموذج أحْـداث (1965) وإعلان حالة الاستثناء. ولقد ركزت هاهنا على المسرح، وذلك بناء على شدة ارتباطه بالحياة المجتمعية وبسائر الفنون المشهدية والقولية. إذ السيناريو تـَوَقف الزمن يتكرر ! و لكن لما هو أفـظع ! رغم أن [الكاتب] باعتباره سلطة ثقافية وإبداعية وفنية؛ حاول أن يحرك الزمن: [ وأنا أحاول أن تصل يدي إلى الساعة لكي أحركها فعلق قائلا- احترم قصر قامتك يا (أحمد) الزمن لا يغيره أو يحركه إلا ذوو القامات الطويلة ] (ص35) الصورة مكشوفة وجلية من مظهرها، لكن من الزوايا الثلاث فهي شبة غامضة، ولكن باستعمال عملية الانعكاس للقياس (قصر/ قامتك/ الطويلة) نستخلص أن من له القدرة على تغـيير الزمان إلا من كانت له (سلطة / قوة / زعامة) أما دون ذلك فهو ضرب من ضروب الوهم القاتل، لكن لم يقف النص عند هاته المحصلة. بل انقلبت الصورة لصورة أكثر سخرية، لكنها تلميحية للواقع السياسي/ الانتخابي/ الإداري/ الوظيفي/.../ وللواقع الدولي الذي يركب على المصالح،تجاه الدول التي كانت مُستعمرة أو نامية/ ثالثيه، وهذا يلمح إليه النص: [ (أحمد) أنت توجد في ثالث كون مواز لكونك، أنت من يخلط الأحداث بالتنقل بين الأكوان /.... وأتأكد بأنه بدون قٌـلْـفَـة، أو أنني (أحمد) المنتمي للكون الثالث ](ص 40) ولا سيما أن مفردة (الكون) ترددت عدة مرات؛ وفيها يحضر الراكب/ المركوب، من أجل تحريك الساعة / الزمن/ الفكر/ الاقتصاد /../ ولكن لم يتحرك اي شيء ليظل (الانتظار) سيد الموقف والوجود: [ إذا توقفنا عن الانتظار؛ توقف كل شيء. الانتظار هو ما يجعلني أشعر بوجودي](ص43) وليظل السؤال: هل حركْـت الزمن؟ / - لا أنا أدرس خطة تحريكه/- انزل حتى تفكر في الأمر وتحسم فيه؟/- التفكير يكون في الأعلى...أنت تعرف جيدا هذا. أم أنك تتغابى؟ ] (ص37) لكن الرائع في عملية الراكب/ المركوب توظيف خطين (1) استحضار علاقة السيد بالعَـبد بالمنظور الحالي؛ ولكنه مبطن بالاستعباد القديم ! وهذا يزيد في تعميق الجرح، وإن كان العبد يحاول أن يقهر مشاق الحياة، وهمومها وقسوة لدغاتها. ومن خلال هذا الحوار: [ ديدي لا تتغابى أنت تعرف أننا في حالة يجب أن نعي أهميتها...على (بيكت) ألا يغير قدرنا ويجب أن نلتقي به ليعدنا وعدا لا رجعة فيه ](ص 38) مفتوح لكل التأويلات العلائقية/ السياسية/ الثقافية/ والذي يعمق التأويل أكثر للعلاقة العبثية بين القارة العجوز و(النحـن):- يا أوغاد.. أترجون من شيخ هرم خرف اسمه (بيكت) أن لا يغير من قـَدركما؛ ويترككما تنتظران؛ وأنتما في غفلة؟ عن هذا المسمى (بيكت) لقد تربى في عائلة مسيحية كاثوليكية متزمتة...(ص44) أما الخط (2) أن الراكب يكون دائما إما مثقفا / ميسورا والمتجسد هاهنا بشكل بليغ في (فلاديمير) الذي يمثل الفيلسوف/ المفكر الذي ما إن تاحَـت له فرصة الركوب على الكادح/العامي (استراغون) الذي ساهم في صعوده؛ إلا ويقوم بما هو أفظع من علاقة (السيد / العبد) وهذه الصورة اللفظية أبلغ مما سنقوله:[ لقد تحملت الكثير وتجاوزت عن أفعال كثيرة. إلا البول لا...ثم لا. حملتك إلى فوق لتتذوق لذة العلو وفي الأخير تتبول علي؟؟؟](ص 38) مما يحصل إحساس بالقلق والتوتر والحيرة، ولكن ما السبيل؟ سوى الانتظار الذي يزيد من الجرح، ليزداد عدد المجروحين الذين يُفقِـدون رجولتهم / صلابتهم/ مواقفهم / تصوراتهم/.../ وبالتالي لا شيء يحدث على مستوى الفعل، إن محاولة تغيير (الساعة / الزمن = الأرضي)[ الساعة تشير إلى الثانية ليلا رغم تكتكتها المستمرة ] (ص64) تلك التكتكة مجرد هُـراء وعَـبث، فهي بالكاد مأساة الانسان في الكون الثالث؛ الذي تحول إلى نماذج ممسوخة ووهمية و مشوهة وأفاقه... أو بالأحرى (هي) مجرد أشباح في صفة آدمية ! لأن أي تغيير مجرد حلم /خدعة / أكذوبة.: [- إذن نحن مخدوعون؟ / - لولا الخدعة ماكنتما هكذا. أجابهما الضرير وهو جالس ينقر عكازته مع الأرض....- نعم جعل منكما رجلين. لا هدف لكما لا وجهة يتجهان صوبها أنتما مجرد ثرثرة. وحركات بهلوانية. ألست أنت من يعالج حذاءه في مسرحيته؟ ] (ص47)

الشــخـــوص:

حقيقة النص يغـري أن يتيه القارئ المفترض مع مفرداته وصوره وأبعاده؛ وبالتالي لا يمكن فهمه إلا بعملية الضد والانعكاس و قـَلب ما في الأسفل للأعلى؛ وهذا يؤشر عليه الكاتب:[..هل أنا هو أنا؟ قد تنقلب فيه كل الصور إلى ضدها.] (ص53) ولكن عبر شخوص النص؛ ونعلم بأن الشخصية أساسا كائن تخييلي / ورقي لا حياة لها خارج الركح. لكن شخوص (جرح في عضو رجل) انتقلت من الورقي للورقي؛ فهذا الانتقال ليس عفويا بل مقصودا وبوعي تام، لأنني لاحظت أن هنالك تركيز دقيق للشخصيات المنتقاة، علما أن التركيز يمنع العقل من أن يغفل أو يسبح، وبالتالي فالاختيار يتأرجح بين الشخص والشخصية، بمعنى أنه هناك بشر حقيقي عضويا ونفسيا في ذهنية المؤلف أراد أن يستنطقها ويستحضرها لتحقيق صرخته المتأرجحة بين الجرح والمجروح [.. إنه أبله (الحي) الذي أسكنه... لا أحد يعرف ابـْـن من هو. ولا متى حل بهذا الحي. يتسكع نهارا ويركن ليلا قرب كنيسة خربة أغلب السكان يشهدون بأنه سقط من السماء] (ص56) أما في (ص65) نلاحظ حضور الحي كذلك:[ سمعت صوتها لا أعرفه. ربما يشبه صوت بنت جارتنا. تعلقها بي هو ما أوحى إلي بتشبيه صوتها ] فعبر الشخصيات هنا يختلط الوهم بالحقيقة، والحقيقة بالكذب؛ والكذب بالصدق؛ والصدق بالوهم. ولاسيما أن المؤلف- أحمد أمل- شخصية من ضمن الشخصيات؛ وبالأحرى بطلها. وإن كان يبدو لنا (ورقيا) ولكنه إنسان عضوي/ حقيقي منوجد خارج النص؛ يتحاور يدين يتفاعل مع الشخوص الأخرى، معلنا [ أن الحاضر المغربي والعربي والعالمي يعاني من قطيعة تراجيدية مع الواقع والعصر وكأن الزمن توقف لتدخل الكائنات البشرية الحقيقية والوهمية على حد سواء في حالة من غيبوبة النّوم، حالة من اللاوعي المزمن (5) هذا على المستوى الكوني؛ وإن كانت هنالك إشارات متعددة حول مفهوم الكوني:[ (أحمد) أنت توجد في ثالث كون مواز لكونك، أنت من يخلط الأحداث بالتنقل بين الأكوان ] (ص40) ولكن بنوع من التدقيق وتفكيك ما بين خطاب الشخصيات نستشف بأنه يدين ويصرخ ما أل إليه الوضع المأساوي (في) زمان ومكان انوجاد (البطل/ أحمد) ويجمعها رابط واحد (الفكر/ الإبداع/ الفن) – سواء الحاضرة/ الفاعلة عن قرب منها[ فلاديمير/ أستراكون/ تيريسياس/ الأبله/ الحية ] أو الغائبة/ الفاعلة عن بـعْـد [ بيكيت/ شكسبير/ موليير / هيرا / زيوس/ سقراط/ أوديب/ أرستوفان/ بنت الجيران] فهاته الشخوص أساسا هي من جَـسد (المسرح) فبمجرد استحضار الرمز عمليا، سيستحضر ما كانت تتبناه تلك الشخصية من حضور وتأثير وأفكار وسلوك و قيم ومسلكيات ومبادئ:

أحمد (كاتب) = تيريسياس + سقراط (الفيلسوف)= أرستوفان (مسرحي) + محاكمة) = (اللاعدالة)
أحمد (مخرج)= تيريسياس (أنثى) = هيرا (ربة الزواج) + زيوس (أب الآلهة والبشر) = (الجنوسة)
أحمد + تيريسياس (عـراف/ أعمى)= أوديب (ملك)... (سوفوكليس)= الخطيئــة.

أحمد + فلاديمير= (فيلسوف) + أستراكون = (بليد/ أكول) + كودو= (الوهم)= الانتظار.

أحمد (مفكر) + شكسبير (أنكلوسكسوني) / موليير (فرانكفوني) = حيرة / قلق.

تلك تتحاور، تتصادم؛ تتداخل فيما بينها، حتى أن القارئ يشعُـر بها أنها قريبة منه. وتتحرك في فلكه (مخيلته)؛ منخرطا لا شعُـوريا في الذهنية الالتباسية، وبالتالي نحن أمام نص عبثي بكل المقاييس وبالتالي: فمسرح العبث يهدف إلى إنشاء الطقوس الأسطورية، والرؤى الاستعارية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعالم أحلام اليقظة، والنقطة المحورية لهذه الأحلام غالباً ما تكون حيرة الرجل وارتباكه الذي ينبع من حقيقة أنه لا توجد إجابات لأسئلة وجودية أساسية في الحياة (5)وهذا ما يلاحظ على شخصية (أحمد) لكن (تيريسياس) عكس ذلك! [اسمعا أيها الكلاب السائبة. كل ذكر يحمل بذرة الأنوثة فيه.. كما أن كل أنثى تحمل بذرة الذكورة فيها] (ص51)

روابـــط:

ولأنني أطلت في الموضوع، باعتبار أنه لم يعُـد هنالك قارئ ذاك (الزمان) الذي سيظل يقرأ هذا التحليل للنص؛ أو غيره! وهنا سنستخلص ما يلي؛ بأن النص في مستواه العام صرخة محلية/ ذاتية ضد الجرح المادي الذي أصاب جسد الإبداع والفكر؛ حتى أمسى الابتذال والإسفاف والعهر الفكري والفني أو كما يعبر عنه النص تلميحا أدب المراحيض: [هذا المكان تكون به روائح كريهة...ويمنع دينيا أن نذكر اسم الله بهذا المكان ولا أسماء الانبياء والرسل والأولياء...قال لي صديق حين اخرج من الطواليط أرتخي ويكثر الالهام والابداع والكتابة. لم أحرج صديقي بأن ما يكتب به رائحة كريهة (ص64) مما انقلب المكون البشري رأسا على عقب، وأمسى الإنسان مجرد شبح ليس إلا:[...أنني لاحظت من عري (أستراكون) ليس ببطنه ثقب السرة. الآن تأكد لي بأنه شبح مخلوق غير آدمي ] (ص39) هـذا الانقلاب نتيجة الجـري وراء السراب والوهم الذي سقط فيه المبدع/ المثقف، مما أضحى الان يتخبط في جرحه/ عشقه/ هوسه، في سياق عوالم مجهولة أقحمته في: [الانتظار= حيرة / قلق = الخطيئــة ] بحيث خطيئة الشخوص ماعدا (الأبله/ الحية) ليس الانتظار بل الانغـماس في الإبداع ذو طموح جماهيري/ نضالي:[...وصاموئل (بيكت) الكلب؛ حين تعرفت عليه وأشباهه. عرفت أنني لن أجني منه إلا هذه الكوابيس ](ص66) (بيكت (رمز) مسرحي) هنا سقط (المؤلف/ أحمد أمل) في السلبية والتشاؤم المطلق. ضاربا نضاليته وتجربته الطويلة في الميدان:[ السيد (أحمد)- الأنسان قوة جبارة اكتسبها منذ بداية الخلق كانت توفر له ما يحتاجه بدون تعب كان يفكر في الشيء ويتكون في حينه (ص33) وحقيقة الوضع الثقافي والفني فاحت روائحه الكريهة (الفن المرحاضي) ولقد بدأت بوادره في زمنية الدعم المسرحي؟ فمن خلال ((الدعم)) تم جُـرح كل رجل في عضوه ! والمؤلف بدوره استفاد من (الدعم) وهذا في حد ذاته تناقض في المبنى والمعنى؟ وإن كان في النص يتبرأ من الشجرة (الثمار):[ لا تأكلوا ثمار الشجرة، انتبهوا لما أقول.. ستمسخون وحوشا. إن الثمرة سُم، سمُّ ماسِخ، لا تقربوا ثمارها ] (ص69) فلماذا تم الاقتراب منها مثل ما حدث لقصة (التفاحة)؟

أحمد - (الكاتب)= الأبله (مندوب)+ (بيكت) = الانتظار (وهــم)
أحمد - (مخرج)= الحية (امرأة) + (الشجرة) = الحياة (هـراء)

إذن، فالإنتظارية وَهــم وعــدم بحكم أنها تقيد حرية الفرد؛ وبالتالي فإنّ التغيير وتضميد الجرح وألمه، يكمن في [ الشجرة/ الثمار/ المال/ الجنس ] أما [ الفكر/ الفلسفة/ الإبداع] سيعَـمِّـق الجرح وسيزداد المجروحين بالوجع الإنساني، ليحتدم النقاش والإتهامات بين الجُرح والمجروح والمجروح والجُرح ولا يظهر سوى صدى صرخة لذاك الصراع الداخلي. بعيدا عن الصراع الخارجي: [..وتناطحا فيما بينهما كل فـَم ينبحُ، بين يموت لحينه ويدوم للأبد ](ص 28) وبالتالي انساق الكل بشكل مبتذل وميكانيكي؛ وراء (الحية) ولم يستمع أحد لما اشار إليه (كودو) من عدم الأكل من ثمار الشجرة ! ولكن من باب الغباء والانسياق أكلوا منها مما أمسى (الآن) الابتذال والمسخ وتفاقم الخزعبلات، والانغماس في براثن اللاوعي والتفاهة المضللة التي تعطل الطاقات النشيطة والفكر المتقد، إنها لمأساة أشد فتكا. وبالتالي:انتهى عصر الانسان المجروح في عضوه وحل إنسان أخر بدون جرح. انتشرت دوريات البوليس بحثا عن بقايا من إنسان مجروح في عضوه؛ لقد حولوا الكثير منهم لمتحف بعد تحنيطهم. ليبقوا أثـرا عَـن زمن كان ] (ص72)

وعموما فهل المبدع / المتشائم – الصديق والرفيق الأغر- أحمد أمل - سيمارس شغبه الفني/ الاخراجي تجاه هذا النص، لكي يزيل عنه السلبية واليأس الذي وصل إليه ! أم سيبقى (النص) في المتخيل؟ وفي مصاف القراءة الذاتية؟ أم في رفوف المكتبات الخاصة التي انعَـدمت في شققنا؟

إحــالات:

1) نص: جرح في عضو رجل لأحمد أمل صورة الغلاف لعبد المجيد الهواس - الطبعة 1 /2022 مطبعة وراقة بلال – فاس/ المغرب
2) جرح في عضو رجل تقديم محمد مصطفى القباج - ص 7
3) نفسها ورقة للكاتب المسكيني الصغير— ص3
4) نفســـها ورقة مدرجة في خلفية الكتاب (الغلاف) أنجزها المبدع لحسن حمامة
5) جرح في عضو رجل تقديم محمد مصطفى القباج - ص 6
6) مسرح العبث.. الصراع داخل العقل البشري جـيروم كـروب - ترجمة: سناء عرموش مجلة الكلمة العدد 137 سبتمبر 2018


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى