
صَرخَةُ الزَّيتون
يا أيّـهــا الـزَّيتــونُ هـذا الـمُـعـتَـدي
أنّى أروحُ إلى الـحَــيــاةِ وأغــتَـدي
هـل مِـن مُـعـيـنٍ صـادقٍ في كُربةٍ؟
وَصَـلَـت إلى الأطفـالِ ظمآى الأكبُدِ
وصرختَ أنتَ: كَفى دماءً في الحِمى
عَـن كُـلِّ حُـزنٍ في الوَرى فَـلنَـبعُـدِ
أتُـرى لَـديـكَ حُـصـونَ عَزمٍ تُرتَجى
كي يَحتَمي فيها الضَّعيفُ؟ فأنجِدِ
يــا مَـن رأيتَ دَمـارَنــا وحُطـامَنــا
صــاغَ العَـدوُّ مَذابِحــاً فَلتَـــــشهَدِ
وغُصـونُ قَـلبـي مُـزِّقَـت بِـقـذيفـةٍ
فَغَـدَت سِـــهاماً في ضُحىً مُتَلَبِّدِ
إنّي نُـزعـتُ مِـنَ الـجُـذورِ كـأنّنـي
ضوءٌ يفرُّ مِنَ المدادِِ الأســـــــــودِ
زيتونُنا رمزُ الــسَّـــلامِ، وشــــاهِدٌ
قد بارَكَتهُ يَدُ الـسَّـــماءِ بِـمَــسجدِ
اللهُ أقســــــمَ فيكَ يـا رمـزَ العُـلا
نَـتـلـِـوهُ في الــقُــرآنِ دونَ تَــرددِ
جِذعٌ تعيـــــشُ عَليهِ أعمارُ الوَرى
مُـتَـجـذِّرٌ،ثَـوبَ المَهــابَــةِ يَـرتَـدي
عادَتْ بهِ نوحــاً حَمامةُ سِـــــلمِها
قالت: هُـنا تُرجى نِهــايـاتُ الرَّدي
غُصنٌ سَـيثمرُ إن أقامَ الكونُ في
ظلّ السَّــــلامِ ومَــوطِنُ المُتَهجِّدِ
فَـرعٌ يُــصـلّـي في فـنـاءِ كَـرامـةٍ
ويَـهُــزُّ أرواحَ الـوَرى بالسُّـــــؤدُدِ
لكنّهمْ... إن أشــــعلوا نارَ الأسـى
فالغصـنُ تَذروهُ الحُـروبُ بِـمِربَـدِ
تُـصغي حَـمامَتُهُ وتَـحملُ غُصنَـهُ
تَعلو تُحلِّقُ فوقَ هَـولِ المَـشـــهَدِ
وأنا الجُذورُ تَشُدُّني في مَوطِنـي
وأردُّ كَـيـدَ الظـالميـــنَ بِـمَـرصَــدِ
كـوفيَّـتي هَرِمَـت وهذي وقفَتي
عَـينــايَ تَنتظرانِ فَجــرَ المَـولِــد
جِـذعي جَعلتُ وســـــادةً لمُقاتِلِ
والصَّـدرُ مِـنّـي دِرعُ كلِّ مُـجـاهِدِ
فــإذا اقتلَعتُـم كُلَّ زَيتــونِ الـدُّنا
وزّعت غَرســـي غابةً في معهدي
وأنا الـوجـودُ، هَـويــةٌ لا تَـنـثَـني
وأنا الـوَتـيـنُ لِـكـلِّ أمّــةِ أحـمَــدِ
ثَمـري يُـضيء مشاعلاً لا تَنطفي
في القلبِ،في الأرواحِ،في المُتَعَبَّدِ
خَيـرٌ يُبـاركُ في نَـواحـي كَـونِِـنا
وبِـنــورِه كُلُّ المَـواقِـف تَـهتَــدي
وأنا الوَفــاءُ، وَوِفـرَةٌ في أرضِنـا
وأنا النَّقـاءُ، ولـســـتُ دارَ تَـهَــوّدِ
مُـتَـقَـدِّسٌ ومُـبـارَكٌ في أمّـتـــي
قــد أنـصَـتـوا للـحَـقِّ دونَ تَـردّدِ
شَــــــجرٌ ولكنِّي الأنامُ بِِـمَـوقِفي
نبتٌ بأرضي قـائـمٌ في مَـرصدي
وسَــتُثمِرُ الأغصانُ رغم جراحها
ويعود زيتونُ الـسَّـــلام الأمجدِ