الأحد ٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم عبد الغفور الخطيب

قوميّةُ الأَعرابْ

-1-
حبيبتي تسألُني: ما حالهُا القوميّهْ؟
لِمْ أصبحتْ شقيّهْ؟
ما بالها شاختْ مَعَ الأيّّامِ والسّنينِ؟
قالتْ: آهِ كم تبدو شجيّهْ!.
أجبتُها: واه ٍ على القوميّهْ!
بالأمس كانت جنَّةً نديـّهْ
يعيشُ في أحضانها الإِبـاءُ
لا تقبـلُ الهـوانَ والدَّنـّيهْ
سـماؤهـا وأرضُها فِـداءُ
كـالحلمِ كـانت قلعةً عصيَّه
واليـومَ صارَ شـرعَها البكاءُ
يا أيُّها الأعرابْ:
قـوميّتي ليستْ كقوميّتكم
تـافهـةً دنيئـةً سـقيمهْ
قـوميّتي لا تقبـلُ الهـزيمهْ
قـوميّتي حقيقـةٌ عظيـمهْ
مَعَ السّنا تعيشُ فـي الأعالي
أبيـّـةً عزيـزةً رحيـمهْ
 
- 2-
حبيبتي دمشق:
هـا إنّني أعلنُ ملءَ الفـم ِ
فـي مأسـاتيَ الجديدهْ
أنَّ الهوى في أرضنا حرام ْ
أنَّ السّلامَ صعقةٌ وذلـةٌ
وأنّنـا من دون حربٍ
لن نعود للأمـامْ..
 
حبيبتي دمشقُ:
كفرتُ بالقوميَّةِ الجديبـةِ المغلوبهْ
تلك التي باسمها
صارت أراضينا سليبهْ
وإنّني أعلنُ منذُ الآنَ يا حبيبتي
براءتي
طهارتي
من هذه القوميّةِ العجيبهْ
 
- 3-
يا هـذه القوميـّهْ
أَتْعبْتِنَا ركضاً وراءَ الوهمِ والسّرابْ
شَوَّهْتِنَا سحلْتِنَا مزَّقتِ آمالَ الشّبابْ
وفي ظلامِ ليلةٍ داهيةٍ حالكةِ السّوادْ
أَلْقَيْتِنَا لعالَمِ الذّئابْ!!
يا هـذهِ القوميـّهْ
سـتون عاماً عاشها العُرْبُ بيأسٍ وانتحابْ
سـتونَ عامـاً أُفسـدتْ عقولُنـا
وهتِّكتْ قلوبُنـا
وغُيِّرتْ جلودُنا
من أجلِ أنْ يحيي الزَّعيمُ الأوحدُ الجبَّارُ
ساعاتِ الشَّرابْ...!!
سـتونَ عشناها عذابـاً في عذابْ.
سـتون عامـاً سـاقنا حكَّامنا
بالسَّوطِ والعصيِّ والحرابْ..!!
سـتونَ يا خرافـةَ الأَعـرابِ
عشناها بدهليـزِ الأسـى...
نشقى على الأعتابْ!
يا هـذه القوميَّهْ
لم نجنِ مِنْ زَرْعِ الرِّيـا إلا الخرابْ
لم نجنِ يا قوميّةَ العارِ
سوى صوتِ الغرابْ
ها إنَّهُ يَنعقُ بالدّمارِ والأسى..
صوت الغرابْ.
من خلفِ خلفِ هذه الأبوابْ
يمضي بنـا نحوَ مجاهيـلِ العـذابْ
ذا صوتهُ... نذيرُ شؤمٍِ
يـا حبيبتي
يهلكُ حرثَ النـّاس ِ
عمرَ النـّاس ِ
يا قوميـّةَ الوهنِ ويا كلَّ اليبابْ.
 
- 4 -
أيّتها القوميّةُ التّليدهْ
سـتونَ عامـاً كلُّ مـا فيهـا انكسارٌ
واندحـارٌ
دون أن نشهد نصراً واحداً
يضمُّنـا في أمّةٍ عزيزةٍ مجيدهْ..
ستونَ عاماً جُلّها لهوٌ وفحشٌ وابتذالٌ
ثمَّ نحياها انتخاباتٍ رشيدهْ..!
سـتونَ عاماً نزرعُ الأرضَ
شعاراتٍ وراياتٍ وألحاناً سعيدهْ..
سـتونَ عاماً أيُّها الحكُّامُ كانت في الدّنى
أكذوبةً..
خرافةً..
للـدّولِ الفاضلـةِ العتيـدهْ..
سـتونَ عاماً يُصنعُ العارُ وراءَ العارِ تلوَ العارِ
فـي الأقبيـةِ الباذخةِ الحصينةِ الرَّغيدهْ..
سـتونَ عـامـاً قـد ملأناها
زعيقـاً ونقيقـاً ونعيقـاً
بخطـابـاتٍ بليـدهْ...
مِـنْ بعـدِ كُـلِّ قمّـةٍ
نمضـي علـى دربِ البُـكا
دربِ الشَّقا
دربِ الشّتاتْ..
وهذه حبيبتي شواهدٌ عديدهْ:
في أرضِ جنِّينَ الشّهيدهْ
في أرضِ فلوجَ العنيدهْ
في أرضِ بعقوبَ المجيدهْ
في أرضِ تلعفرَ العتيدهْ
في كلِّ شبرٍ من ثرى أرضي الطّريدهْ.
هـزيمـةُ الأعـرابِ يـا حبيبتي
ليسـتْ جـديدهْ..!
لكنَّها في نوعها
في شكلها
في طعمها
غريبةٌ فريـدهْ.!!
 
دمشقُ يا حبيبتي
لن تنتهي قصيدتي
ما دامَ في أوطاننا
مـنْ يقتـل الأغـرودةَ الوليدهْ.
من يخنق التّاريخَ
يَلـوي عنـقَ القرآن
كي يبقى على العرشِ
على الكرسـيّ
في الأزمنةِ القذرةِ الشَّريدهْ.
 
- 5-
أيُّتهـا القوميـه ْ
سـتونَ مِنْ عُمرِ الزّمانْ
سـتونَ مِنْ عمرِ الزّمانْ
سـتونَ عشناها بلا عُنوانْ
سـتونَ ذوّبْنـا بها
النّباتَ والحيوانَ والإنسانْ..
أيتها القوميـّهْ
من أين يأتي النّصرُ في أرضٍ
تعرَّتْ مِنْ لباسِ العزِّ
أمستْ دميـةً
سـارتْ مَعَ الشَّيطانْ.
أيَّتها القوميـّهْ:
قد قالتِ الأعرابُ آمنـّا ولكنْ
سُـفِّهتْ أقوالُهمْ
لم يؤمنـوا...
عـاثوا فسـاداً... نـافقوا
وبدَّدوا الأموالَ
بـاعوا الأرضَ... والعـرضَ
وقالـوا: الآنَ نحيـا في أمـانْ.
 
- 6-
يا هـذه القوميـّة العرجـاءْ
يا صفقةَ الأنجاسِ صُنّـاعِ الشّقاءْ
لم يبقَ في أوطاننـا
من يزرعُ الجَمَالَ
يوقظُ الأنغامَ
يشعـلُ الأضـواءْ..!
لـم يبقَ في أوطاننـا حـقٌّ
وإيمان ٌوإشراقٌ وبوحٌ وازدهاء..!
لـم يبقَ إلا الكفــرُ
يا تعويـذةَ البـلاءْ..
أيَّتها الشّوهـاءْ..
قومي انظري ما حلَّ
فـي أرضِ فلسطيـنَ العَنَـاءْ..
في قدسها الباكي بأحضانِ السّماءْ..
فـي لِدّهـا في رملها بيسانها نابلسها
جنّينهـا السّامي إلى عَدْنِ العُلاءْ..
أيّتهـا الحمقـاءْ
قد صـادَنـا عهـدُ البغاءْ..
قومي انظري استعبادَنـا إذلالَـنا
مِـنْ بعـدِ أنْ جَـرَّدْتِنـا
حتّى مِـنَ البكاءْ..
 
- 7-
أيّتهـا العمياءُ
والصّماءُ
والبكماءْ..
قومي انظرينا الآنَ
فـي أرضِ فلسطينَ وفي أرضِ العراقْ
قومي اسمعي شعارنـا:
عاشَ الـرِّيـا... يحيـا النِّفـاقْ
قومي اشهدي عذابَنـا يا جذوةَ الشّقاقْ
بالأمسِ كُـنّا سادةً
نهنأ ُ في ديـارنـا
واليـومَ بتنـا فـي بيوتـاتِ السّحاقْ..
 
- 8 -
يا هذه القوميّةِ العليلهْ
أيّتهـا الـذَّليلـهْ..
سَـلَبْتِنَا مَعَـالِمَ الرّجولهْ
سَـرَقْتِنـَا.. جَوّعْتِنـَا.. أسقَمْتِنـَا!!!
حتى بدتْ أجسامُنـا عقـولُنـا أفعـالُنـا
نحيلـةً.. ضئيلـةً.. هزيلـةً
أيّتها القميئـهْ
أسَـرْتِنـَا...!
ألقَيْتِنَا على بسـاطِ النّطـعِ
كي يذبَحَنَا التّاريخُ في ليلِ الرّذيلهْ
لـِمْ كُـلُّ هذا الحقدِ
يا قوميـّةَ الأعرابِ... يا عميلهْ.
 
- 9 –
يا ليـلُ طـُـلْ نحـنُ انتهينا، والبكا حـقٌّ علينـا
يا ليـلُ طُـلْ إنَّ العـروبةَ، كذبــةٌ كبـرى غريبـهْ
يا ليـلُ طُلْ هذي بلادي، أرضُـها مرعى الأعادي
يا ليـلُ طُلْ ماتَ الصَّبـاحُ، فعصرُنـا عصرُ النّبـاحْ
يا ليـلُ طـُـلْ قوميّتـي، سَــهمٌ يُمـزِّقُ مهـجتـي
يا ليلُ طُلْ قد ماتَ شعبي، منـذُ دهـرٍ دونَ ذنبِ
يا ليـلُ طُـلْ ماتَ الكلامُ، فنحنُ أنجـاسٌ لئامُ

إلى أبي حسن المناضل القومي العتيد وإلى كل القوميين العرب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى