ماذا تبقى بيننا؟ «إلى القاهرة»
حلمٌ تململ في العواصم والدُنى
قلبٌ تئن على مفارقه المُني
أفقٌ تعثر في الضباب وضلَّه
ما كان يوما في رحابك ممكنا
نبتٌ تمزقه الرياح وفي مدى
وجع التغرب قد ألفتك موطنا
آتيك من بعد التشتت مجهدا
عمرٌ ينادي في دروبك مسكنا
ويجرجر العمر النزيف رحاله
فجرا تمزق بين أشلاء السنا
و(بهيةٌ) بين البلاد بقلبها
ظلٌ يضوع على الخمائل سوسنا
آتاك من نير البقاع جراحها
تأوي بوادي الحب قلبك مأمنا
لجأت لنيلك تستقي من ريعه
وجدت ضفافك واحة أو مكمنا
يا درة الأوطان جئت مصافحا
بحنين قلبي قد صدحت مؤذنا
ضمي فؤادً لا يزال مثابرا
بسطوع يسرك بعد عسرك مؤمنا
وبَنوك من نبل السواعد ترتقي
طيب الخصال وطهر أصلك معدنا
ولواك يبرق في المشارق شامخا
يضوي بنورك في البوادي معلنا
ينثال نيلك في الضفاف مصافحا
عطش القلوب مربتا ومحننا
أم الحضارة والجميع بضيها
ظل يساق على ضيائك مذعنا
أمنت أنك في البلاد منارة
وأقام وُجدك حاضرا متمدنا
صدقت حروف العز في آثارها
نقشٌ تلألأ في جباهك موقنا
أوكلما ضج الحنين بجانبي
ألقاك حضنا في المنافي أمنا
وبرغم ما عاناه قلبي في مداك
وما لقيت من المواجع والعنا
أو أن في وضح الفؤاد ضميره
برُباك يلهج بالطموح مدندنا
بدواره صفق الأنين دروبه
وترنح الحلم الجريح مثخنا
تغزو تجاعيد الفؤاد ملاحما
تحكي لصبر العمر نبضا موهنا
يستعمر الحزن الشريف ربوعها
ويلوكها زيف تملق واغتنى
تيهت على شط الخداع سواعد
هل تاه رمحك في المواقع وانثنى
يتفيأ الدمع الرتيب إذا يرى
شجنا أصيلا فى وجوهك مزمنا
ما يزدريه من انطواء مزاهرٍ
من لوث الطهر المتيم بالخنا
من شتت الآمال في أرجائها
وأقام صرحا من دموعك واقتنى
ريعان نيلك صامدٌ متأصلٌ
ويفور نبضك ناقدا مستهجنا
يا فتية النيل الكريم تدثروا
فيضا جسورا في الضفاف تمكنا
واستنزعوا فتن التزعزع، ههنا
وتدٌ ترسخ في ترابك وابتنى