| وفي المراكبِ أحلامُ الذي عَبَرت |
به التلاوينُ والجدرانُ والصُّوَرُ |
| وفي المناراتِ أضواءٌ على سعَةٍ |
تَهْدي سواحلَ مَنْ أودى بهِ السفَرُ |
| وهذه جيزةُ الأهرامِ خالدة |
وكَرْنَكُ الصلواتِ البيضِ والنَّهَرُ |
| والشمسُ معبودةُ الأقوامِ إنْ سجدوا |
زُلفى ومقربةً ظَنّاً وما كفروا |
| وقلعةُ الملك المنصور أو فرسٌ |
إلى المماليك، والسيفُ الذي شهروا |
| فطهّروا المسجدَ الأقصى بِعطِْر دَمٍ |
وكان أنْ وحّدوا الراياتِ فانتصروا |
| والزّارُ والحلقاتُ الخُضْرُ رانخةٌ |
بشهْدِها ومقامُ العشق والنُّذُرُ |
| وثُلَّةٌ مِنْ حرافيشِ النجيبِ على |
نهرِ الخلودِ، فتطفو في السَّما السُّرُرُ |
| وليلةٌ في "الحسين"؛ النورُ ذائبةٌ |
دموعُهُ وابتهالُ النَّجْمِ والسَّمَرُ |
| وأُمُّ كُلثومَ إنْ ماسَتْ على عَسَلٍ |
مِنَ الغُروبِ يَثوبُ النَّاعِسُ الخَدِرُ |
| ورقصةُ الخيلِ والمزمارُ طافحةٌ |
شجونُه لقتيلٍ هَمَّه الخَفرُ |
| و"الأزهرُ" الحقّ، مَنْ يحكي مسيرتَهُ |
إلى مشارفِ مَنْ ثاروا ومَنْ ظهروا |
| والطيْبُ في جَرسِ الشمّاسِ مُذ صَدَعت |
لربِّها دعوةُ الناموسِ والسُّوَرُ |
| وفي ثيابِ "أناييسَ" الخمورُ إذا |
ذَكَرْتَ توبةَ مَنْ أفشى به السَّكَرُ |
| والعاشقونَ برمْشٍ ماتَ أكبرُهُم |
ومَنْ تَوَلَّهَ في ليلى.. وقد عُذِروا |
| وفي القناطرِ ذيّالٌ يطيرُ على |
بلّورةِ الغيمِ وحيْاً.. أرضُه الزَّهرُ |
| بهيّةُ الأرضِِ من وادي الملوكِ إلى |
بحرٍ يفيضُ فتَحدو ماءَه السِّيَرُ |
| تصدُّ غائلةَ الهكسوسِ قادرةً |
وفي أصابعِها الجندولُ والدُّرَرُ |
| و"عينَ جالوتِ" يا "أقطايُ" نرفعُها |
سيفاً بوجهِ الأَمُورِيِّ الذي ذكروا |
| وفي "القناةِ" اجتراحُ المعجزاتِ إذا |
جاء الفرنجةُ والمحتلُّ والتترُ |
| ومَنْ سينسى رجالاً في الرمالِ إذا |
غالوا شرايينَها من بعدِ أن أُسِروا |
| لم يبقَ في القدسِ قدسٌ بل جنازتُها |
فلْيصمِتِ الشَّجْبُ والعرَّابُ والهَذَرُ |
| والعَرشُ إمّا مُباحٌ أو يُباعُ، ولو |
أَحَسَّ بعضُهُمُ بالعارِ لانتَحروا |
| ومَنْ سيمحو شهيدَ القصفِ، معذرةً |
فإنهم معَ دمِ الأطفالِ قد كبروا |
| هذي المسلاّتُ سهمٌ شاهدٌ ويدٌ |
وسيفُ عَرْشٍ له من مَجْدِهِ أثرُ |
| والطميُ حنّاءُ أعراسِ الوعولِ إذا |
شقَّ النوافذَ عودٌ شَفّهُ الوَترُ |
| ويلتقي العاشقانِ، النارُ فاتحةٌ |
وآخرُ الأمرِ نبضُ الطينِ والشَّجرُ |
| محروسةَ الكوكبِ المذبوحِ هل عتبٌ |
أَبوحُهُ ويداكِ البرقُ والمطرُ |
| وأنتِ أوّلُ مَنْ أهدى الطريقَ إلى |
بابِ الحياة، وقدسُ اللهِ تنتظرُ؟ |
| ومَنْ لِغَزَّةَ بعدَ اللهِ يا بلداً |
أَذَلَّ أعداءَه بالعدلِ فاندحروا |
| وَأَيْنَعَ اللّوتسُ الريّانُ وابتدأتْ |
حكايةُ الطفلِ والراياتُ والظَّفَرُ |
| وأنتِ مَنْ صبَّ رمّانَ القلوب على |
ثرى فلسطينَ والفلّوُجةُ الخَبُر |
| وأنتِ أمُّ الشهيدِ الفذِّ إنْ عبقتْ |
ياقوتةُ الجُرح راح الوردُ يعتذرُ |
| "شيلاّه" يا سيّدي البدويّ، إنَّ لنا |
أحلامَ يوسفَ والقمحَ الذي بذروا |
| والسَّحرَ والسَّدَ والآياتِ إنْ شهدتْ |
صلاتَنا الدارُ والأبراجُ والسَّحَرُ |
| ونخلةٌ في قطار الصُبْح مطهمةٌ |
بِطلْعِها الحلوِ أو يسمو بها البصرُ |
| "شيلاّه" يا فتيةَ الحاراتِ، كان لنا |
يومٌ بهيجٌ، فمَنْ لم يشهدوا.. خسروا |
| أنتِ البهيّةُ يا مصرَ الحياة فإن |
جاء الزمانُ فلا بيضٌ ولا سُمرُ |
| وفي الجنائن زفّاتٌ وكوكبةٌ |
من الخيولِ، ووجه البدرِ يَستترُ |
| يا مصرُ يا أولَ الحرفِ الذي نقشوا |
فأزهرتْ بردةُ الكُهّانِ والجُدُرُ |
| وأنتِ أرضُ العراقيْنِ التي نُهِبَتْ |
والشامُ والشاطئانِ: الماسُ والثَمرُ |
| وأنتِ في الذَّكْرِ أَمْنَاً خالصاً، ولهم |
مهدٌ بقلبكِ إنْ حلّوا وإنْ خطروا |
| ومصرُ طفلٌٌ على البيداءِ يتركُه |
شيخٌ نبيٌ فتأتي نَبْعَهُ الجُزُر |
| ومصرُ زينبُ والرأسُ التي حَملَتْ |
حتى يقومَ على نُعْمانِهِ العمُرُ |
| والشافعيُّ وشوقي بعضُ أحرُفِها |
والعزُّ والمجدُ والتاريخُ والِكَبرُ |
| والمكتباتُ وأفلامُ الزَّمانِ وما |
قالَ السنونو ولَحْنُ الغيْبِ والفِكرُ |
| ومن هنا حملَ اليونانُ أَشرعةً |
من نِيْلِ كُحْلَتِها كي يَنْفَذَ النَّظَرُ |
| والحُسْنُ أَوقَفَ ذا القرنينِ إذْ رَفَعتْ |
أحجارُهُ تاجَ مَنْ باهَى بهِ الحَجَرُ |
| والخالدونَ بها القتلى إذا ذهبوا |
وبالنجيعِ على شطآنِها مَهرَوا |
| ونحنُ أُوزيسُ هذا العصرِ يا امرأةً |
تُعيد لحُمْةَ مَنْ جزّوهُ أو شَطروا |
| فليبدأ الصبحُ لا ظُلْمٌ ولا ظُلَمٌ |
ولا قيودٌ ولا ذُلٌ ولا سَقَرُ |
| وفي الميادينِ أبناءٌ وعائلةٌ |
عيسى وإخوتُه العبّاسُ أو عمرُ |
| هذي الملايينُ والأيامُ قد بدأت |
تزهو، ووجه الردى في النار يحتضرُ |