

نَغَمٌ بِطَعمِ الجِراح
أَلَقاً... ويَرسمُ غَزَّةً فُرسانُها
بِنَدى الجِراحِ... فَأَشرَقَت أَلوانُها
وَتَأَلَّقَت بِدِمائِهِم عَلياؤُها
وَعَلا على قِمَمِ العُلا بُنيانُها
كَتَبُوا على الزيتونِ آيةَ عِشقِهِم
وَتَنَشَّقَت أَنسامَهُم شُطآنُها
شَدّوا رِحالَ الحُبِّ فوقَ جِراحِهِم
في ثُلَّةٍ هَزَّ الدُّنى شُبّانُها
يَحدو صُمودُهُمُ قَوافِلَ صَبرِهِم
وَعَلى الْمَدى تَشدو بهم رُكبانُها
قد أَكمَلوا بِالجُرحِ قِصَّة مَن مَضَوا
أَبطالُها هُم... سِرُّها... عُنوانُها
فَكّوا أَواصِرَهُم بِدُنيا غالَها
نَكِراتُها... وَتَبَجَّحَت أَوثانُها
هُم فِتيَةٌ شَربَ الوفاءَ رَضيعُهُم
مُذ زَقَّهُ بِالْمَكرُماتِ حنانُها
يَنمو... فَشَبَّ على الجِراحِ... وَقُوتُهُ
حَجَرٌ... وَيَلتَهِمُ الأَسى صِبيانُها
كَبُروا على رَفضِ الخُنوعِ... فَأَسَّسُوا:
أَلّا يُباعَ وَيُشتَرى إِنسانُها
كَبُروا وَما في الأَرضِ مُتَّسَعٌ لَهم
صَبَروا... وَتَرشِفُ صَبرَهُم أَحزانُها
طافُوا بِكَعبَةِ خُلدِهِم مُذْ أَحرَموا
بِرُؤى الجِراحِ... فَكَبَّرَت أَركانُها
بَرَزُوا بِأَوجاعٍ تُجيدُ نَزيفَهُم
مُذْ أَيقَنُوا أَنْ بِالدِّما إِتقانُها
شَتَلوا على الأَقصى الجُروحَ فَأَفرَعَت
وَعَلى سَناهُ تَمايَسَت أَغصانُها
زَغرُودَة البارودِ صارَ نَشيدُهُم
فَنَعى مُزَنْجَرَةَ العِدا عُدوانُها
أُسْدٌ إِذا صالَتْ وَكَبَّرَ هَمُّها
هَرَبَت بِلا أَنيابِها ذُؤبانُها
قَد لَقَّنوا الباغي دُروساً في الإِبا
لن تُستَبى... فَلَقَد أَبى شُجعانُها
يَتَرَبَّصونَ معَ الأَماني لِلرَّدى
فَانقَضَّ يَرشِفُ عَذبَهُ عَطشانُها
وَتَزاحَموا حَولَ الشَّهادةِ وَاستَقَوا
فَتَدَفَّقَت بِيَقينِهِم غُدرانُها
نَقَشُوا بِمَملَكَةِ النَّدى أَسماءَهُم
مُذْ أَعلَنَت أَنَّ الفِدا سُلطانُها
هُم ثَورةٌ هَزَّت مَعالِمَ عالَمٍ
أَحيا فَضائِيّاتِهِ غَلَيانُها
بَثَّت قَناةُ التَّضحِياتِ بِأَنَّهُم
خَبَرٌ بِهِ اختَصَرَ الكلامَ بَيانُها
هُم (عاجِلٌ) مُتَصَدِّرٌ نَشراتِها
عبرَ الدِّماءِ... يَبُثُّهُ مَيدانُها
هيَ غَزَّةُ الأَحرارِ تَأتَزِرُ النَّدى
فَإِذا أُضيمَت... أَرعَدَت أَكفانُها
بِالأَمسِ وَالصَّبرُ الْمُقَدَّسُ شاهِدٌ
وَاليوم شاهِدُ صَبرِها بُركانُها
بِالأَمسِ تَرتَشِفُ الحِجارةُ رَفضَها
وَاليوم (ياسين) الإِبا ظَمآنُها
بِالأَمسِ وَالحَجَرُ الْمُجاهدُ بُلبُلٌ
وَاليوم (قَسّاماتُها) عُقبانُها
كَلّا لِطارِئَةِ الظلامِ وقد عَتى
خُفّاشُها... يَهوي بِهِ شَيطانُها
مَعلولَةٌ زُرِقَت بِمَصلِ شُرورِها
وَكَبا بِفاقِدَةِ الصَّوابِ حِصانُها
فَتَصَهيَنَت مَوبوءَةً مَسعورَةً
وَتَأَمرَكَت... فَتَفاقَمَت أَدرانُها
وَاستَرنَبَت لَمّا رَأَتْكَ مُزَمجِراً
وَتَزَلزَلَت لَمّا خَبا لَمَعانُها
كَلّا... فَما حَزَرَت مَعابِدُهُم وَلا
فَكَّت مُشَفَّرَةَ الفِدا كُهّانُها
رادارُهُم عَرّافَةٌ طاشَت بِهِم
إِذْ شَطَّ مَخزِيَّ الرُّؤى فِنجانُها
بُؤسٌ وَطائرةُ الدَّعِيِّ يَقودُها
مُتَسَكِّعاً في طَيشِهِ سَكرانُها
رَدَّت... فَكانَ الرَّدُّ في (الْمَشفى)... فَيا
لحَقودَة شطت بها أَضغانُها
وَعَوَتْ وَبُغيَتُها: جَدائِلُ طفلَةٍ
قد هامَ في فَلَكِ الذُّهولِ زَمانُها
شَيخٌ يُغازِلُ في الحُقولِ فَسائِلاً
تَنتابُ سُبحَةَ صَبرِهِ أَشجانُها
وَلِرَبَّةِ الخِدرِ الْمُضَمَّخِ وَحشَةً
رَأيٌ... سَتُخبِرُنا بِهِ أَحزانُها
تَمضي... وَتَلتَحِفُ التُّرابَ...
وَطِفلُها افتَرَشَ الحَنانَ تَضُمُّهُ أَحضانُها
الماءُ يُذبَحُ... وَالوُرودُ تَناثَرَت
وَبَراءَةُ العِطرِ الْمُراقِ لِسانُها
مَن مِثلُ جَدَّةِ غَزَّةٍ لَمّا قَضَت
تَغفو على نايِ الأَسى أَجفانُها؟
ما ذَنبُها؟... وَالذَّنبُ نَعرِفُهُ...
إِذ اقتَرَفَت ثَباتاً صَبَّهُ إِيمانُها
لَم تَرتَكِبْ إِلّا الإِبا... فَمَضَت بِهِ
يَحنو على أَشلائِها قُرآنُها
وَعدٌ – وَقد صَبَّت جَرائِمَها لَظىً
في الأَبرياءِ - فَلَن يَدومَ كِيانُها
إِن أَقصَوا الدنيا... فَلِلأَقصى دَمٌ
بِعُروقِ غَزَّةَ تَستَقيهِ جِنانُها
قد أَقسَمَ الأَقصى... وَغَزَّةُ راهَنَت
وَعلى قلوبِ الأَوفياءِ رِهانُها
وَاستَعذَبَت أَشلاءُ غَزَّةَ نزفَها
واستَمرَأَت جَبَلَ الفِدا كُثبانُها
وَغَداً فلسطينٌ بِأَجمَعِها فِدا
حُرِّيَّةٍ عُتِقَت... وَآنَ أَوانُها
لَن يسكتَ الأَقصى... فَذاكَ أَذانُهُ
في غَزَّةٍ... وصَدى الصُّمودِ أَذانُها
لَن يَهدَأَ الطُّوفانُ... تلكَ لَكَرَّةٌ
وَغَداً بِتَلِّ أَبيبِهِم طُوفانُها
*قذيفة ياسين
*صاروخ قسام
*مستشفيات غزة منها مستشفى المعمداني