الخميس ٢٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم
وداعاً يا أعزَّ صديق
رَمَقَ السماءَ مُعاتِباً، مُسْتَعْبِراومشى يُغالِبُ دَمعَهُ المُتَحَدِّراوَمَشى يُوَدِّعُ صَحْبَهُ، وفؤادُهُبينَ الإقامةِ والرحيلِِ تَشَطَّرا* ** **يا راحِلاً عِندَ الغُروبِ مُشَيَّعاًلِلِقاءِ اَهلِكَ، بالأسى، مُسْتَبْشِرامَهْلاً، يطولُ بِنا الوداعُ دقائِقاًسِيّانَ بعدَكَ أن تَطولَ وتَقْصُراإن كانَ عِندكَ للفراقِ تَصَبُّرٌأفديكَ، هَبْ لي مِنكَ فيكَ تَصَبٌّراارِني بعينيكَ الحياةَ نعيمُهانَغَمٌ على شَفَةِ الجحيمِ تَفَجَّرا* ** **عَجِلًا تسيرُ، فهل مقامُكَ بينناقَدَرٌ، فِراقُكَ قَبْلَهُ قَدْ قُدِّراودَّعْتَنا والشمسُ مِثلُكَ ودَّعَتْآفاقنا تَطوي النهارَ المبصِراماذا تُراكَ وعَدْتَها فَتَعَجَّلَتْوَتَوَشَّحَتْ فَرَحاً وشاحاً احمراأم إنها عَلِمَتْ بأنكَ راحِلٌفَهَوَتْ تُقَبِّلُ خَطْوَكَ المُتَعَثِّراامْ قد تَلَتْ اَلَمَ النوى بِعُيُونِنافاسْتَبْدَلَتْ بِذُرى السَما وجْهَ الثَرىتَبْكيكَ صَمْتاً، ثم ترقُدُ ليلَهاصَبْراً، وتنتظرُ الصباحَ لِتُسْفِرافَغَداً تَراكَ، زمانُكُمْ بلقائِكمإلا مكانَ المُلتَقى، ما غَيَّرافَلو اصْطَبَرْتُ كصَبْرِها مُتَعَلِّلاًولو انتَظرْتُكَ ساهِراً، ماذا أرىأأرى مكانكَ خالياً فيعيدُنيللاَمسِ اتْبعُ ما مضى مُسْتَذْكِرافَهُناكَ سِرْتَ، هُنا جَلَسْتَ، هناضَحِكْتَ، بِعِفَّةِ المَلَكِ الطَهورِ، واطْهَرا* ** **ما كنتُ اعلمُ بالصَديقِ، فراقُهُكسْرٌ، واِنْ حاوَلْتَهُ لنْ يُجْبَراحتى ارْتَحَلْتَ، فَبانَ اِنَّ تَجَلُّديزَيْفٌ تَوَهَّمَهُ الخيالُ وصَوَّرافالحيُّ مذْ غابت عُيُونُكَ مُوحِشٌمُتَرَقِّبٌ طيفاً يَعودُ ليُزْهِراوالليلُ بعدَكَ لا يطيبُ لسامرٍأيطيبُ لَيلٌ مِن حَديثكَ أقفرا؟!عَجَباً دَخَلْتَ العُمْرَ صَفْوَ بَراءَةٍكالنورِ او كالعِطرِ او سِنَةِ الكرىمابينَ فعلٍ صائِبٍ او دونَهُتَلْهو بأيامِ الشبابِ كما تَرىأو موعِداً واعَدْتَنا لم تأتِهِمُتَعَلِّلاً والعُذْرُ منكَ تَعََذَّرااُغْضِي لمِا تأتي بهِ وَأراكَ فيإتْيانِهِ أخيَ الشقيقَ الأصْغَراورَحَلتَ في عَجَلٍ كأنَّكَ طائِفٌما جاءَ حتّى قيلَ مَرَّ وأدْبَراوتَرَكتَنا للذكرياتِ نُعيدُهاحُلُماً غَفا في العينِ لَيْلةَ إذْ سَرىفَكَأنها كلُّ الحياةِ وإنّماما بيننا بالأمْسِ إلا أشْهُرا* ** **وإذا أرَيْتُكَ في الوداعِ تَجَلُّداًوَحَبَسْتُ دَمْعي في الجُفونِ فما جَرىوَضَحِكْتُ مِن سَوْطِ العذابِ فأننيأكْبَرْتُ دمعي اَن يُضامَ ويُقْهَراولقَدْ تَرَكْتُ العُذْرَ مُتَّكِلاً علىإني عَرِفْتُكَ بالضميرِ، الاَخْبَرايَزْدادُ فِعْلُ الدهرِ بي سوءاً فمااَزْدادُ إلا رِفْعَةً وتَكَبُّرا* ** **دُنياكَ أهْوَنُ من إراقَةِ دمْعِناهَدْراً ونعْلمُ اَنهُ لا يُشْتَرىلوْ قََدْ عَلِمْتُ الدمعَ يُرْجِعُ غائباًلأسَلْتُ مِن حُمْرِ المدامِعِ أبْحُراومَدَدَتُ جسراً للمنافي كلِّهاواليكَ من ضَوءِ العُيونِِ لِتَعْبُراإنْ كانَ مَقْسوماً لنا فَسَنلتقييوماً وإنْ طالَ المدى وتأخَّراوإذا الزمانُ أبَى فَحسْبيَ اننيألقاكَ بالذِكرى ربيعاً اَخضرا