الأحد ٣ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم خضر أبو جحجوح

ثورة الصحارى

قُبَّراتي كئيبةٌ، والحقولُ
مزَّقَتْهَا وحاصرتها الوعولُ
وعلى موجِ الدَّمعِ تجري سفينٌ
يكتوي فيها عاشقٌ مغلولُ
كبلته الجراحُ حتى تردّى
ونما في جبينه المجهولُ
والرُّؤى مكفهرةٌ كيف تزهو؟
والسَّوافِي جريحةٌ والنخيلُ!
صال دمعي، وصار صوتي غريبا
وكسا بهجتي دمٌ وهديلُ
أيّهذا العذابُ إنّا ظَمِئْنَا
والنّدى العذبُ حولَنَا سَلْسَبِيلُ
أيهذي الجراحُ إنَّا اختنقنا
وهواء الربى عليل جميلُ
والروابي في صوتها لحنُ شكوى
تتلوّى والرعبُ فيها سيولُ
أيهذا الأنين إنا هرمنا
والمُدَى في قلوبِنا! لا تزولُ
والصَّحَارَى! يا للصَّحارَى ذبيحٌ
رملُها، والفضاءُ فيها عويلُ
حاصرتها السَّمُومُ والجرحُ سيلٌ
هادرٌ دمعه الجوى والصّهيلُ
حمحماتٌ معذبات تسامتْ
خيلُها في الذرى؛ فماجت سهولُ
***
الصَّحارى حَلِيفَتِي والسّهُولُ
ودَمِيْ فيها يزدهي ويصولُ
كيف أنسى أنينَها يوم ساخت
عزّتي فيها، واحتواها الذهولُ؟!
يا لهذا العذابِ أضحى ركاما
يتمطى لهيبه ويجولُ
والفراتُ الذبيحُ يبكى قريحا
فيردّ الصدى أخوه النيلُ
أيهذا الحنين، طال أنيني
كيف يُرْوَى الصَّدَى، ويُشفى الغليلُ؟!
سطوة القهر أوقدت إبائي
فسما المجدُ، وازدهى المأمولُ
وبغير الإباء تبقى المعالي
هاجسا حلوا تحتويه العقولُ
يا لجرحٍ دماؤه من عيوني
نازفاتٌ، وهمّهُ موصولُ
والذي أدمى مهجتي وكساني
ثوبَ نارٍ حريرهُ التنكيلُ
ثعلب قاتلٌ يفحّ عذاباً
والأفاعي حبيبهُ المتبولُ
تيمته الرؤى فذاب غراما
بالأماني حتى طواه الرحيلُ
كل صوتٍ متيمٌ في هواه
صار بوقا يَزينُه التضليلُ
وانتشى بالدماء دهرا يغني
واكتوى من لظاه شعبي الأصيلُ
صبَّ نهر الدماء فوق الروابي
فتردى بعد الشبابِ الكهولُ
ورماه الزمان هشّا هزيلا !
مثلما يطوى الثوبُ، وهْو ذليلُ
وطواه الغياب ذئباً طريدا
أين منه المُنَى؟! وأين الطّبولُ؟
طال هذا الأنين حتى صرخنا
فأصاختْ لنا الذرى والفصولُ
وأفاق الزمان لمَّا أفقنا
وزها بالدمِ الهوى المسلولُ
ورمى بالسّهام كعبَ أخيلٍ
فتهاوى على الرّماحِ أخيلُ
صرخةُ القهر أمطرت في الصحارى
مزنةَ العزّ فاستفاقت طلول
وسقى الياسمينُ شوق الفيافي
فتسامى بفيضه المستحيلُ
تونسيُّ الهوى اجتراحي هواها
كيف أنسى وخافقي متبولُ؟!
***
رجفةُ النيلِ موجةٌ تتشظى
سيلبي نداءها الدردنيلُ
هي مصر التي تروِّي حنيني
بالضياء البهيّ وهي تقولُ:
(أنا إن قدّر الإله مماتي)
سوف يبكي الدماءَ مجدي الأثيلُ
إن مسكَ الزهورِ قبسةُ مجدٍ
وبريق تحدو خطاه الأصولُ
والذي أهدى الروضَ زهرا ومسكا
من دمي سوف يحتويه الأفولُ
وطَرَابُلْسُ تكتوي في لظاها
يا لنيرون، فاقه المخبولُ
وببنغازي شعلة نارها فيــ
زوف فيها ستستغيث الفلولُ
هلّلي ليبيا فالعقيد سرابُ
واشمخي ليبيا فالسراب يزولُ
إيه بلقيسُ حاصرتنا المنايا
يا لصنعاءَ صال فيها المغولُ
كلُّ جرح معذبٌ في عيوني
خلفه جرح باللظى مجدولُ
قبضة الجلادين طاشت هواناً
وتنامى في معصميها النزولُ
كلّ سفَّاحٍ سافدته الأماني
فتعالى، سينثني ويزولُ
فاستمري إنَّ البراكين تغلي
وسوى النارِ ليس فيها حلولُ

فبراير/ 2011

مخيم النصيرات/ غزة/ فلسطين المحتلة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى