

حوار مع المخرج المغربي الواعد رامز لطرش

السينما كانت علاجي ونافذتي نحو العالم
في ركنٍ من أركان الإبداع المغربي الشاب، يطل المخرج رامز لطرش كصوت جديد في السينما المغربية، قادم من مدينة جرسيف التي شكلت له المعمل الأول لاكتشاف ذاته ولغة الصورة. شاب وجد في السينما علاجا وتعبيرا عن الذات، فحول تجربته الشخصية من العزلة إلى انفتاح على العالم بعدسة تلتقط نبض الحياة وتعيد صياغته فنيا.
في هذا الحوار، يتحدث رامز لطرش عن بداياته، شغفه، رؤيته للمهرجانات، ومشاريعه القادمة، كما يكشف عن حلمه بإبراز مدينته الصغيرة في الخريطة السينمائية المغربية.
رامز لطرش.. من عزلة الطفولة إلى شغف الكاميرا
ج: السنيما بالنسبة لي علاج روحي. وأفضل تسميتها بالسينما العلاجية أو العلاج بالسينما. فعلا لقد عشت مرحلة التوحد في الصغر. لكن سرعان ما بدأت أشارك في العروض المسرحية بالمدارس. لقد أصبحت السينما كالصديق الوفي الذي أتقاسم معه كل شيء لأنني احس أن السنيما تفهمني جيدا وتعطيني مجالا أوسع من أجل التعبير والإبداع . أذكر شيئا مهما حصل معي في السنة الثالثة ابتدائي .حينما سألني أحد أساتذتي عن الشيء الذي أطمح بلوغه في المستقبل. فكانت الإجابة بكل افتخار: ممثلا ومخرجا ومنتجا سينمائيا وتحول هذا العشق إلى حقيقة في مرحلة الثانوي بثانوية الحسن الداخل جرسيف ، إذ تعتبر هذه الأخيرة محطة بروز شغفي في المجال الفني السنيمائي ، حيت كانت أول خطوة التي سأتقاسم فيها مع جمهوري احد أعمالي المسرحية والسنيمائية ، كما كانت سبب في بروز ما بداخلي من هالة إبداعية ممزوجة بالمحبة التي بصمتها في قلوب أساتذتي وزملائي داخل الثانوية ، استطعت رغم صغر سني ان أقوم بإخراج وإنتاج مجموعة من الأعمال الفنية والسنيمائية أذكر منها أول فيلم لي وهو بعنوان "أيام ندم" حول السلامة الطرقية وعدة أعمال أخرى التي كانت ثمار جهود استقيتها من إلمامي وتواجدي المكثف بالعروض المسرحية والسنيمائية والمهرجانية بمدينتي مثل مهرجان ملتقى سنيما الهامش جرسيف.
متى كانت الانطلاقة الحقيقية في مجال السينما؟
فبعد حصولي على البكالوريا التحقت بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس شعبة الفلسفة وبعدها التحقت بالمعهد المغربي للسنيما والتلفزيون بنفس المدينة لصقل الموهبة وتطوير الذات من خلال تكوين أكاديمي محترف. وبعد حصولي على ديبلوم تقني متخصص بالمعهد ، أسست أول شركة لي بالمجال السمعي البصري شركة RAMI SCENE PROD للإنتاج السمعي البصري . كما أتيحت لي الفرصة لتصوير فيلم أخر وهو بعنوان "الورقة المثقوبة" والذي يعتبر فيلما فلسفيا ذو طابع رمزي ولغة سنيمائية مميزة ، ويحمل قصة شاب له طموح مقيدة بأحلام منكسرة وآمال مشتتة ، إذ تتجاوز رمزيته جدار السنيما لترتطم بأرض الواقع وما يعيشه أولئك الذين بات مستقبلهم بين مخالب الظلام...
س: من هو السينمائي المغربي الذي تقتفي أثره الإبداعي؟
ج: في الحقيقة، لا أستطيع أن أحصر تأثري في اسم واحد، لأن السينما المغربية تزخر بأسماء مبدعة ألهمتني في مساري. لكن يمكن القول إنني أتأثر بكل مخرج يشتغل بصدق، ويجعل من الكاميرا أداة للرصد عن خبايا الذات وطيف الواقع. فكل تجربة فنية صادقة تترسخ في وجداني وتغذي خيالي السينمائي. لذلك تجدني أتأثر بكل مخرج يشتغل بصدق ويجعل من الكاميرا وسيلة للتعبير لا للتسلية . لا أستطيع أن أحصر تأثري في اسم واحد. أتعلم من كل تجربة صادقة، فكل مخرج مغربي يشتغل بإخلاص على مشروعه الإبداعي يشكل بالنسبة لي مصدر إلهام، لأن السينما ليست تقليداً بل استلهام وتجريب دائم.
س: كيف تنظر إلى السينما المغربية؟
السنيما المغربية منذ زمن بعيد وهي في تطور من حسن الى احسن حيت انه نجد العديد من المخرجين الكبار الذين تركو بصمتهم في السنيما المغربية كالمخرج هشام العسري فأنا شخصيا تأترت بطريقة سرده للمواضيع وطريقة معالجته للمواضيع بالإضافة إلى لمسته الإبداعية وأسلوبه بالجرأة في معالجة القضايا الإجتماعية ، وكما نجد العديد من المخرجين المغاربة الذين يدمجون الفلسفة في افلامهم ولهم لغة سنيمائية مميزة متلا المخرجة اسماء المدير والمخرج المغربي حميد بناني والمخرج المغربي مراد الخودي
س: كيف ترى المهرجانات السينمائية محلياً وجهوياً ووطنياً؟
ج: أعتقد أن المهرجانات السينمائية بشكل عام فضاءات للتلاقي وتبادل الخبرات بين المبدعين، وهي أيضا فرصة لتقييم التجارب الجديدة للمبدعين سواء كانوا محترفين أو هواة. إنها بمثابة مختبر مفتوح لتقييم التجارب السينمائية الشابة. من خلالها يكتسب المخرج الثقة ويختبر رؤيته أمام الجمهور والنقاد. أتمنى فقط من المركز السينمائي المغربي أن يواصل دعم هذه المهرجانات ويحرص على تطويرها تنقيتها استمراريتها لأنها لا تشكل رئة حقيقية للحركة السينمائية الوطنية فحسب، بل هي رافعة أساسية لبناء صناعة سينمائية وطنية كما تعد مرحلة واعية من الحوار الحضاري، إنها بمثابة ورشات مفتوحة لتبادل التجارب والخبرات بين الأجيال. ونقلها بالصورة والصوت عبر سفر حضاري لا نهائي.
س: حدثنا عن آخر مشاركاتك السينمائية؟
ج: كانت آخر مشاركاتي في مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير في دورته السادسة والعشرين بفيلمي "الورقة المثقوبة" شتنبر 2025 ، والذي حظي بجائزة التنويه الخاص. كما توجت بجائزة أحسن سيناريو في المهرجان الأطلسي الدولي للفيلم القصير بإيموزار كندر في دورته الثالثة 2024. هذه الجوائز تعني لي الكثير، لأنها بمثابة اعتراف وتشجيع في الوقت نفسه، لكنها أيضا تكليف ومسؤولية تدفعني إلى مواصلة البحث والتجريب السينمائي الجاد.
س: هل أنت راضٍ عن الجوائز التي نالتها أفلامك؟
ج: أعتقد أن الرضا الكامل صعب، لأن الفنان الحقيقي لا يتوقف عند محطة معينة. الجوائز جميلة، لكنها لا تعني النهاية، بل هي بداية مرحلة جديدة من التحدي. أعتبرها بمثابة تحفيز معنوي يدفعني إلى التعمق أكثر في الكتابة والإخراج، والاقتراب من قضايا الناس والمجتمع بروح فنية مسؤولة.
س: كيف ترى مستقبلك الإبداعي سينمائيا؟
ج: هناك العديد من الأفكار التي أشتغل عليها حاليا، سواء في إطار الفيلم القصير الوثائقي أو الطويل، لكن أكثر ما يستأثر باهتمامي الآن هو مشروع فيلم وثائقي حول مدينة جرسيف، يسلط الضوء على مقوماتها الفلاحية، خصوصا زيت الزيتون التي تشكل علامة بارزة في هوية المدينة. أتمنى من وزارة الثقافة والجهات المسؤولة أن تدعم مثل هذه المبادرات لأنها تساهم في إبراز غنى مدننا الصغيرة التي تحمل طاقات شبابية كبيرة.
س: ما رأيك في بطاقة الفنان؟ وهل لديك مقترحات بشأنها؟
ج: بطاقة الفنان فكرة نبيلة، هذه حقيقة يجب أن تقال .لكنها تحتاج إلى مراجعة وتفعيل أكبر حتى تضمن إنصاف جميع الفاعلين في المجال الفني، خصوصا الشباب الذين يشتغلون في الظل أو بشكل مستقل. يجب أن تكون أداة حقيقية للاعتراف والتمكين، لا مجرد وثيقة رمزية. وارى أن من الضروري أن تتحول بطاقة الفنان من وثيقة رمزية إلى أداة حقيقية للتمكين، خصوصاً للفنانين الشباب الذين يعملون بشكل مستقل. يجب أن تكون ضماناً للكرامة والاستمرارية.”
س: كلمة أخيرة.
ج: أشكر كل من يسعى لتكريس ثقافة سينمائية جادة ومسؤولة في بلادنا، وأخص بالشكر جريدة الاتحاد الاشتراكي الغراء التي تواكبنا وتوصل صوتنا إلى الجمهور والتي تلعب دورا مهما في تسليط الضوء على المبدعين الشباب. كما لا يفوتني توجيه الشكر للمركز السينمائي المغربي على ما يقدمه من دعم ومواكبة للمهرجانات الشابة.”