

ذاكرة
أطلُّ من نافذةٍ
على ما لم يَعُدْ لي.
أُصفِحُ الذاكرةَ،
رائحتُها لا تزالُ تدلُّ على الأصابعِ
التي قلّبتْ صفحاتِها.
أتذكّرُ الطريقَ الذي كنّا نسيرُ فيه،
كان الغبارُ يسبقُنا،
ويعرفُ النهاية.
البيوتُ تتبادلُ النظرَ،
والأبوابُ تُصغي إلى همسِنا،
كأنّها تشتهي أن تُغيِّبَنا مبكّرًا.
في الليل،
حينَ ترجُّني الذاكرةُ،
تتدلّى الصورُ،
وأسمعُ ضحكتي القديمةَ
تمرُّ حافيةً قربَ الماء.
أشياءٌ لم تَعُدْ كما كانت:
الذاكرةُ أصبحتْ ضيّقةً في رأسي،
وأصدقاءُ تحوّلوا إلى هواءٍ
يمرّون أمامي عنوةً.
أكتبُ لأتذكّر،
لكنّ الحروفَ نفسَها تنسى
وهي تتكوّن.
كلُّ ذاكرةٍ
غاب عنها أصحابُها،
ظلَّ العطرُ وحده
يحاولُ أن يُقنِعَنا
بأنّ أحدًا ما، في يومٍ بعيد،
كان هنا.