الأحد ١٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥
بقلم رانيا مرجية

رأيتُ جزءًا من نصوصي مسروقًا فابتسمت

لم أغضب.

لأن ما يهمّني حقًا ليس اسمي متربّعًا فوق الجملة، بل أن تصل الفكرة إلى حيث قُدِّر لها أن تصل، حتى لو حملتها يدٌ ليست يدي.

أدركتُ أن الكلمات التي تُسرق تشبه الطيور التي تُفلت من القفص:

لا يهمّ من فتح الباب، المهم أنها عرفت طريقها إلى السماء.

فالملكية الحقيقية ليست للحروف بل للرحلة الداخلية التي أنجبتها.

من يسرق نصّي يسرق شكله، لكنه يعجز عن سرقة عمقه؛ يأخذ الضوء ولا يأخذ الشمس.

ثمة أسرار لا تُنقل مع النص، أسرار محفورة في الأوجاع التي مرّت، في الخيبات التي نمَت فوق القلب، في محاولاتي المتكررة لفهم حكمة الألم، ومعنى أن يُعاد تشكيل المرء ألف مرة ليكتشف شكله الأخير.

هذه التجارب لا تُسرق.

هذه ملكي وحدي، ووسامٌ لا يُنتزع.

ولذلك ابتسمت.

ابتسمتُ لأن من يسرق نصًا يبحث، دون أن يدري، عن لغة تنقذه. يبحث عن لسانٍ يتكلم عنه حين يعجز عن الكلام.
ابتسمتُ لأن نصوصي — حتى حين تُنتزع — تظلّ تحمل شيئًا من دفئي وأنا أكتبها، ومن دموعي التي سقطت فوق حروفها، ومن يقيني بأن الفكرة الأجمل لا تُكتب لتُحفظ، بل لتتحرر، لتتحوّل، لتصل.

لقد تعلمتُ أن الفكرة التي تستحق الحياة لا تخاف من الفقد، لأنها تعرف كيف تعود، وكيف تتجسد في ألف شكل، وكيف تحفر مكانها في ذاكرة العالم.

وأنا، حين أكتب، لا أكتب لأحرس نصوصي… بل لأحرّرها.

وهكذا صار النص عندي بذرة كونية:
قد تسقط في أرض بعيدة، قد تحملها رياح لا أعرفها، قد تنسب إلى غيري،
لكنها — إن كانت صادقة — ستنبت يومًا في قلبٍ ما،
وتُثمر وعيًا أكبر من اسمي، وأعمق من غضبي،
وعيًا يليق بالعابرين فوق جراحهم، بالباحثين عن حقيقتهم،
وعيًا يليق باسم رانية مرجية…
التي تؤمن أن الفكر حين يولد من الألم،
يصبح ملكًا للعالم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى