الأحد ٢٩ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

لحم ودم

بقلم : ديفيد سزالاي

عندما بلغ الخامسة عشرة، انتقل مع والدته إلى مدينة جديدة وبدأ الدراسة في مدرسة جديدة. لم يكن العمر مناسبًا لهذه الخطوة - فقد كانت التسلسلات الاجتماعية في المدرسة مُرسَّمة بالفعل، وواجه صعوبةً في تكوين صداقات. بعد فترة، تعرَّف على صديق واحد، شخص انطوائي مثله. كانا يقضيان وقتًا معًا أحيانًا بعد المدرسة في المركز التجاري الجديد الذي افتُتح حديثًا في المدينة على الطراز الغربي. سأله صديقه:
 هل فعلتَ ذلك من قبل؟

أجاب إستفان:
 لا.
 أنا أيضًا لم أفعل.

قال صديقه، وكأنه يعترف بأمرٍ عادي. كان يتحدث عن الجنس ببساطة وصراحة. أخبر إستفان عن الفتيات في المدرسة التي يُخيِّل لهن، وما يتخيل فعله معهن. قال إنه يستمني غالبًا أربع أو خمس مرات في اليوم، ما جعل إستفان يشعر بالنقص لأنه لا يفعل ذلك سوى مرة أو مرتين في العادة. وعندما اعترف بذلك، قال صديقه:

 لا بد أن دافعك الجنسي ضعيف.
ربما كان ذلك صحيحًا، فهو لا يعرف كيف يكون الأمر بالنسبة للآخرين.لا يملك سوى تجربته الخاصة.

ذات يوم، أخبره صديقه أنه فعل ذلك مع فتاة تعيش في الجانب الآخر من سكك الحديد. كان الخبر مُربكًا.استمع إستفان بينما وصف صديقه ما حدث بتفاصيل دقيقة. حاول أن يعرف إن كان صديقه صادقًا أم كاذبًا. رغم أنه كان يفضل أن يكون كاذبًا، إلا أنه شعر أنه على الأرجح يقول الحقيقة. بعض التفاصيل التي ذكرها كانت محددة جدًا، غريبة جدًا، بحيث لا يمكن أن يكون قد اختلقها.

ثم، بعد أيام قليلة، قال صديقه إنه تحدث مع الفتاة، وإنها وافقت أن تفعل ذلك مع إستفان أيضًا.
قال إستفان:
 أحقا ؟
قال صديقه:
 أجل.

لم يعرف إستفان إن كان ذلك يعني أن الثلاثة سيفعلون ذلك معًا، أم أنه سيكون وحده مع الفتاة. كان مترددًا جدًا لدرجة أنه لم يجرؤ على السؤال. بعد المدرسة في ذلك اليوم، عبرا سويًا جسر المشاة فوق سكك الحديد. كان الظلام قد بدأ يخيم. نزلا الدرجات المعدنية على الجانب الآخر من الجسر وسارا قليلًا حتى وصلا إلى مجمع سكني. لم يكن مختلفًا كثيرًا عن المجمع الذي يعيش فيه إستفان ووالدته، لكن المباني هنا، رغم أنها أيضًا مبنية من ألواح خرسانية مسبقة الصنع، كانت أطول. عند مدخل أحدها، ضرب صديقه رقم الجرس الخاص بأحد الشقق.وبعد لحظات، دون أن يُقال أي شيء، انفتح الباب فدفعه بكتفه ودخلا.

كانت رائحة المصعد ممتلئة بدخان السجائر.حدَّق إستفان في خشب الفورمايكا المزيف الذي يكسو جدرانه بينما كان يصعد. صعد ببطء شديد، مع صرير متواصل وصدى عالٍ كلما اجتاز طابقًا. سأله صديقه:
هل أنت بخير؟ .
قال إستفان:
 نعم.
قال صديقه:
 تبدو مرتعبًا.
قال إستفان:
 لا .
تركا المصعد في أحد الطوابق العليا، وطرق صديقه باب شقة. فتحت الباب فتاة في نفس عمرهما تقريبًا.قالت :
 مرحبًا.

رد صديق إستفان:
 مرحبا .
تراجعت جانبًا ليدخلا إلى الردهة.

قال صديق إستفان:
 هذا صديقي ،تعرفين. الذي أخبرتك عنه.
قالت الفتاة:
 حسنًا.
تطلعت هي وإستفان إلى بعضهما للحظة.
قال صديق إستفان:
 حسنًا؟
قالت الفتاة:
 نعم.

وقف الثلاثة هناك دون حركة. نظرت الفتاة إلى إستفان مرة أخرى. بينما هو لم ينظر إليها. قال صديق إستفان.
 حسنًا.
قالت الفتاة لصديقه، مشيرة إلى باب:
 هل تريد الانتظار هناك؟
 نعم، حسنًا.

قال صديق إستفان. بدا وكأنه خاب أمله، كما لو أنه هو نفسه لم يكن متأكدًا ما إذا كانوا سيفعلون ذلك معًا، وكان يتمنى في قرارة نفسه أن يفعلوا.أشعل إستفان سيجارة، واضطر إلى الضغط على الولاعة عدة مرات قبل أن تظهر الشعلة.التقى بصديقه بنظرة للحظة وابتسم له. لم يحاول إستفان حتى أن يبتسم في المقابل. شعر بشيء يشبه الذعر.تبع الفتاة عبر ممر قصير مظلم إلى غرفة في نهايته. لم يلتفت كثيرًا إلى تفاصيل الغرفة، سوى أنها كانت مليئة بالأشياء، بما في ذلك ما بدا أنه حيوان صغير في قفص.جلست الفتاة على سرير كان هناك.جلس إستفان على كرسي. سألته الفتاة:

 ما اسمك مرة أخرى؟
أخبرها.
أخبرته باسمها قالت :
هل أنت بخير؟
أجاب :
 نعم.

تحدثا لبضع دقائق. هي على الأقل كانت تتحدث. كانت هناك فترات صمت طويلة، يسمع خلالها أحيانًا صوت الحيوان الصغير يتحرك في قفصه. سألته من أين أتى.
سألت عندما أخبرها.
 وكيف هو ذلك المكان؟
قال:
 لا بأس.

جلسا في صمت.أشعلت سيجارة، ربما فقط لتفعل شيئًا. وبعد فترة، دون أن تقول شيئًا، وقفت وغادرت. بعد دقائق، فتح الباب مرة أخرى. رفع إستفان رأسه ورأى صديقه. كان يتوقع أن تكون الفتاة. سأل صديقه.

 ماذا حدث؟
 ماذا تعني؟
كرر صديقه السؤال:
 ماذا حدث؟
 لا شيء.
قال صديقه:
تريد منك أن تذهب، ماذا فعلت؟
لا شيء.
- لا شيء؟
نعم.

غادرا الشقة، وفي الممر الخارجي قال صديقه:
 حسنًا، أراك لاحقًا.
سأل إستفان:
 ألستَ قادمًا؟
قال صديقه:
 لا، تريد مني أن أعود.
 حقًا؟
أومأ صديقه برأسه.
 أراك لاحقًا.
 حسنًا.
ما زال إستفان لا يفهم ما حدث، نزل بالمصعد وحده.

بعد أيام قليلة، كان صديقه يشرح له ما حدث.
 قالت إنك لست مثيرًا. هذا ما قالته.
يدخن إستفان.كان الأمر فظيعًا، أن يُقال له ذلك، وعنه، لكنه لا يعرف كيف يرد. يبدو الأمر بلا رد. قال صديقه:
 قالت إنك لم تبد مهتمًا.
قال إستفان:
 كنت مهتمًا.
 قالت إنك لم تبد كذلك.
 كنت مهتمًا.
بعد ذلك، لم تعد الأمور كما كانت بينه وبين صديقه.

أصبحا يقضيان وقتًا أقل معًا.بدأ صديقه يتسكع مع آخرين. أمضى إستفان وقتًا أطول وحيدًا.

في يوم الأحد، زار هو ووالدته جدته. كان عيد ميلادها. جلس هناك، يشعر بالملل، في غرفة المعيشة الخاصة بها بينما كانت هي ووالدته تتحدثان. طلبت منه والدته أن يملأ المزهرية بالماء من أجل الزهور التي أحضروها. ذهب إلى المطبخ وفعل ذلك. كانت النوافذ مفتوحة. كان الجو دافئًا بالنسبة لهذا الوقت من السنة. سألته جدته.

 وكيف حالك؟
أجاب:
 بخير.

وقف في الشرفة الصغيرة وهو يتمنى لو يستطيع التدخين. من بعيد، وأسفل التل، كان يستطيع رؤية الجزء من البلدة الذي يعيش فيه هو ووالدته.كانت والدته تخبر جدته عن مدى تفوقه في المدرسة.أخرجت جدته بعض المال من محفظتها وأعطته إياه، على ما يبدو كمكافأة.

قالت له والدته أن يشكرها. قال لجدته :
 شكرًا لك .
ابتسمت جدته.

كان لديها تلك الكتب عن السفر. كانت مصطفة بجانب بعضها على رف بالقرب من التلفزيون. إيطاليا، فرنسا، تشيكوسلوفاكيا، الاتحاد السوفييتي، ألمانيا الغربية، بريطانيا العظمى. بدافع الملل، أخذ يتصفحها بينما كانت والدته وجدته تتحدثان. كانت الكتب تحتوي على صور، معظمها بالأبيض والأسود، وبعضها ملون. بدت الألوان فيها غير طبيعية بطريقة ما، لا تشبه ألوان الأشياء في الواقع.

كانت هناك سيدة تعيش في الشقة المقابلة لهما. بعد وقت قصير من انتقال إستفان ووالدته إلى المبنى، سألت السيدة والدته إذا كان إستفان يستطيع مساعدتها في التسوق أحيانًا. قال إستفان عندما أخبرته والدته بالأمر:
ماذا يعني ذلك؟
تريد منك أن تذهب معها إلى المتجر وتساعدها في حمل المشتريات إلى الطابق العلوي.
لا أريد فعل ذلك .

قالت والدته:
 لقد كانت مفيدة جدًا لنا .
أصر استيفان :
 لن أفعلها.
قالت والدته :
 قلت لها أنك ستفعل.
 قلتِ إنني سأفعل؟
 نعم . قلت .
 لماذا؟

كررت والدته القول:
 قد كانت مفيدة جدًا لنا ، وزوجها يعاني من مشكلة في القلب. لن أجادلك في هذا الأمر.
ومنذ ذلك الحين، مرة أو مرتين في الأسبوع، كان يذهب إلى السوبر ماركت مع السيدة ويساعدها في حمل المشتريات إلى المنزل.

بعد عودته من المدرسة، ألقى حقيبته على أرضية الشقة ثم خرج مرة أخرى وطرق باب الشقة المقابلة.فتحت له السيدة التي تعيش هناك وأخبرته أن ينتظر دقيقة، ففعل، وهو يرتدي قبعته وسماعاته، محدقًا في درجات السلم الأولى حتى المنصة الوسطى، حيث تصطف نباتات في أوانٍ بجوار النافذة. النافذة مثبتة بشكل غريب في الحائط، فهي تمتد إلى ما تحت مستوى الأرضية. قالت السيدة وهي تقفل باب شقتها.
حسنًا .

كانت ترتدي معطفها وقبعتها الآن، فبدآ بالنزول معًا على الدرجات الخرسانية. سألته بينما ينزلان الدرج معا :

 هل الجو بارد بالخارج؟.
اضطر إلى رفع السماعات عن أذنيه لسماعها كررت السؤال:
 هل الجو بارد بالخارج؟
أجاب.:
 نعم .
تخطيا البرك المائية على الرصيف غير المستوي وانتظرا عند إشارة المرور.بدا السوبر ماركت مضيئًا جدًا بعد شفق الشتاء الباهت في الشارع.حررت السيدة شعرها من تحت قبعتها وأرخَت وشاحها.تبعها وهو يدفع عربة التسوق بينما تضع هي المشتريات بداخلها.لم يتحدثا.بعد ذلك، عادا إلى المبنى حيث يعيشان، وصعدا الدرج. لا يوجد مصعد في المبنى، وشقتاهما في الطابق الرابع. قالت له وهو يضع الأغراض الثقيلة على طاولة مطبخها.
- أنت قوي جدًا.

لم يعرف كيف يرد على ذلك.اكتفى بإيماءة بالرأس، فسألته إذا كان يريد بعضًا من "سوملوي غالوسكا" (حلوى مجرية). أحيانًا عندما يعودان، تعرض عليه شيئًا ليأكله، عادةً حلوى مثل السوملوي غالوسكا.قال :
 نعم، حسنًا..
قالت:
 اجلس إذن .
جلس عند الطاولة. كانت الحلوى في الثلاجة، فقدمت له كمية كبيرة في وعاء زجاجي ووضعته أمامه مع ملعقة.قال :
 شكرًا.

بينما كان يأكل، بدأت تفرغ مشترياتها. أصبح يدرك أنها تشعر بنوع من المودة تجاهه، أو شيء من هذا القبيل. هذا أحرجه، لكنه في نفس الوقت أعجبه بعض الشيء، رغم أنه لم يكن يشعر بأي مودة تجاهها.لم يكن يشعر بأي شيء تجاهها. هي مجرد امرأة عجوز، ربما حتى أكبر سنًا من والدته. كأنها بالكاد موجودة. سألت بينما تفرغ الأكياس:
 كيف طعمها؟
قال:
 لذيذة .
أكلها بسرعة، من ناحية لأنها لذيذة، ومن ناحية أخرى لأنه أراد المغادرة في أسرع وقت ممكن.عندما انتهى، وقف محدثًا صوتًا حادًا بكرسيّه على الأرض. قال:
 حسنًا إذن.
قالت:
 هل يمكنني تقبيلك؟

كانت واقفة أمامه. كان السؤال مفاجئًا لدرجة أنه لم يعرف ماذا يقول. لم يفهم حتى ما تعنيه حقًا. وعندما لم يرد، قبلته على شفتيه. لم يكن الأمر شيئًا يذكر- لمست شفتاها شفتيه بلطف للحظة. قالت على الفور:
 أنا آسفة .
بقي واقفًا دون حركة قالت.
- أعتقد أن عليك المغادرة الآن .
دون أن ينبس ببنت شفة، خرج وعبر الممر وفتح باب شقة والدته.

مصابيح النيون المعلقة في السقف داخل صناديق بلاستيكية شفافة تنبعث منها إضاءة قاسية. بداخل الصناديق، تتراكم حشرات ميتة صغيرة - أشكال باهتة يحدق فيها أحيانًا بينما يتحدث المعلم. قلة فقط من الطلاب يتظاهرون بالإنصات، بينما يقرأ المعلم بصوت عالٍ من كتاب:

"بشكل عام، الأفراد الأكثر ’ملاءمة’ لديهم فرص أفضل للبقاء. لكن النظرية التطورية الحديثة لا تقيس الملاءمة بطول عمر الكائن، بل بقدرته على التكاثر. إذا عاش كائن نصف المدة التي يعيشها أقرانه من نفس النوع، لكنه أنجب ضعف عدد الذرية التي تصل لمرحلة البلوغ، فإن جيناته ستكون أكثر انتشارًا في الجيل التالي."

كانت الحصة الأخيرة في ذلك اليوم.
بعد المدرسة، عاد إلى البيت سيرًا على الأقدام.

كان يصعد الدرج بسرعة، بخطوتين في آن واحد، عندما فوجئ بها واقفة أمامه فجأة، تحمل علبة سقي بلاستيكية صغيرة. كانت تسقي النباتات على المنصة الوسطى بين الطوابق. لم يراها منذ آخر مرة ذهبا فيها إلى السوبر ماركت معًا، عندما قبّلته بعد ذلك. قالت دون أن تتوقف عما تفعله.
 مرحبًا إستفان .
رد:
 مرحبًا.

وقف على بعد درجات قليلة منها، لا يزال يلهث قليلًا. رؤيته لها مرة أخرى جعلت ذكرى تقبيلها تبدو أكثر غرابة. سألته إذا كان يمكنه مرافقتها إلى السوبر ماركت. قال:
 حسنًا .
كالعادة، لم يتحدثا أثناء التسوق. عندما عادا إلى شقتها، قالت:
 أنا آسفة على ما حدث ذلك اليوم .
أدهشه أن تعتذر. جعلته كلماتها تشعر وكأنها فعلت شيئًا معه، بينما في تفكيره، كان الأمر شيئًا فعله الاثنان معًا. قال.
 لا بأس!
سألت:
 حقًا؟
لم يكن متأكدًا مما يجب أن يقول. ظل صامتًا. سألته:
 هل أخبرت أحدًا؟
أجاب.
لا .

لم يخبر أحدًا. لم يكن لديه أحد ليخبره. وحتى لو كان لديه، فماذا سيقول؟ أنه قبل امرأة عجوز وقبيحة مثلها؟

في المرة التالية التي يعودان فيها من السوبر ماركت وتسأله إذا كان يريد بعضًا من "سوملوي جالوسكا"، يتردد ثم يقول:
 نعم، حسنًا.
تطلب منه الجلوس وتضع أمامه وعاءً من الحلوى مع ملعقة ومناديل ورقية مطوية. يجلس ويقول :
 شكرًا
بينما يأكل، تبدأ في ترتيب المشتريات.عندما يقف من على الطاولة ويجفف فمه بالمنديل، تقول:
 هل يمكنني؟
المقصود واضح. يجيب بعد بضع ثوانٍ:
 حسنًا.
لا يعرف لماذا وافق. جزء منه يبدو وكأنه يريد ذلك. تلامس شفتاها شفتيه بلطف للحظة، تمامًا كما حدث في المرة الأولى. تقول دون أن تنظر إليه.
شكرا .
يرد :
 لا بأس.

ما تزال لا تنظر إليه، تنتظر أن يغادر.عندما يدرك أن هذا ما تنتظره، يعبر الممر ويدخل شقة والدته.
بعد ذلك، يصبح التقبيل جزءًا من طقوسهما بعد كل مرة يذهبان فيها للتسوق. تقدم له شيئًا ليأكله، ثم تلامس شفتيها بشفتيه للحظة، ثم يغادر.

في أحد الأيام، تقترح أن يجلسا على الأريكة.لم يدخل إلى غرفة المعيشة الخاصة بها من قبل. لا يلاحظ الكثير سوى وجود شرفة في أحد طرفي الغرفة، تشبه تلك الموجودة في شقة والدته، مع درابزين من ألواح زجاجية خضراء. يجلسان على الأريكة. تسأله:
 هل قبلت أحدًا بطريقة صحيحة من قبل؟
يشعر بالحرج لأن الإجابة هي "لا"، فيتظاهر بعدم فهم ما تعنيه. لا يقول شيئًا على أية حال.
 هل تريد تقبيلي بطريقة صحيحة؟
يقول:
 حسنا .
ينبض قلبه بسرعة غير متوقعة.
 حقًا؟

يكتفي بالإيماءة برأسه . يسمع صوت عقارب الساعة تدق. تلامس شفتاها شفتيه كما فعلت في المطبخ عدة مرات، لكنها الآن تظل ضاغطة عليهما بقوة أكبر.كانت زاوية جلوسهما غير مريحة، لذا يعدلان أوضاعهما قليلًا. تعيد تقبيله، وهذه المرة تفتح فمها ويشعر بلسانها على شفتيه، فيفتح فمه هو أيضًا ويدخل لسانها إليه.يغلق عينيه حتى لا يراها، ليحس فقط بشفتيها ولسانها داخل فمه.
 هل كان هذا لطيفًا؟
يومئ برأسه.
 هل تريد فعل ذلك مرة أخرى؟"
 حسنًا .

يعيدان التقبيل، وأثناء ذلك، تلمس إحدى يديها انتصابه الذي يبرز من خلال سرواله.
لم يكن مدركًا لذلك حتى لمسته يدها عن غير قصد.

بمجرد حدوث ذلك، يشعر بها تتوتر. يشعر بالحرج، فيبتعد عنها تحاول الإمساك بيده..
 ما الخطب؟
لكنه يقف بالفعل.
 ما الخطب؟ الأمر عادي.
لكنه لا يعتقد ذلك، ينظر إليها من فوق.

تشعره بالتقزز. يغادر دون أن ينطق بكلمة أخرى. ينزل الدرج ويخرج من المبنى ويهيم في الشوارع لمدة ساعة تقريبًا، لا يدري أين هو أو إلى أين يتجه.عندما يعود، يجدها منتظرة على عتبة الشقة.
 هل أنت بخير؟
 نعم

بعد ذلك اليوم، كان متأكدًا أنه لن يقبلها مرة أخرى. لكن بعد بضعة أيام، عندما تسأله إذا كان يريد الجلوس معها على الأريكة، يجد أن جزءًا منه يريد ذلك.
 هل تريد؟
يقفان في المطبخ، يواجهان بعضهما.
طويلة جدًا، تقريبًا بقدر طوله.
حسنًا.

يتبعها إلى غرفة المعيشة، يجلسان على الأريكة ويبدآن التقبيل مجددًا، هذه المرة بألسنتهما. هذه المرة، عندما تلمس يديها انتصابه، تتجنب عمدًا أي حركة قد تزعجه. تستمر في تقبيله بنفس الطريقة وتترك يدها فوق سرواله. ثم بعد بضع دقائق، تبدأ في تحريكها ببطء لأعلى وأسفل. تدفع لسانها إلى فمه أكثر حتى يكاد يكون مزعجًا، فيبتعد غريزيًا، فتُبعد لسانها قليلًا. يدها لا تزال تتحرك ببطء بطريقة تعجبه، رغم أنها أبطأ بكثير من الطريقة التي يتحرك بها بيده. ربما لهذا السبب، لأنه كان أبطأ مما اعتاد، أدرك متأخرًا أنه على وشك القذف.الصوت الذي يخرجه يشبه شهقة ألم.بعد لحظة، يشعر بالبلل داخل سرواله، ثم رائحته. يشعر بأنها كارثة. لا يعرف ماذا يفعل، ولا إذا كانت هي حتى ستفهم ما حدث. تبدو هي أيضًا متفاجئة. توقفت عن تقبيله. لا ينظر إليها. ينظر إلى الأرض، إلى حافة السجادة المهدبة. لو نظر إليها لرأى أنها تبتسم له. لكنه لا يريد رؤيتها. يشعر بالخجل وبشكل ما بالرعب من أنه يفعل هذا مع شخص عجوز وقبيح مثلها. تقول:

- اذهب.
فينهض ويغادر.

فيما بعد، يُطرق الباب.إنها هي. يتساءل إذا كانت تريد التحدث إلى والدته، التي ما زالت في العمل - ربما لإخبارها بما حدث، فكرة تجعله يشعر بشيء يشبه الرعب. لكنها في الواقع تريد التحدث إليه. بصوت ناعم ولطيف يفاجئه:
 هل أنت بخير؟
 نعم .
 ما حدث سابقًا... أريدك أن تعرف أنه عادي. إذا كنت محرجًا أو لا أعرف... لا داعي لذلك. الأمر عادي.
لا يقول شيئًا.
 أردت فقط قول ذلك. هذا كل شيء.
 حسنًا .
 حسنًا .
وتغلق الباب.

في بعض عطلات نهاية الأسبوع، يعمل في حديقة زوجها. زوجها يدفع له مقابل ذلك. الطين الغليظ يلتصق بحذائه حتى يصبح ثقيلًا ويبدو ككتلة من الطين.يقول زوج السيدة إنه لم يعد قادرًا على العمل البدني الشاق. لديه مشكلة في القلب، كما يقول. عليه أن يتناول الحبوب.لا ينصت حقًا إستفان. تصبح الأيام أكثر دفئًا. يخلع سترته ويعلقها على عمود السياج.

يقول زوج السيدة، وهو يعرض عليه سيجارة:
 أنت عامل جيد.
وعندما لا يأخذها على الفور.يسأله :
 ليس حقًا.
لا تعرف والدته أنه يدخن، وهو قلق من أن زوج السيدة قد يذكر ذلك لها.
 ماذا يعني هذا؟ هل تريد واحدة أم لا؟
يأخذ إستفان واحدة.
 بالنسبة لي هي مجانية أساسًا.
يشرح أنه يعمل في مصنع السجائر.
حسنًا.

يقف مرتديًا قميصًا مبللًا، يتمتع بالسجارة وهواء النسمة البارد على جبينه المتعرق. صوت الطريق الرئيسي يصل إليه من على مسافة غير بعيد.ة عندما ينتهيان من العمل في ذلك اليوم، بعد أن يغسلا أيديهما عند الصنبور، يسأله زوج السيدة إذا كان يريد شرابًا.
 أعتقد أننا نستحق واحدًا.

يأخذه إلى قبو نبيذ في زقاق قريب من الحديقة، ينزل إليه بضع درجات من الرصيف. يبدو أن زوج السيدة معروف جيدًا هناك. رجال مسنون في حالة سكر يحيونه بينما يتقدم عبر الدخان.المرأة خلف الطاولة أيضًا تحييه، ويتبادلان أطراف الحديث وهو يطلب المشروبات - كأسين من النبيذ الأبيض الممزوج بالماء الفوار. ترفع المرأة غطاءً مثبتًا مباشرة على طاولة الزنك وتغرف النبيذ بملعقة. بينما تفعل ذلك ، يعرفه بها زوج السيدة، قائلا :
 هذا إستفان.
تكتفي برفع حاجبيها المرسومين بدقة.
 يساعدني في الحديقة.
 هذا لطيف.
تضيف الماء الفوار إلى الكؤوس من خرطوم. هناك شيء مستفز في الطريقة التي تمسك بها الخرطوم، كما يظن إستفان، في الطريقة التي ينطلق بها الماء الفوار عندما تحرك أصابعها. يقول زوج السيدة.
 زيدي قليلًا .
تضيف دفقة أخرى إلى الكأس.
 شكرًا.
يعرض عليها سيجارة، تأخذها.
- بالنسبة لي هي مجانية أساسًا.
تهز رأسها وكأنها سمعت ذلك من قبل، وتتركه يشعلها لها.
بينما تمسك السيجارة بفمها، تمد الكؤوس، واحدًا في كل يد، وتقدمهما لهما. يقول زوج السيدة بينما يجلسان إلى الطاولة.
- أعتقد أننا نستحق هذا.

يرفع كأسه نحو إستفان للحظة ثم يشرب نصفه دفعة واحدة. يبدأ إستفان بشرب كأسه بحذر أكبر.لا يحب طعم النبيذ حقًا. يسأله زوج السيدة:
 كيف تأقلمت هنا؟
يعرف أن إستفان ما زال جديدًا في البلدة.
يجيب:
 بخير .

في المرة التالية التي يجلسان فيها على الأريكة، تتوقف عن التقبيل وتبتعد عنه. يفتح عينيه. تسأله، ناظرة إليه. وقد بدأت تفك حزام سرواله:

 هل يمكنني؟
يهز رأسه بالموافقة فقط.

بحرج يرفع وركيه عن الأريكة ليساعدها بينما تسحب سرواله وسراويله الداخلية إلى ركبتيه.إنها المرة الأولى التي يراه فيها أحد بهذا الشكل. يشعر بغرابة، أن يكون هناك شخص آخر ينظر إليه. تلمسه بيدها، ثم تخفض فمها إليه. ولكي تكون مرتاحة، كان عليها أن تتركع على الأرض.

تركع على الأرض وتأخذه في فمها مرة أخرى. وهو ينظر إلى قمة رأسها، إلى جذور شعرها حيث يرى الآن أن اللون الأشقر ممتزج قليلاً بالرمادي. يتساءل كيف أن أسنانها لا تؤلمه، كيف أن فمها ناعم جدًا. يشعر بأنه بدأ بالفعل يقذف وهو يحدق في السقف، ثم في الشرفة، حيث تتوهج شمس الظهيرة في ألواح الزجاج الأخضر، ثم إلى قمة رأسها مرة أخرى، التي تتحرك الآن بسرعة أكبر. والآن تفعل شيئًا بلسانها الذي... يكاد يكون أكثر من اللازم، يكاد يكون مؤلمًا، لكنه ليس ألمًا، بل نقيض الألم.

يُصدر صوتًا خفيفًا مفاجئًا.

يتوقف رأسها عن الحركة. ينزلق فمها عنه. عيناها مغلقتان. وفمها أيضًا مغلق – تتنفس من أنفها. بعد بضع ثوانٍ تقف وتغادر ويسمع صوت الماء في الحوض من المطبخ. يغمره شعور بالسلام. لدقيقة أو دقيقتين يشعر براحة شديدة، جالسًا هناك ينظر إلى غرفة المعيشة المرتبة، وإلى الشرفة حيث تتوهج الشمس في ألواح الزجاج الأخضر.

على الشرفة، تحت أشعة الشمس، توجد جرة كبيرة مليئة بالكثير من الخيار الصغير مغمورًا في سائل حليبي. وفي أعلى الجرة ما يبدو كخبز مبلل. إنها تصنع "كوفاسوس أوبوركا"، خيارًا مخمرًا.

تعود وتجلس بجانبه على الأريكة، وعندما يراها يشعر مرة أخرى بالارتباك ونوع من الخجل لأنه يفعل هذا مع شخص مثلها، مع امرأة قد تكون أكبر من أمه، والتي تصنع "كوفاسوس أوبوركا".
تداعب شعره. تسأله:
 هل أعجبك ذلك؟ .
يهز رأسه بالموافقة.
بعد ذلك ينزل السلالم ويجلس على مقعد في الحديقة الصغيرة بالقرب من المجمع السكني. كان هناك رجل على المقعد المجاور يدخن سيجارة. يسأله إستفان إذا كان يمكنه شراء واحدة. يقول الرجل:

 يمكنك الحصول على واحدة مجانًا.

يعود إستفان إلى مقعده ويجلس هناك يدخن السيجارة التي أعطاه إياها الرجل. تتساقط بتلات زهور الكستناء الجافة على الممر الإسفلتي. تتحرك على الإسفلت بصوت يشبه الورق، وعندما يتوقف الريح تستقر ساكنة.

تكشف له عن صدرها. الحلمتان غريبتان – كبيرتان بشكل فج، وبنيتان، ولديها هذه الأشياء الصغيرة مثل الثآليل عليهما.عندما يراهما لأول مرة يشعر بقليل من الاشمئزاز. لكن لاحقًا، عندما يفكر فيهما، يستمني أكثر من مرة. يجد الأمر غريبًا كيف أنه في نفس الوقت الذي يمكن أن يشمئز منهما قليلاً يثيرانه جدًا إذا ما تذكرهما . جزء من السبب هو الطريقة التي أظهرتهما بها، كما يعتقد.

كان جالسًا على طاولة مطبخها يأكل "سوملوي غالوسكا" بينما كانت تفرغ مشترياتها، ثم عندما انتهت سألته إذا كان يريد رؤيتهما فقال نعم، فأظهرتهما له ببساطة – وقفت هناك في المطبخ ونزعت قميصها ثم حمالة صدرها. إن ذكرى فعلها ذلك هي ما يثيره، بقدر ما يثيره منظرهما الحقيقي. يبدو أن منظرهما الحقيقي غير ذي صلة تقريبًا. أو ربما أن كونهما غريبتين ومثيرتين للاشمئزاز قليلاً زاد من إثارته.عندما أنهى طبق "سوملوي غالوسكا"، ذهبا إلى الأريكة وتقابلا لفترة ثم حلّت سرواله ومارست الجنس الفموي معه مرة أخرى.ثم غادر.

في المرة التالية التي يحدث فيها ذلك، تقول: "لقد ابتلعته." ويقول: "أوه حقًا؟" ، وهو لا يزال يشعر بذلك الهدوء الذي يعتريه دائمًا لبضع دقائق بعد ذلك. تهز رأسها مبتسمة إليه نوعًا ما.

يقول:
 حسنًا.
تسأله:
 هل يمكنك أن تفعل شيئًا من أجلي؟
يجيب:
 حسنًا.
تأخذ يده وتضعها بين فخذيها. ترفع تنورتها إلى خصرها – ترتدي تحتها جوارب سوداء – وتضع يده حيث تريدها. تضغط عليها بقوة.المكان الذي تضغط عليه طريٌ ومطواع تحت طبقات القماش.عندما لا يفعل شيئًا، تبدأ بتحريك يده بنفسها. تضع أصابعه بدقة. تقول:
هكذا، هنا. هكذا.

تترك يده فيحركها بنفسه.
لكن هناك شيء خاطئ في الطريقة التي يفعل بها ذلك. تعود فتلتقط يده وتحريكها بحماس، ضاغطة عليها.
 هكذا.
يقول:
 حسنًا!
تغلق عينيها. يستمر في فعل ذلك حتى يتعب ذراعه. تقول عندما يتوقف
 شكرًا لك.

في يوم الأحد، تأخذه أمه لتناول الغداء في مطعم "ماكدونالدز" في المركز التجاري الجديد. لم يفتتح المطعم إلا منذ بضعة أشهر. تتابعه أمه وهو يأكل. هي لا تأكل. لديها كوب ورقي من قهوة ماكدونالدز تتناوله بين الحين والآخر. تسأله:
 كيف المدرسة؟
يجيب:
 بخير .
تقول:
 في اجتماع الآباء والمعلمين الأسبوع الماضي ، قالوا إنك تبدو أحيانًا مشتتًا.
يتجاهل كلامها.
 درجاتك انخفضت قليلًا.
يقول:
 حقًا؟
 أتساءل إذا كان السبب أنك تقضي وقتًا طويلًا في لعب ألعاب الكمبيوتر تلك.
يقول:
 لا .
 إذن؟
 ماذا؟
تقول:
 أحاول فقط أن أفهم"، "هل تكوّن صداقات؟
 نعم.
 حقًا ؟
يهز رأسه دون أن ينظر إليها تقول:
 هذا جيد.
لكنه غير متأكد إن كانت تصدقه أم لا.

بينما هو والسيدة يمشيان إلى السوبرماركت. الجو ممطر. يحمل المظلة فوقهما معًا. تقول له :
 أريد أن أمارس الحب معك.
وعندما يعودان إلى مطبخها مرة أخرى، تقول :
 أريد أن أشعر بك بداخلي. هل تريد أن تفعل ذلك؟
يقول:
 حسنًا.
 هل والدتك في المنزل؟
يجيب:
 لا .

يفعلان ذلك على سريره. تصر على إغلاق مصراعي النافذة بالكامل – ربما بسبب ما حدث عندما أظهرت له ثدييها، ذلك النظرة التي حملت شيئًا من الاشمئزاز أو ما شابهها التي لا بد أنها رأتها على وجهه آنذاك.

تضع الواقي الذكري عليه بنفسها. يستلقي على ظهره على السرير فتركع فوقه. يظل مستلقيًا بينما تحرك وركيها وتطلق أصواتًا هادئة. بالكاد يستطيع رؤيتها في شبه الظلام مع إغلاق مصراعي االنافذة.
بعد لحظات من قذفه، تتوقف عن الحركة.

يشعر بأنه ينكمش داخلها حتى ينزلق قضبه خارجًا. يشعر وكأنه ينزلق جانبًا. إنه شعور غريب. تميل نحوه حتى يشم نفسها عندما تقول له إنه أصبح رجلًا الآن، وتسأله كيف يشعر. يستغرب أنه لا يشعر بأي اختلاف، وكأن شيئًا لم يتغير. لا يقول ذلك. فقط يتجاهل الأمر وهو لا يزال مستلقيًا على ظهره، فتبتعد عنه وتبدأ في ارتداء ملابسها مرة أخرى. تسأله عندما لا يتكلم لفترة.
 هل أنت بخير؟
يقول:
 نعم.
تقول:
 حسنًا.

ثم تخاطبه من شبه الظلام فتقول إنها تشعر بأنه شرف لها أنه فعل ذلك للمرة الأولى معها، وتشكره، ثم تغادر، بيمنا يظل هو دون حراك لفترة.

يستحم. وتحت الدش، يصبح منتصبًا مرة أخرى ويستمني. يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى يقذف. عندما يفعل ذلك أخيرًا، يتكئ على الحائط المبلط ويستمع إلى صوت الماء وهو يطرق الستارة البلاستيكية، لا يزال يفكر في غرابة أنه لا يشعر بأي فرق، وكأن كل شيء بقي على حاله. يأخذ الحافلة إلى المدينة ويتناول وجبة بيج ماك.عندما يعود، يكون الوقت مبكرًا من المساء. للتو أضاءت مصابيح الشوارع كلها في الوقت نفسه. ضوءها يبدو أخضر مما يجعل السماء تبدو بنفسجية.

يلتقي زوج السيدة عند مدخل المبنى. يبادره :
 مرحبًا إستفان ، كيف حالك؟
 بخير

يقول زوج السيدة وهو يفتح الباب الأمامي الثقيل له
 تفضل أولا.

الباب مصنوع من المعدن مع لوحين من الزجاج الآمن. يدخل إستفان أولاً ثم يسيران معًا عبر الردهة المنخفضة متجاوزين صناديق البريد ويصعدان درجات السلم الخرسانية.

يسأله زوجها:
 بماذا كنت مشغولاً؟
يجيب إستفان:
 لا شىء .

لعدة أيام لا يراَها. يُمارس العادة السرية بكثرة، مرتين على الأقل في اليوم. وعادةً عندما يفعل ذلك يفكر بها، وبما فعلاه معًا. فيما عدا ذلك لا يفكر فيها كثيرًا. إلا أنه يجدُ أنه يرغبُ في مضاجتعها مرة أخرى. بعد فترة يصبح غير قادرٍ على التوقف عن التفكير في ذلك، ويزعجه بأنها قد لا تفعل مرة أخرى ،لا يصدق ذلك . أحيانًا يتساءل إن كان عليه أن يطرق بابها. لكن شيئًا ما دائمًا يمنعه. ثم، في نهاية الأسبوع، تطرق بابه. يوقف لعبة الكمبيوتر التي كان يلعبها ويفتح الباب. تقول:
 مرحبًا .

لا يقول شيئًا، ويشعر بالحرج لأنه أصبح منتصبًا بمجرد رؤيتها واقفة هناك. يضع يديه في جيوبه. تسأله إن كان بإمكانه الذهاب معها إلى السوبرماركت. يقول:
 حسنًا ، سأرتدي حذائي.
تُومئ برأسها.
يمشيان إلى السوبرماركت في صمتٍ كالمعتاد. ثم، بينما ينتظران عند إشارة المرور، تقول له:
 إلى ماذا تستمع؟
يقول :
 ماذا؟
 إلى ماذا تستمع؟"
كان يرتدي سماعات الرأس ويستمع إلى الموسيقى.
يقول:
 إم سي هامر .
 كيف هي؟"
يتجاهل السؤال. تسأل.
 هل يمكنني الاستماع؟"
يقدم لها السماعتين، فتضعهماعلى أذنيها. تقول بعد بضع ثوانٍ فقط.
 لا تعجبني .
يقول :
 حسنًا .

عندما يعودان يضع المشتريات على طاولة مطبخها. الجو دافئ وملابسه تلتصق بجلده.
تسأله إن كان يرغب ببعض الآيس كريم. يقول.
 حسنًا.
تقول:
 اجلس إذن.
يجلس وينتظر بينما تقدم له بعض الآيس كريم في إحدى تلك الأوعية الزجاجية التي تمتلكها تقول:
 راكوتسي توروس.
يقول:
 حسنًا.
 أنت تحب هذا، أليس كذلك؟
يُومئ برأسه.
بينما يأكله تجلس بجانبه. بعد دقيقة من الجلوس فقط، تضع يدها على ركبته. تسأل.
 هل أمك في المنزل؟
يقول:
 لا .

تقول:
 حاول ألا تقذف بسرعة.

تستدير وتدفع بخصرها بينما يستلقي هو ينظر إلى الجانب السفلي من الرف الصنوبري على الحائط فوق سريره. تصبح حركاتها أكثر إلحاحًا ويشعر بشعور غريب بأنها لم تعد تشعر به. فجأة تتوقف عن الحركة تمامًا.تنتابها لحظة توتر. ثم يحدث شيء ما. تفقد قوتها. أحاطته بذراعيها وبقيت ساكنةً لدقيقة. يشعر بالعرق عليها، وعلى نفسه. من الصعب تحديد إلى من يعود العرق. هناك طبقة زلقة من العرق بينهما.

في الخارج الشمس مشرقة. الستائر مُسدلة ولكن هناك بعض الثقوب الصغيرة فيها تسمح بمرور القليل من الضوء، ما يكفي لرؤيتها وهي تلبس ثيابها، الآن وقد اعتادت عيناه على الظلمة.لديها شعر عانة، وخط من الشعر على بطنها. في الأفلام الإباحية لا يوجد شعر عانة لدى أي من النساء، أو على الأقل ليس بهذه الكثرة. لا يوجد لدى أي من النساء حلمات غريبة مثل حلماتها.

طالما لا أحد يعرف بالأمر، فكأنه لا يحدث حقًا.كأنه موجودٌ بالطريقة نفسها التي توجد بها تخيلاته، مجرد خيال فحسب.هكذا يبدو له أحيانًا."

لا يراها في عطلة نهاية الأسبوع، عندما يكون زوجها في المنزل. يتجول فقط حول المدينة.يقضي وقتًا طويلًا في متجر السلع المستعملة ينظر إلى ألعاب الكمبيوتر، وصندوق الأشرطة في علب بلاستيكية مهترئة. الألعاب نسخٌ مقرصنة، مع تعليمات مُنسوخة بطريقة سيئة.هناك أيضًا موسيقى مقرصنة، كل الأغاني الجديدة من الغرب – فانييلا آيس، مادونا، جَنز إن روزيز.يغادر المتجر دون أن يشتري أي شيء. تبدو عطلة نهاية الأسبوع وكأنها لا تنتهي أبدًا.

في يوم الاثنين، يفعلان ذلك مرتين. وفي الفترة الفاصلة بينهما، يظلان مستلقين على السرير فحسب. يسمعان صوت المطر على النافذة - يسمعانه أحيانًا لكنهما لا يريانه لأن المصراع مغلق. بعد أن استلقيا هناك لفترة، تبدأ بمصه، وسرعان ما ينتصب مجددًا. تسأله:

 هل تريد أن تأخذني من الخلف؟
يقول:
 حسنًا.
تستدير، فيركع على الفراش الناعم محاولًا العثورعلى الموضع .يسقط المطر على النافذة.تقول:
 لا، ليس هنا .

اضطرت أن تمد يدها إلى الخلف لمساعدته. كانت مبللة للغاية بالفعل. يبدو الأمر مختلفًا من هذه الزاوية. بعد ذلك، أصبحت قلقة لأنه لم يستخدما واقيًا ذكريًا في المرة الثانية.لا يفهم سبب قلقها - فقد ظن أنها كبيرة في السن على الحمل. يسألها:
 كم عمرك؟
قالت:
- اثنان وأربعون .

(انتهت)

الكاتب : ديفيد سزالاي/David Szalay : كان ديفيد سزالاي أحد أفضل الروائيين البريطانيين الشباب في مجلة جرانتا عام ٢٠١٣. وهو مؤلف روايات "لندن والجنوب الشرقي" و"البريء" و"الربيع". يقيم في بودابست.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى