الجمعة ٢٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم عماد يحيى عبيد

ماذا بعد ...!

ماذا بعدُ أنْ يطربَنا مزمارُ الحي
ماذا بعدُ أنْ يخلعَنا ضرسُ العقلِ
ماذا بعدُ أن تنسانا الأسماءُ الحُسنى
قدْ يحدثُ ما لا يتوقعهُ صاحبُ يومَ الدينِ
قدْ يترجلُ نعشُ عنْ أكتافِ الغيمِ ليلقي كلمةَ آلِ الدمِّ
قدْ يثأرُ شجرُ اللوزِ منْ فأسِ الحطّابِ
قدْ تتحرشُ أضرحةُ الموتى بسكنى الأحياءِ
قدْ يغزونا رمادٌ ويعفّرُ ذاكرةَ الحبِّ
قد يعبثُ زمنٌ ملعونٌ بالورقِ الأبيضِ
...
هناكَ بعدُ ...!
هناكَ بعدُ أبوابٌ لمْ تأتي منها الريحُ
تنتظرُ رسولاً منْ نسلٍ عاقرٍ
هناكَ عوراتٌ ترفعُ راياتِ النصرِ
ترفضُ نخوةَ اوراقِ التينِ
هناكَ شفاهٌ ما عضّت غيرَ الندمِ
وأيادٍ جرّحَها زرعُ الأشواكِ
هناكَ ترابٌ يمتصُّ العمرَ القاحلِ
ودماءٌ تشخبُ منْ ضرعِ الطعنةِ
هناكَ عيونٌ تسجدُ فوقَ حصيرِ الجوعِ
ولسانٌ يلعقُ صدأَ الأيامِ
....
بلى ...
مازالَ بعدُ ...!
مازالَ الضوءُ يرددُ أشعارَ الجنِّ
والليلُ منتصبَ القامةِ لا يمشي
مازالتْ رائحةُ البارودِ تخرجُ منْ ياقاتِ التخمةِ
ونيرونُ يداعبُ أثداءَ النّارِ
مازالَ العرسُ بلا مأذونٍ
والطبلُ يدقُّ على صدرهِ
هناكَ عروسٌ لمْ تشهدْ ليلةَ دخلتها
وعريسٌ طارَ إلى دكّانِ الجنّةِ
لمْ ينسَ أنْ يلبسَ كفناً منْ وبرِ الحزنِ
والامُ تنتظرُ المنديلَ الأحمرَ
...
وبعدُ ...!
لا شيء بعدَ!
لا شيءَ سوى وطنٍ يبحثُ عنْ اسمهِ في نشراتِ الأخبارِ
سوى شعبٍ خدّرهُ خشخاشُ الصمتِ
ومصيرٍ يرسمُ لوحةَ هذا الأُنسِ الوحشي
سوى شاراتِ مرورٍ مطفأةٍ في زحامِ الجنازاتِ
وبلادٍ ضاقتْ ذرعاً باللقطاءِ
لا شيء بعدَ
سوى خريفٍ ينعمُ بالعُري
وشتاءٍ مرَّ ولمْ يضحكْ
سوى ربيعٍ يضمرُ ما يضمرُ
وصيفٍ يفتحُ ذراعيهِ للمصطافينَ بلا اجسادٍ
.....
وبعدُ وبعدُ ...
هلْ ثمةَ بعدُ
ما بعدَ البعدِ املٌ يمسحُ عَرَقَ السكينِ
ما أشقى هذا الأملُ
ما أسعدَ ذاكَ السكينُماذا بعد


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى