الجمعة ١٣ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم عـادل عطية

معركة الراء

يقع كوكب "الحب" في بؤرة مجرة الحياة.. كوكب متوهج بالنور الساطع، حتى إنه يُرى بوضوح عبر السنوات الضوئية الشاسعة. إن الطيبة والسلام القلبي، اللذين يتمتع بهما سكان هذا الكوكب لم يحذراهم من نوايا كوكب آخر يضع عيونه الفضائية على كوكبهم ويتوثب للقفز عليه واغتصابه!

هذا الكوكب الشيطاني يسبح في مجرة تعرف بمجرة "الجحيم".. والذي يمكن رؤيته من كوكب "الحب" بهيئة كرة رمادية غير مستوية تحيطها دوائر نارية، اصطلح العلماء على تسميته: كوكب "الحرب".

لقد تكدس هذا الكوكب البغيض بالقتلى، وفاضت بحاره بالدماء القانية، ولم يعد صالحاً للحياة، بل لم يعد يحتمل المزيد من الأشلاء والضحايا وأوشك على الانفجار. وكان لا بد من غزو الكوكب الذي أشار إليه علماؤهم. ولكن كيف؟ هذا ما اجتمع بشأنه قادة كوكب "الحرب".

فما إن استوى القادة إلى مائدتهم المستديرة التي على هيئة أفعي ملتفة حول نفسها، حتى انبری زعيمهم قائلاً وهو يتطلع من آن لآخر إلى أوراقه المصطفة أمامه:

 هذا الكوكب ينقسم إلى فئتين: فئة تؤمن بوجود إله سماوی کلى المحبة والاقتدار، قادر على حمايتهم من أي شر. والفئة الثانية، وهم في اعتقادي الأكثرية، يعيشون حياتهم بلا اكتراث وبلا استعداد وبلا قوة.. وعلينا التركيز على الفئة الأولى. ولأن الأمر يحتاج منا إلى المناورة والخداع لنجاح خططنا، فإنني اقترح عليكم استخدام سلاح: "الراء". فهذا السلاح يحمل حرفاً يدخل في كلمات عدة ذات معانٍ طيبة، في معتقداتهم، مثل: "رب، روح، نور، بر، خير،...".

كما أن هذا السلاح البتار عند استقراره في وسط كوكبهم، سيتحول اسمه فوراً إلى اسم كوكبنا، وبذلك يحق لنا ادعاء ملكيته!

في الليل كان الغزو...

وفي الصباح اجتمع قادة الأركان الأربع لكوكب الحب، ليتباحثوا في ظاهرة انتشار بقع الدم، والاختفاء المتزايد لبعض الناس، وموجة البغض التي بدأت تضرب بعنف كوكبهم الذي كان حتى الأمس القريب مثالاً للمحبة والسلام والاستقرار بين كافة الكواكب السماوية!

صرخ أحدهم: "انظروا إلى خريطة أبجدية كوكبنا، ألا تلاحظون شيئا؟!".

 أجاب الجميع بصوت رجل واحد: لقد صار اسم كوكبنا: "كوكب الحرب" بدلاً من "كوكب الحب". وهذا هو السلاح الذي أصاب كوكبنا: "سلاح الراء".. ولابد من مقاومته وانتزاعه بإيماننا وتكاتفنا وتعاوننا، لتعود إلى كوكبنا: الحرية الروحية المقدسة.

قال أحد القادة: "كيف لم ندرك أن الخطر يمكن أن يأتي من مأمن؟!".

وقال رفيقه: "كيف لم أدرك أن الراء قريبة جداً من نقيضين؟!.. انظروا إلى كلمة: "بر" وإلى كلمة "شر".. كان علىّ أن انتبه إلى أن "الباء" يمكن أن تُهزم أمام "الشين"، وينتصر الشر"!

وقال قائد ثالث: "بل إنني لم انتبه إلى أن الراء في "بر"، هي واحدة من كلمات نبيلة تقابلها كلمات أخرى تحمل انطباعات غير مستحبة: "مُر، ضرّ، فرّ...".

ولأن الوقت لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار أمام هذه الكارثة الكونية، فقد قرروا جميعا مع كل الذين يعشقون الحياة والسلام والخير أن يعلنوا الحرب المقدسة على حرف الراء من وسط كوكبهم؛ ليعود إليه مجد الحب، وهم يهتفون: انا لمنتصرون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى