

يزيد بن الطثرية
يزيد بن الطثرية(توفى سنة 126 هجرية) قتل غيلة في معركة اليمامة ،وهو شاعر أموي وقد قتل في العصر العباسي قتله بنو حنيفة ،جمع الطوسي شعره في ديوان،واسمه الكامل هو:
يزيد بن الصمة أحد بني سلمة الخير بن قشير.
عاش يزيد هذا شاعرا كامل المروءة، وكان في شعره مطبوعا كامل الأدب وذا مال وشجاعا،وسماه البعض ب "المودق". لحسن وجهه وجمال حديثه، والمودق هو الذي تميل إليه النساء. والطثر هو ضرب من اللبن أو هو الخصب وكثرة اللبن. والطثر هو حي من اليمن،ويحكى أن أبا جراد أحد من بني المتفق أسر طثرا فمكث هذا عنده زمانا ثم أطلق سراحه آخذا عليه العهد بأن يرسل إليه فداءه،أو ليأتينه بنفسه وأهله، ولما لم يجد طثر أي فداء يقدمه لأبي جراد جاءه ومعه أهله،فوسمه أبو جراد بما يسم به إبله، فصار هذا الوسم مما يعيرون به، كقول أحدهم:
عليه الوَسْمُ وسمُ أبي جَرَادِ
وفي هؤلاء الذي يهجون يقول يزيد:
ألاَ بئسما أن تَجْرِمُوني وتغضَبوا
عـليّ إذا عــاتبتُكم يــا بني طَثْرِ
ويزيد له أخ أكبر منه،كان يزيد يغير على ماله ويقوم بإتلافه فكان ثور يتغاضى عنه لحبه له،وقد قال يزيد فيه:
نغير على ثور وثور يسرنا
وثور علينا في الحياة صبورُ
فذلك دأبي ما حييت وما مشى
لثور على عفر التراب بعيرُ
والقارئ لشعر يزيد بن الطثرية لا بد أن يشعر بهذاالانسجام الذي بينه وبين ما يدور حوله من أشياء، فكأنه القطب الذي تدور عليه الرحى في سكينة و انسجام، ولنقرأ معا هذه الأبيات التي تنم على ما أحس به الشاعر من تجن حارق من طرف المحبوبة، وما استشعر من ظلم له ن جانبها، يقول:
فــديتك أعــدائي كــثير وشقتي
بــعيد وأشــياعي لــديك قَــلِيل
وَكنت إِذا مَا جِئْت جِئْت بعلة
فــأفنيت عــلاتي فَــكيف أَقُول
فيا كل يَوْم لي بأرضك حَاجَة
وَلَا كــل يَــوْم لي إِلَيْك رَسُول
صَحَائِف عِنْدِي للعتاب طويتها
ســتنشر يَــوْمًا والعتاب طَوِيل
فَلَا تحملي ذَنبي وَأَنت ضَعِيفَة
فَــحمل دمي يَوْم الْحساب ثقيل
ويزيد بن الطثرية شاعر مجيد تسبق إليه منه في شعره شاعريته العالية،ويسعدني جدا أن أختم بهذه القصيدة منه، ولمن شاء التبحر في شعره والتنعم به فما عليه إلا بديوانه سيجد الشعر فيه واقفا قائما بذاته يمشي على رجلين. يقول يزيد:
أَلا حَــيِّــيا الأَطـــلالَ وَالــمُتَطَنَّبا
وَمَــربِطَ أَفــلاءٍ وَخَــيماً مُــنَصَّبا
وَأَشــعَثَ مَــهدومِ الــسَراةِ كَــأَنَّهُ
هِــلالٌ تَــوَفّى عِــدَّةَ الشَهرِ أَحدَبا
أَلا لا أَرى عَــصرَ المُنيفَةِ راجِعاً
وَلا كَــلَــيالينا بِــتَــعشارِ مَــطــلَبا
وَلا الــحُبَّ إِلّا قَتِلي حَيثُ أَخلَقَت
قِواها وَأَضحى الحَبلُ مِنها تَقَضَّبا
وَيَومَ فِراضِ الوَشمِ أَذرَيتُ عَبرَةً
كَــما ضَــيَّعَ السِلكَ الجُمانَ المُثَقَّبا
وَمَــن يَعلَقِ البيضَ الكَواعِبَ قَلبُهُ
وَيَــبغُضنَهُ يُــدعَ الــشَقِيَّ المُعَذَّبا
فَــمُرّا عَــلى ظَلامَةِ الأَينِ فَاِنطِقا
بِــعُذري إِلَــيها وَاِذكُــراني تَعَجُّبا
وَقــولا إِذا عَــدَّت ذُنــوبٌ كَثيرَةٌ
عَــلَــينا تَــجَنّاها ذُرى مــا تَــعَيَّبا
هَــبيني اِمــرِأً إِمّــا بَــريئاً ظَلَمتِهِ
وَإِمّــا مُــسيئاً تــابَ بَــعدُ وَأَعــتَبا
فَــلَمّا أَبَت لا تَقبَلُ العُذرَ وَاِرتَمى
بِــها كَــذِبُ الواشينَ شَأواً مُغَرِّبا
تَــعَزَّيتُ عَنها بِالصُدودِ وَلَم أَكُن
لِــمَن ضَــنَّ عَــنّي بِالمَوَدَّةِ أَقرَبا
وَكُــنــتُ كَــذي داءٍ تُــبغي لِــدائِهِ
طَــبــيباً فَــلَــمّا لَــم يَــجِدهُ تَــطَبَّبا
فَــلَمّا اِشــتَفى مِــمّا بِــهِ عَلَّ طِبُّهُ
عَلى نَفسِهِ مِن طولِ ما كانَ جَرَّبا
أرجو أن يكون القارئ قد ألم بشء مفيد عن الشاعر الكبير يزيد بن الطثرية،وأن يتمتع بالنظر إلى شعره وأن يتمتع بقراءته أيضا.
والله الهادي إلى سواء السبيل.