إربد : 
تحتضنُ كلَّ غريبٍ 
وتقفو إثرَه ،
مأساتي 
أنَّها لم تعتبرني كذلك .
 *     *     *
إربد : 
عيونٌ لا تُعمِّرُ 
إلاّ على ضفافِ النساء ،
وإذا ماتت ففيهنَّ .
 *     *     *
إربد : 
خيطٌ عبرَ في قلبي 
أحدُ طَرَفَيْه عَمّان ،
والآخر دمشق ،
كلَّما أُخيطُ به ينسلُ 
كونهما غير منعقدتين .
 *     *     *
إربد : 
أيقونةُ حوران 
وحزني المصلوبُ على بوَّابةِ 
الفرح .
*     *     *
إربد :
سأتسلَّلُ إليها 
كما تتسلَّلُ البسمةُ 
من خلال شعانين
لحيةِ ( محمود عيسى موسى )* .
إربد : 
مدينةٌ اهتديتُ إلى شكِّي -
وأَنِسْتُ به - في ضبابِ لياليها ،  
كما أَنِسَ 
( أديب عبّاسي ) * إلى خلوته  .
*     *     *
إربد : 
يدُ ( سليمان الأزرعي )* 
وقلبُه الأبيضان 
ككأسِ العَرَق .
*     *     *
إربد :
مبانيها أشدُّ بياضاً 
من شَعْرِ ( جودت السعد )* 
ولكنها لا تُلَوِّحُ برأسِها
في وجهِ السماء .
*     *     *
إربد ! . 
آهِ ما أجملَ الشتاء 
وهو يغسلُ سُـرَّتَـيْـنَا معاً
بالمطرِ يا حبيبتي .
*     *     *
إربد : 
سأقترنُ بكِ  و . .
ولْيُسَامحْني المسيح .
 
 _        بغداد : 
. . . . 
تحاسَدا وتحاقَدا ،
تناءيا وتواجها ،
بصقَ كلٌّ منهما في وجهِ الآخر ،
وأنا موثوقٌ بينهما أتبلَّل 
من قُبُلٍ ومن دُبُر .
 
 _             بيروت : 
أجنحةٌ تخفق في الأفق ،
خانتني الرياحُ 
قبلَ أن يلتحمَ بها خيالي 
المقصوص .
*     *     *
بيروت : 
أطلقتْ نيرانَها 
على خيالِ السماء 
بينما كانت  الأرضُ
تراودُها عن نفسها .
 
مكَّة : 
رغم كل هذا البياض الذي
يطوفُ بها  و يغمرُها ،
كان لونُها أسيَّاً 
كثوبِ الكعبةِ غِبَّ الحج .
*     *     *
مكَّة : 
مدينةٌ ذهبَ صوتُ إبراهيم
في كلِّ الأصقاع 
أن يأتوها رجالاً وركباناً 
وعلى كلِّ ضامرٍ 
( " ليشهدوا منافعَ لهم " )
هل تكفأُ الصوتَ إلى 
حلقِ إبراهيم
 السَّعْوَدَةُ  ؟ .
 
جدَّة :
مدينةٌ .  .
تشتهي شهرزادُ
أن تحكي حكاياتِها 
ألفَ ليلةٍ وليلة ،
لكنَّ شهريار 
مقْعٍ أمام قنواتِ التلفاز ،
يُمَسِّدُ ( الريموت ) 
كراعٍ متكِئٍ بجانبِ النار .
*     *     *
الرياض :
شعورٌ اكتنفَنِي 
أنَّه بالإمكانِ أنْ يكونَ
للرمالِ قناديلٌ 
تضيء ،
إذا ما توفَّرَ لها زيتُ الرجال 
ورجالُ الزيت . 
*     *     *
الرياض : 
امرأةٌ عربيةُ الوجهِ واليدِ 
واللسان ،
لكن يحتاجُ من يرغبُ 
الاقترانَ بها 
للغاتٍ أخرى
ليُحسِنَ الباءة .
الرياض : 
روي عن ( ناصر القصبي )
في ( طاش ما طاش )
أنَّهُ قال :
لا فضلَ لعربيٍّ
على عربيٍ
إلاّ بالسعْوَدة .
حفر الباطن : 
عودُ ثقابٍ في خاطري 
عبثَ بهِ أرعنُ 
فأحرقَ ذاكرتي .
*     *     *
المجمعة : 
ضيافةٌ  شدَّتْ أواصرَ
احترامي لها 
امرأةٌ لا تخبزُ خبزَها 
على نارِ المنِّ والأذى . 
.
البقعاء : 
رجلان 
رجلٌ قتلني 
ورجلٌ واراني الثرى .
*     *     *
البقعاء : 
امرأتان 
امرأةٌ قتلتْني ،
وامرأةٌ وارتْ قلبي الهوى .
*     *     *
البقعاء : 
بلدةٌ تعلَّمتُ فيها
أن أغبطَ القردَ على 
احمرارِ قفاه ،
وأنا أُرَقِّصَهُ أمام الحاسدين .
*     *     *
البقعاء : 
حبيبةٌ شهِدَ قلبي 
على وفاءِ نسائها ،
ورجالها ،
وفاء كلٍّ لهواه .
*     *     *
ضباء : 
انكفأتْ إلى شاطئ 
البحرِ عاريةً ،
فأحبَّها البحرُ وأفرغَ صخورهُ
على صدرِها ،
وراحَ يشحذُ مرجانَه 
بملحه المسنَّن .
.
النفط : 
جسدٌ اختزنَ دفقَ
الشموس ( عازباً )
آلافَ السنين ، 
ولكنَّهُ تزوَّج أخيراً 
وأنجب بعضَ أولاده الباردين .
.
كفيل : 
رجلٌ 
يذبحُ الخرفانَ كرَماً
والعمَّالَ فرعنةً
والليلَ حسَداً
لكنَّهُ يبكي بشدةٍ 
في صلاة التراويح . 
 
 _             ليبيا :
أيُّها الطائرُ المكسوّ 
بريشهِ الناريِّ ،
مع أنَّني كنتُ واضحاً 
تحت عمودكَ الخفيّ
إلاّ أنَّ صفيرَك الحادّ
لم يجعلني مهيَّأً للظهور ،
أنتَ قَدِمْتَ على ظهرٍ شتائيّ
لتبحثَ عن وشائجنا 
فأعياكَ السُباتُ .
.       .      .      
ليتمجَّد الأسودان 
خبزُك والماء .
 
 -         سبها :
فراغٌ أثيثٌ على عارضَيْ القلب ،
حبٌ أرعنُ . . حالَمَا الوحشةُ 
تسدُّ منافذَها ،
ازدواجيَّةٌ تتوكَّأُ على مرارةٍ واحدة
اقتلاعٌ للجسدِ من داليتهِ 
وحرقُهُ أخضرَ على نارِ ذاكرتهِ ،
هزيمةٌ للنارِ وفقدٌ للأرض 
في شِعابٍ خفيّة ،
حيثُ لا يهطلُ المطرُ 
مكسورَ الجنحين .
 
_      باســــمِ الماء
أنزلتُ قلبي كالزورقِ
في الماء الذي لا يَعْزُبُ عن خاطري ،
أنزلتُهُ مُحَمَّلاً 
أمرتُ الملاّحَ المتكلِّسَ
أن يمخرَ في وهمي
ويُجدِّفَ _ مُثقلاً بالجنونِ
واللعناتِ المُحْمَرَّة _
نحو باطنِ الأرض ،
نمخرُ ونخرقُ بكارةَ الينابيع ،
كقرية نملٍ ،
كفئرانِ المراكبِ القديمة ،
نبتغي تقديمَ اعتذارٍ لخصبها
علَّهُ يضمُّنا بين شفتيه ،
كاللسان بألمِ الولادة .
 
أنا وأسماء الكائنات
 
صادقتُ الطرقاتِ والأزمنةَ ، 
صادقتُ المخلوقاتِ السويَّةَ والشاذَّةْ ، 
الدجاجَ والأرانبَ
الكلابَ 
الحميرَ 
الإنسانَ بجنسيه الأليف والوحشيّ ،
لم أرَ وفيَّاً لي أبداً مثلَ النباتْ ،
منذ انفلاق بذرته حتى الرمادْ .
------
الدالية : 
بينما كنتُ انتظرُ عناقيدَها 
حتى تنضج ، 
كانت الدبابيرُ تبقرُ عنَبَها وتأتي عليها ،
فلا أقطفُ سوى البزورِ المعلَّقةِ بعيدانها .
---------.
البيلسانة : 
كانت ترتدي خمارَها أمامي 
كل صيف ،
وفي الشتاء لا أُعيرُ عُرْيَها أي اهتمام .
--------
الخطمية : 
تعلَّمْتُ من النحلِ أن آكلَ 
تويجَ الخطميَّةِ صيفاً ،
ومن جدَّتي أن أشربَ مغليَّها 
ممزوجاً بعسل النحل نفسه شتاءً .
.
شب الظريف :
كان جَدِّي يُرَطِّبُ تبغَه بورق " شب الظريف "
وجَدَّتي تضعُ ورقةً منهُ فوقَ حبَّة الحُمُّص 
لتطرِّي كَيَّاً بساقها ،
تيبَّسَ دخانُ جَدِّي بعدَ رحيلِ زفيرِه ،
وجَفَّ كَيُّ جَدَّتي و( قَرْمَشَهُ ) الدودُ ،
وظلَّ قلبي ينفثُ الدُّخانَ من كَيِّهِ 
على مدى طراوةِ " شب الظريف " في الذاكرة . 
------------.
الرمّانة : 
في يوم شتائيٍّ مشمسٍ  
احلولى لي أن أتبخترَ أمامَ رُمَّانَتِنا عارياً 
وأقارنَ جسدينا ،
أتفاخرَ وهي واجمةٌ ،
وإذْ سمعنا صوتَ جَدِّي 
هَرَعْتُ إلى ثيابي 
وكأنما يصفع قفاي ضحكُها ، 
في الحقيقة كانت ما تزال واجمة ،
مُتَسَمِّرَةً في مكانِها 
تشدُّ فَخِذِيْها إلى الأرضِ . 
-------------.
التوتة : 
بذرةٌ نبتتْ لوحدها في دارنا ،
دأبتُ أضَعُ فراشي بحذائها ،
ألوي عودَها اللدِنَ تحتَ لحافي ،
ونغفو معاً ،
لاحظَ جَدِّي انحناءَ 
جذعِها إلى التراب ،
عمِلَ لها دعامةً لِتَسْتقيم 
وتركني مُعْوَجَّاً إلى الأرض ! .
-----------
الجُـنَـيْـنَة :
كنتُ أنظر من النافذة ،
إلى المطر وهو ينهمرُ 
على جُـنَـيْـنتنا ذات سحابة ،
فيزيلُ عنها إرهاقَ الصيف ،
وتغتسلُ العيدانُ حتى تنجلي نسوغُها .
راوَدَني أنْ أفعلَ مثلَهم 
وأتعرَّى بغفلةٍ من جَدِّيَّ ،
النافذة أَفْسَدَتْ عليَّ لذَّةَ المطرْ ،
حيثُ جَدِّي وجَدَّتي يَضحكان
 من عُرْيِي  ويتجاهلانِ الشجر .
--------
آيةُ النسغ :
أنتَ أيّها الجلْدُ الذي يُحِبُّ العُرْيَ
 في كل الفصول ،
أَوْصِ إنْ شئتَ 
كيْ يضعوكَ في القبرِ عارياً ،
قلبي لا يتَعرَّى 
سوى في موسمِ القصيدة ،
حتى إذا مِتُّ ،
فليس ثمَّةَ ما يُدْرَجُ في الكفن ! .