السبت ٢٦ تموز (يوليو) ٢٠٢٥
، أجرى الحوار: ميادة مهنا سليمان

حوار مع النَّاقد المصريّ عبد الله السّمطيّ

أكّد الشّاعر، والنّاقد عبد الله السّمطي على أنّ الشّكل العموديّ الجديد الذي ابتكره سوف يسود السّاحة الشّعرية، وسوف يتّجه إلى استخدامه الشّعراء العموديّون في قصائدهم العموديّة، حيث يحمل في داخله كلّ إمكانيّات التّطوير، والتّجريب، من لغة جديدة، ومعجم جديد، وبُنى إيقاعية جديدة، حيث يدمج داخله إمكانيّات شعر الحداثة، بل وقصيدة النثر، بحيث يستوعب الشكل المطوّر مختلف الرؤى التي توصّل إليها الشّعر العربيّ المعاصر.

وأوضح السّمطي أنّ ما يسميه ب:" النّمط السّمطي الجديد" للقصيدة العموديّة، سوف ينقذ القصيدة العموديّة الكلاسيكيّة من الموت، ومن التّكرار، ويعيد بعثَها من جديد، قصيدة ما بعد حداثيّة، وأكثر تطورً.ا
جاء هذا في الحوار الذي خصّ به الشّاعر مجلّتنا ، وإلى نصّ الحوار:

 عبد الله السمطي تعرّف نفسك في حسابك على الفيس بوك ب:

"شاعر وناقد أدبيّ رائد القصيدة العموديّة الجديدة حسب النّمط السّمطي"، ما هو النّمط السّمطيّ الّذي أبدعته؟
هو شكل شعري مطور للقصيدة العمودية، ونتاج سنوات طويلة من التأمل الشعري والتجريب، أطلقت عليه (النمط السمطي للقصيدة العمودية) وسأوضح ذلك لك بالتفصيل .

 تقول: القصيدة النّثريّة" هي بمثابة توسيع لمساحة الشعرية العربية الحديثة وفضاءاتها."

برأيك هل مازال هناك من هو غير مقتنع حقًّا بالوجود الحقيقيّ لقصيدة النّثر، وهجومه عليها هو مجرّد دفاع عن قديمه الّذي يرفض أن يتخلّى عنه لأنّه لا يستطيع الإبداع في نمطٍ حديثٍ سائدٍ؟

جميل هذا السؤال، ويتناول مسألة في العمق، بإيجاز شديد:

كل شكل شعري جديد، له كُتابه ومبدعوه، وقراؤه، يشكل إضافة للشعرية العربية، وتوسيعًا من مساحات إبداعها، وهو الأمر الذي ينطبق على الشعر الحر، وقصيدة النثر وغيرها من أشكال متنوعة، حتى الشعر العامي يشكل إضافة رائعة، وواسعة للشعر العربي بوجه عام.

في الآونة الأخيرة بدأتَ تركّز على ترويج، وبيان الشّكل العموديّ الجديد الذي تقترحه، فما هي تفاصيل هذا الشّكل؟

هذا الشكل هو ثمرة جهود شعرية تمتد لأكثر من 25 عاما، بل منذ بدايات كتابتي للقصيدة العمودية، حيث كان يقلقني التكرار والتقليد كثيرا، وكنت أجرّب بعض البحور الشعرية، وأجرب أثناء دراستي الجامعية في تنويع التفعيلات الشعرية، لكن لم أكن أنشر ذلك، وتشجعت، ونشرت بصحيفة الحياة اللندنية، قصيدتي: (فضاء المراثي) سنة 1991 وهي ضمن ديواني الصادر بالعنوان نفسه سنة 1997، وهو ليس أول ديوان أكتبه، بل أول ديوان أطبعه.

واستمر التجريب على نطاق الشكل التفعيلي وقصيدة النثر.

وفي ديوانيَّ: (فيديو كليب للزعيم)، (الإسكندرية 2003م) هناك تجريب شعري على مستوى الأشكال الشعرية الثلاثة، وبدأت أضيف بعض التفعيلات للشكل العمودي، ثم نشرت أربع قصائد في الشكل العمودي الجديد حسب النمط السمطي في ديواني (السماء الجنوبية للحب) دار النابغة، القاهرة 2020

وقد نجحت في هذه القصائد في تغيير لغة الخطاب الشعري التقليدي بحيث يفيد من تجربة الشعر الحر بشكليها التفعيلي والنثري، وهو الأمر الذي حفزني لإبداع ديوان كامل يضم (108) قصيدة في هذا الشكل العمودي الجديد، لغة، وبناءًا، وصورًا، وخطابا، بعنوان (رايات بلا أوسمة) طبعت منه طبعات محدودة، ثم طبعته بدار الندى بالقاهرة 2024

ماذا عن تفاصيل هذا الشّكل؟

تنهضُ قصيدتي العمودية ما بعد الحداثية على جملة من الأمور الفنية التي أضعها هنا حيال القارئ، تتجلى في:

  أولًا: كسرُ تراتبية، وانتظام البيت الشعريّ المعهود، فإذا كان البيت يتشكل من شطر أول وشطر ثان، أو من صدر، وعجز فيما يتشكل كذلك من عروضٍ، وضرب موزّع على الشطرين، فإنني في القصيدة العمودية الجديدة هنا قمتُ بحذف هذا التقسيم نهائيا ليصبح البيت وحدة واحدة، ليتضمن جملا شعرية أكثر امتدادًا، وأكثر رحابة، ولا يصبح هناك فاصل تعبيريٌّ، أو فاصل بين كتابة وكتابة، أو وقفات زمنية، أو رد عجز على صدر، أو وقف عروضي، وزمني في منتصف البيت، ومنتصف التفعيلات، فلا عروض، ولا ضرب هنا، ولا قواف داخلية ،وأخرى خارجية بل يمضي البيت في وحدة واحدة فنية وأسلوبية وإيقاعية كأنه سطر شعري متواصل، لكنه يختلف عن السطر الشعري التفعيلي في التزامه عددًا واحدًا مكررًا من التفعيلات، مع التزام القافية، وذلك ليستوعب مجموعة من الجمل الشعرية المتجاورة على المستويين الأفقي والرأسي على امتداد القصيدة.

 ثانيًا: كسرُ الترتيب العروضي المعروف في توزيع تفعيلات البحر الشعري، فتأتي التفعيلات مكررة سبع مرات في بحر (الكامل) مثلا أو (الرمل) أو في البحور التي تتشكل من ست تفعيلات، ويمكن أن تمتد التفعيلات إلى ثمان أو تسع أو عشر تفعيلات في البحور الصافية بشكل منتظم، ومجزوء الوافر يتكرر ثلاث مرات في البيت.

أما في البحور المركبة فإنني أزيدها تفعيلتين أخريين ليصبح البحر (البسيط) مثلا: (مستفعلن فاعلن)، مكررة خمس مرات بدلا من أربع، والبحر (الخفيف) يصبح : فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن، فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن، فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن)، وهكذا مما سيلحظه القارئ من قصائد تغيرَ تمامًا شكلها العروضي، والتفعيلي المتوارث.

ثالثًا : قد يتم التغيير والتطوير على مستوى القافية، واللعب بالقوافي داخل البيت الشعري نفسه، في حشو البيت، وليس في خارجه، أو خاتمته فقط، بشكل منتظم أو غير منتظم، خاصة في بدايات القصيدة كما في هذا النموذج، ونرى فيه أنه من الممكن أن يكون الشطر الأول من البيت الأول من تفعيلتين بقافية، أو ثلاث، أو أربع ثم يأتي الشطر الثاني بالقافية نفسها عبر اللعب داخل البيت بالقوافي، وتحريك التفعيلات مثل:

ضمي الهوى موسيقى
كي تنزفيني جيدا
أو تصنعي من أعظمي إبريقا
كي ترشفي نبض السماء بداخلي
أو تُشبعي خمر الوجود بلحظة تعتيقا

  رابعًا : تغيير اللغة الشعرية في القصائد لتصبح أكثر حداثة، وأكثر مواءمة للحظة الشعرية التي نحياها، والإفادة من منجز القصيدة التفعيلية، وتقنياتها وكذلك الإفادة من حيوية قصيدة النثر، ومختلف الأشكال الشعرية الجديدة القصيرة منها والطويلة.
  خامسًا: إقامة بنية شعرية عمودية جديدة مختلفة جذريًّا عن الأداء التقليدي للقصيدة العمودية، وهذا الأمر سيدركه القارئ فيما يطالعه من قصائد في الديوان.
  سادسًا : الإبقاء على وحدة القافية في نهاية الأبيات الشعرية ، أو تغييرها تبعًا لحالة القصيدة الفنية والجمالية مع العناية بالموسيقى الداخلية أحيانا داخل الأبيات، والحرص على أن تكون القافية أكثر سلاسة، وأكثر استيعابا للتجديد، وعلى أن لا تكون مجرد إكمال لموسيقى البيت، أو الأبيات المتتالية، لتصبح جزءا دلاليا، وعضويا منه. وهو ما يخالف، ويكسر نمطية القافية التي نراها في النماذج الشعرية الموروثة والمعاصرة.

ما هي نقاط الاختلاف عن الشّكل التّقليديّ الّتي تضيفها، أو قمت بابتكارها؟

الاختلاف هنا اختلاف جذري، وليست المسألة هنا مجرد تجديد في الشكل، أو زيادة، أو نقصان في عدد التفعيلات، ولكن جوهر التجديد هنا يصبّ في تشكيل رؤية شعرية مغايرة تماما للأداء الكلاسيكي من جهة الصور والمعاني، والجمل الشعرية والتوجه الشعري، وتغيير دفة الخطاب الشعري بشكل أكثر حداثة وأكثر وعيًا بدرامية العالم ، ومن هنا تندرج هذه القصائد في أبعاد فلسفية وسوريالية ووجودية وتعبر عن مأزق العلاقة بين الإنسان والكون، فيما تتخلى عن التقليد والرومانسية الهشة البسيطة التي تصرف – في معظم الأحيان – خطابها الشعري بالتوجه لمخاطبة امرأة متخيلة فتأتي القصائد لامرأة لا وجود لها أحيانا، ولكن ربما هي ثيمة فنية، أو مخرَج للشاعر من مأزق توجيه الخطاب لأي أحد من البشر.

إن ثمة تغييرا متقنا في اللعبة الشعرية في هذا الشكل الجديد الذي أتمنى أن يستوعبه الشعراء والنقاد والقراء، ويتعرفوا على قسماته وملامحه الجمالية،

هل يعني هذا إهالة الرّكام على الشّكل التّقليديّ الكلاسيكيّ للقصيدة العموديّة؟

لا لا .. هذا الشكل بمثابة توسيع لفضاءات القصيدة العمودية، ويمكن استخدامه كنموذج شعري أصيل في توظيف فني ما داخل نسق الشكل السمطي الجديد، وهذا يمنح شاعر القصيدة العمودية حرية الكتابة على النمط القديم أو على النممط الجديد.

كيف يمكن دمج الشّكل التّفعيليّ، وقصيدة النّثر في قصيدةٍ عموديّةٍ كما تزعم؟

سيوقف هذا الشكل كثيرًا الصراع بين الأشكال، فمن الممكن أن يقرأ على أنه قصيدة عمودية، أو تفعيلية أو حتى نثرية من جهة الأداء الشعري، وسوف يوقف الجدل حول العبارة الشعرية، فلن تكون هناك غنائية وإنشادية كما توهم النقاد، وسوف يستوعب هذا الشكل الكثير من جماليات الشعر العربي ومنجزاته، ونستطيع عبره الإفادة من مختلف إنجازات القصيدة التفعيلية والنثرية، التي تمتزج بشكل فعال في قيم هذا الشكل وأساليبه الفنية.

حيث يرتكز هذا الشكل على قيم السطر الشعري، لا إكمال للجمل الشعرية من أجل إقامة الوزن، أو من أجل الوصول للعروض والضرب، فلا عروض بالداخل، بل حركة حيوية لانسيابية الجملة الحرة بأي عدد من التفعيلات المتساوية المنتظمة، ولا جهد مصطنع من أجل قافية تقليدية ، بل كل شيء حر تماما في الأداء الشعري، ويمكن التشكيل بالقوافي حسبما نريد وحسب هذا الثراء الكبير للغة العربية ومعجمها الغني الواسع

ما الميزات الفنّيّة والجماليّة الّتي يمكن أن يحقّقها (النّمط السّمطيّ الجديد)؟

وفق طريقتي الشعرية التي ابتكرتها، وجددتُ بها القصيدة الكلاسيكية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي – فيما أزعم – منذ زمن الموشحات الأندلسية، فإن القصيدة هنا لا تتألف من الأوزان الشعرية المعروفة، ولا من طريقة تركيب البحور وشكل القصيدة الموزون المقفى، ولكنني أجريتُ تعديلات فنية وجمالية وأسلوبية تمسُّ صميم الجملة الشعرية داخل البيت الشعري وتلامس هيكلية الشكل العمودي فتطوره بشكل جذري ليستوعب مختلف الأشكال الشعرية الحداثية وغير الحداثية، ويستطيع القارئ الكريم قراءة القصيدة من دون أن يفرّق تمامًا بينها، وبين أداء القصيدة التفعيلية، أو أداء قصيدة النثرعلى الأغلب فيما يتعلق بمضامينهما وأجوائهما.

إن مدرستي الشعرية التي ابتكرتها واشتغلتُ عليها منذ سنوات طويلة أحب أن أسميها ب:"العمودية ما بعد الحداثية" فهي ليست مجرد "عمودية جديدة" فحسب، بل تتجاوز ذلك لاحتضان دلالات أكثر كثافة وأكثر تمردا وجموحا من الغنائية المعهودة للقصيدة البيتية الكلاسيكية.

هل ثمّة ملامح أخرى لهذا النّمط السّمطيّ الجديد للقصيدة العموديّة؟

تنهض قصيدتي هنا بالأساس على تغيير أداء البيت الشعري، وتطوير الجملة الشعرية وتحديثها لتتخلى بشكل أو بآخر عن هذه الغنائية والإنشادية المعهودة التي تهيمنُ فيها الأنا الشاعرة على مجريات النص.

هناك أداء مختلف تماما؛ البيتُ الشعريّ يتحول إلى منظومة قصائد قصيرة مكثفة جدا. البيتُ يتأثّثُ من مجموعة من الجمل الشعرية، فيما يصبُّ في معانٍ أكثر قابلية للحياة .

لقد أشار كثيرٌ من الشعراء، والنقاد إلى نهاية القصيدة العمودية، وبشروا كثيرا أو أنذروا بموتها وفنائها، ولا أتصور أن تقييم الفن الشعري يتم بهذه البشارات، أو النهايات الموتية ..

أتصورُ أن هذا التجديد في القصيدة العمودية يحدث لأول مرة في فنية الشعر العربي وتاريخيته، ويضرب هذا الشكل الجديد مختلف التأويلات والتفسيرات والمقولات النقدية التي كانت تميز شكلا عن شكل آخر، فلا قيود، ولا غنائيات كثيرة، ولا حدود تحد الشاعر إلا فنه وقيم تجويده من قصيدة إلى أخرى.

في تاريخنا الشّعري هناك تجديدات في القصيدة العموديّة مثل: الموشّحات الأندلسيّة، ومثل الأبيات، والقوافي المتعدّدة عند شعراء المهجر، وشعراء المدرسة الرومانسيّة، فهل تجديداتك تختلف عنها؟

الموشحات الأندلسية كانت نقلة إيقاعية كبيرة في شعرنا العربي الموروث، حركت جمود القصيدة العمودية، ووسعت الأفق التعبيري والجمالي، والأمر نفسه في القصيدة الرومانسية وشعر المهجر، كذلك هناك تجارب شعرية فذة في شعرنا المعاصر استطاعت أن تتجاوز الرؤى التقليدية للقصيدة، مبنى ومعنى ولغة وقاموسا شعريّا منذ تجليات أحمد شوقي ومسرحياته الشعرية، ومكونات الشعر العربي في المهجر، والرومانسية الشعرية العربية في أبهى صورها كما نجدها عند (الشابي وعلي محمود طه وإبراهيم ناجي وبشارة الخوري وإلياس أبي شبكة)، ثم في النماذج الكلاسيكية الشعرية عند رواد الشعر التفعيلي أو الحديث أو الحر كما لدى (أدونيس وصلاح عبدالصبور وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة ومحمود درويش وأمل دنقل)، ثم لدى أسماء شعرية مبهرة في الأداء الشعري العمودي المتجدد كما لدى (محمد مهدي الجواهري وسعيد عقل وعبدالله البردوني ونزار قباني)، وبعض النماذج الشعرية الكلاسيكية التي تتوارد في عدد من دواوين الشعر الحديث والراهن.

لكن ما أقدمه هنا يختلف تماما عن أي تطوير حدث من قبل في القصيدة العمودية.

إن قصيدتي العمودية الجديدة، فيما أزعم، تشكل تأسيسًا لمدرسة شعرية غير مسبوقة في تطوير هذا الشكل الموروث وتغيير أدائه الأسلوبي والتعبيري والتقني والجمالي جذريًّا، غير المسبوق سواء على مستوى التاريخ الشعري الكلاسيكي، أم على مستوى الجغرافيا الشعرية الراهنة بالوطن العربي والناطقين بالعربية.

أتوجه بهذا الشكل الشعري الجديد للقارئ العربي،، ووحده هو الرائي وهو الحكيم المبصر الذي يستطيع أن يميز شكلا عن شكل، وقصيدة عن قصيدة .

إلى أيّ مدىً يمكن أن يروّج هذا الشّكل السّمطيّ الّذي تدعو إليه، وإلى أيّ حدّ سينتشر؟

هذا مرهون بالحالة الإبداعية للشعراء التي يمكن أن تستوعب هذا الشكل العمودي الجديد فتكتب في تجلياته وأبنيته، أو ترفضه. المسألة طليقة تماما، وكل شاعر حر في اختياراته وأساليبه الشعرية.

_ نشرتَ أشعارًا كثيرةً جدًّا عن فلسطين منها قصائد في صحيفة (إيلاف الإلكترونيّة)، وفازت قصيدتك "إشراقات غزّية" أيّام الجامعة، ولديك قصائد عن "طوفان الأقصى" ماذا تختار أنتَ ممّا كتبت؟

في الحقيقة، القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعا كعرب، وهي قد تعلو وتهبط في مراحل تاريخية ما، لكن لابد من استرجاع الأرض المحتلة كاملة، فهذا الكيان مهما حدث من تحولات، أو مسميات، هو كيان استعماري، محتل للأرض الفلسطينية والعربية، ويعربد في الجغرافيا العربية مستندا على القوى الكبرى، لكن التاريخ يعلمنا أنه لا يوجد استعمار، واحتلال إلا مصيره الزوال، ورغم النكبات المستمرة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في أرضه، وهو يعطي دروسا إنسانية شاهقة في تحدي الاستعمار والتمسك بالأرض، فإن الحق سيعود لأصحابه كاملا، وستعود الأرض كاملة، في هذا الجيل، أو أي جيل قادم قريب.

وأنا كتبت قصائد كثيرة عن فلسطين والأرض المحتلة ، والانتفاضة، وحتى اليوم ، والأمل كبير في مقاومة الاستعمار وتحرير الأرض والوطن.

ولعل الشعر الفلسطيني، وما كُتب عن القضية الفلسطينية من القدس إلى الضفة إلى المسجد الأقصى، وغزة، وتصوير بطولات هذا الشعب المقاوم ما يؤكد على أن الأمل قادم، وأن قضية فلسطين لن تموت، وأن من يحملون مفاتيح بيوتهم منذ نكبة العام 1948 سوف يعودون لها وسيتم التحرير لا محالة؛ النصر قادم قادم.

وأختار هذه القصيدة عن أبطال فلسطين:

شكرا.. شكرا
يا أبطال فلسطين
كل قميص عربي يتضمخ في هذا الوقت برائحة من حطين

شكرا.. شكرا
يا أبطال فلسطين
شفنا كيف الحجر يناضل عن شجر
كيف الزيتون يكافح عن قمر
كيف اللوز يقاوم
كيف الضوء يسافر ما بين وريد ووتين؟!

شكرا للد
وأم الفحم
ورام الله
والقدس
وحي الشيخ جراح
والأقصى
والناصرة
وغزة
شكرا
يا أرض التكوين

شكرا.. شكرا
يا أبطال فلسطين
عذرا منكم.. أنا صرنا كالمصلوبين
كنا نتفرج.. حين لوحدكم كنتم وسط النار
وكنا نلغو بالكلمات
نبرطم
في خجل... في أسف
نتواطأ أكثر مع صهيون

عذرا منكم
حين تركنا غزة تحرق..
حيث تآمرنا
وتأمركنا
وتصهينّا
طبّعنا أو طبلنا
وشربنا من دمكم وأكلنا لحم الضفة والقدس ولحم جنين

لكن أطلقتم صوب هزائمنا النار
وحررتم فينا الروح
تلوتم فوق شواهدنا سورا من بعث ويقين

شكرا.. شكرا
يا أبطال فلسطين

أعطونا لغة الحرية إنا مقهورون
أعطونا وطنا أخضر كي نتنفس
إنا منفيون
أعطونا شمسا عذراء
فكل شموس بلادي صدئت
كل نجوم بلادي سقطت
كل الأقمار انتحرت بحشيش أو أفيون

شكرا.. شكرا
يا أبطال فلسطين
ما زلنا موتى
نذهب للسينما للمسرح موتى
للمنتزهات كموتى
لملاعب كرة القدم
ونرجع منسيين
لمكاتبنا لوظائفنا موتى
ونعيش.. الخدر الدائم
والكسل الأبدي بدنيا الكوما
وننام عرايا من دون طموح أو دون شؤون

شكرا أن عقلتم كل الأشياء
بهذا الزمن الراكض والمتسارع والمجنون
صار الطير يحط على الغصن كما كان
وصار البرق وراء الغيمة
يتكلم لغة الأمطار
صارت جنات الحلم جميعا
تجري من تحت روابيها الأنهار
صار الشرق حقيقيا
في جهة الشمس ومطلعها
صارت تتعرف وجه حدائقها الأزهار
صار النثر يوزع عطرا
صارت تتجمل بين كنايتها الأشعار
صار يطهر كون النبض بفرحته القلب المحزون
..
شكرا
شكرا
يا أبطال فلسطين
..
الآن سنرفع كل رؤوس المجد
ورايات الحلم
نرش الضوء الطالع من جبهات الشهداء
نبلله
بالسكر والليمون
..
شكرا
شكرا
يا أبطال فلسطين
موعدنا القادم في القدس
لنخلقها
حيث ترقرق في عمق الأرض، تزلزلها
شهقات الطين


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى