السبت ٢٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٥
بقلم رانيا مرجية

خارج النص

في البدء
كانت الكلمة،
لكنها لم تكن لنا.

كانت مرتفعة السقف،
مطمئنّة إلى نفسها،
تعرف طريقها إلى المنصّات
ولا تعرف الطريق إلى البيوت.

قالوا:
الظروف الراهنة
وكأن الزمن عابر،
وكأن ما نعيشه
لم يتحوّل منذ زمن
إلى إقامةٍ طويلة
في قلب القلق.

الكلمات
حين تخرج من أفواه السلطة
تفقد حرارتها،
تصبح أخفّ من أن تحمل إنسانًا،
وأثقل من أن تسقط.

في الأعلى
يُدار العالم
بجُملٍ كاملة،
وفي الأسفل
نعيش
بأنصاف الاحتمالات.

نقيس أيامنا
لا بالتاريخ،
بل بنبرة الصوت
الذي يعلن المساء،
وبعدد المرّات
التي نقول فيها:
سنرى.

الانتظار
لم يعد فجوة بين حدثين،
بل طريقة عيش.
نتعلّم كيف نؤجّل الفرح،
كيف نضغط على الخوف
ليأخذ شكل الصبر،
وكيف نُقنع أبناءنا
أن الغد فكرة
لا موعد.

يقولون:
الوضع الإنساني
وكأن الإنسان
حالة طقس،
تسوء قليلًا
ثم يُطلب منها
الهدوء.

نحن هنا
لا نطلب خلاصًا،
ولا خطابًا أخيرًا.
نطلب دقّة.

أن يُنادى علينا
بأسمائنا،
لا بوظائفنا في الألم.
أن يُعترف
بأن التعب
ليس تفصيلًا،
بل أساسٌ
نُقيم فوقه أيامنا.

السياسة
فنّ المسافة.
كلما ابتعدت
بدت أكثر أناقة.

أما نحن
فنعيش قريبين جدًا
من الأشياء:
من الخسارة حين تقع،
من السؤال حين يلحّ،
من المعنى
حين ينكسر
ولا يختفي.

نحن خبراء
لأننا نجونا.
نحلّل
لأن الفهم
شكلٌ من أشكال الدفاع.

ونبتسم أحيانًا
لا لأننا بخير،
بل لأن السخرية
آخر ما تبقّى
من السيادة الداخلية.

ربما
لو اقترب النصّ خطوة،
لو خفّف يقينه،
لو أصغى
بدل أن يشرح،
لاكتشف
أن العالم
لا يُقاس بما يُقال عنه،
بل بما يُترَك
دون اسم.

إلى أن يحدث ذلك،
سنظلّ
خارج النص،

لا كضحايا،
بل كشهود،
يعرفون
أن الحقيقة
غالبًا
تكتب نفسها
في الهامش،
حين يتعب المركز
من الكلام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى