قصص قصيرة جدا
القفص
..عادل يحب العصافير كثيرا..في بيته عصفور صغير في قفص، يرعاه، يحاوره..أحيانا، يداهمه شعور حزين، كم يحز في نفسه بقاء عصفوره سجين القفص..فكر في تحريره مرارا، لكنه يخشى غضب الوالد...
..في نزهة، الأب انغمس في كتاب، بجانبه عادل يلعب في صمت، يحاكي كل الكائنات..مرت شاحنة، التفت، ورأى أنها تزرع القمح في الطريق.. صار الطريق أرضا خصبة!..جذب القمح سرب العصافير..مرت شاحنة أخرى..طار السرب..ومات عصفور صغير، عظامه امتزجت بالقمح والطريق..صار الطريق مقبرة!.. اضطرب عادل، وأصر على العودة..هرع مسرعا كي يتفقد عصفوره الصغير، مازال يمرح داخل القفص، ينعش المحيط بزقزقات الربيع..فرح عادل كثيرا، كثيرا وأقسم بألا يحرر عصفوره الصغير أبدا...
اللعنة
كالفراشة، كان يحب الربيع..يحب كل الأشياء الجميلة والآخرين، ويمقت السياسة..أحيانا، يداهمه اليأس، وتنتابه رغبة التغيير، كم يؤلمه وجع البلاد..وفي يوم ملعون، عشق السياسة، صار يمقت كل الأشياء الجميلة والآخرين..صعد السلم كي يلعق لافتة تصادرها الشعارات..اجتاحه الهيجان، أراد أن يصرخ (يحيا الشعب..يحيا الشعب)...اختل التوازن، وسقط من أعلى السلم، اضطراب، ثرثرة، فصمت مطبق.. حين أفاق، أدرك أنه خسر كل شيء، وانتحرت الفراشة، فانفرد بعيدا، تسابيحه لعنة السياسة...
الفجيعة
وقف على الرصيف لا يفكر في شيء..يبدو كمن لا يسمع ولا يرى..وفي لحظة شاردة، خطف بصره لون أصفر، التفت لتستقر عيناه على امرأة، كانت تمشي كطفل في أول خطاه، تتعثر، تتمايل..(مسكينة معوّقة!) تأسف المارة من حوله..(يا إلهي، ما أجملها!) تسربت من جوفه المتصدع هذه "الزفرة" المنتشية..هي امرأة أراد القدر تشويهها، لكنه فجر بلمساته المشوهة ينابيع الفتنة كي يقتله..حين عبرت، تسللت روحه لتسافر إليها وتموت، لكنها كالريح مرت، ونسفت ما تبقى من شتات الروح..جاء القدر ليشوهها، فشّوهه...
الفحل
تزوج وأنجب..هام حبا في زوجته والولد..استغاظ الأهل والناس، همسوا (غلبته المرأة ولم يعد فحلا!)..قاومهم (هي أم ولدي أحبها)..ضربوا الكف بالكف وتيقنوا (صار ديوثا!)..وفي لحظة يائسة، أراد تفجير رجولته كي يمسحوا على رأسه، فطلق زوجته.. اغتبط الأهل والناس بانبعاث الفحولة، وتاهت المرأة والولد...
الكبد
خرج أحمد من بيته يقاسي ألام الكبد..التوى بقاعة الانتظار يترقب دوره..قبالته، كان يجلس مدير المدرسة..ابتسم المدير، نهض وجلس بجانبه، ثم بادر متسائلا (هل تسوّقت اليوم؟)..رد أحمد نافيا بنزق..(الريح الأخيرة أضرت بالنعاج، تقلص حجم أكبادها الى هذا الحد) أردف المدير، مشيرا الى نصف كفه..توتر فجأة، وابتعد الى حيث مكانه، وتاه تنخر عقله حال النعاج..(المدرسة صارت سوقا والأولاد نعاجا!) تحسر أحمد في سره..باغته دوار، مال ببطء، وانهار مغشيا عليه..حين أفاق، همس له الطبيب مواسيا (قد بترنا جزءا من كبدك)...
إخلاص
بأحد شوارع العاصمة، امرأتان جميلتان تترقبان في قلق..ثوان، واقتربت كالسراب، سيارة فخمة..قفزتا بداخلها، وابتعدت "المرسيدس" الشبح تزحف كأفعى..أشعة الشمس تنعكس على هيكلها الأسود، ينبعث ذلك الوميض الخارق ليخطف أبصار المارة الذين يسرعون الى حماية أعينهم بأيديهم..بداخل السيارة شيخ البلدية ومسؤول الحزب منتشيان..وتتوقف السيارة بمحاذاة الفندق الفخم، لتنطلق طقوس السهرة المجنونة..في الصباح، تنصرف الفاتنتان مثقلتا الجيوب..يستحم الصديقان..وفي بيتيهما يصلي كل منهما ركعتين مبددتين لظنون الزوجة، وعاكستين لنية الإخلاص..
ثقافة
اقتحم الشاعر فجأة، مكتب مدير المركز الثقافي ماسكا بطنه، واستفهم متوجعا متوترا ( أين بيت الراحة بسرعة؟).. دله المدير، وكانت السكرتيرة تحاول إخماد ضحكها..عبرت اللحظات العسيرة بسلام، وعاد الشاعر مبتسما، هادئا يمسح يديه بمنديل ورقي، ثم نبر معلقا:
– أتدري يا سيدي المدير بأني اليوم وقفت على أمر خطير؟..
– ما هو؟..
– اليوم فقط، وبعد هذه الاستراحة، أدركت مدى أهمية المراكز الثقافية..
وانفجر الجميع ضحكا حد البكاء...
ديّـة
خرج من مقهى "الذيب" لا يلوي على شيء..ارتمى في مخالب شارع مقفر..(يا إلهي، ما العمل؟) تذكر أولاده الجياع..كالمعتوه راح يدلف..عيناه مشدودتان الى الأسفل، تمسح كل الأماكن عساها تلمح شيئا يشبه النقود كي يقلم القليل من أظافر الرمق..في وسط الطريق، خطف بصره وميض لاح بغتة..هرول..انحنى..مد يده كي يرفع الشيء اللامع، سحبها بسرعة، وحدق في سدادة "كوكا كولا".. رماها على مضض، لعن حظه، واندفع متقهقرا، فاحتضنته سيارة تمر من هنا..ابتعدت سيارة الإسعاف وعويلها يزرع أنباء الموت...
(كلوا..كلوا) الأم تأمر ملحة، والدمع يغرق وجهها الشاحب، ومن حولها اليتامى يأكلون بنهم مما جادت به الديّة...
مكالمة
..رنّ الهاتف ليخرجه من غفوة النوم (ألو، لقد انتحر صديقك، وشيّع الى المقبرة، تعازينا الخالصة) وانتهت المكالمة..بات ليلته بين مخالب الحزن والأرق..(لقد كان رحمه الله متيقنا من الفوز بالانتخابات)..خرج باكرا ليندس في مقهى الحي، وتاه يحملق في خواء الشارع..فجأة، لمح صديقه يمر من هنا حيّا يرزق..خرج يدلف خلفه، يتقفى أثره من بعيد..خارج المدينة، تسلق صديقه واقي الجسر وارتمى دون تردد، ليحتضنه حجر الوادي جثة هامدة..راعه المنظر، تقهقر مذعورا، واحتمى ببيته ليقاوم استرسال المشهد..رنّ الهاتف (ألو، أمس خطأت في النمرة، معذرة) وانقطعت المكالمة..ثوان للانبهار والدهشة، اندفع فجأة، ليهيم في الشارع طالبا أطراف المدينة والجسر...
نصيحة
(..يا بني، لابد أن تحسن اختيار حذائك، فمن الأحذية ما يجلب خيرا كثيرا، باقتنائه تتوفر لك فرص السفر، وترحل إليك دعوات الولائم من كل أوب..ومنها ما يتسبب في انسداد كل منافذ الرزق، وتنزل عليك قوارع الدهر في كل حين..وإذا رغبت يا ولدي في سحر قلوب النساء، فأحسن اختيار سروالك..من السراويل ما يثير رغبتهن فيك، وودهن ما يجعلك حيا دوما، ومنها ما ينفرنهن من حولك، فتبقى وحدك منعزلا لتموت فيك كل الخصوبة الكونية)...
.. ومازال الابن الى الآن، يبحث عن الحذاء المناسب وعن السروال...
طاقة
أقلعت الطائرة من "حاسي مسعود" تخترق الفضاء والسحب..مصطفى يتفقد أشياءه في توتر، المهمة تتطلب ذلك..نزل بفندق "الأوراسي"، أذهلته الأضواء المنبعثة من كل الزوايا والبشر..بعد استراحة قصيرة، توجه الى مقر وزارة الطاقة..( يا إلهي، حتى درجات السلالم مضيئة) علق مشدوها..بعد انتهاء المهمة، فكر في زيارة أهله، استقل سيارة أجرة طالبا عمق الجزائر..حين حلّ بالبلدة، أدرك بأنه في عالم أخر..رجال، نساء، أطفال يمدون أياديهم في كل الأماكن..لجأ الى البيت فارا من عتمة هذا العالم السفلي، استقبلته أمه بابتسامة منقبضة، وطلبت منكسرة ( منذ شهر لم تتحسس يداي ذرة واحدة من السميد)...
قمر
ضوء القمر يعري مفاتن الليل وأسراره، وينعش الصهد الصيفي.."حنان" مستلقية بجانب أمها بحوش البيت العتيق..أسطورة القمر تحيرها، وتفتنها أيضا..كان على تلك المرأة ألا تمسح سلح رضيعها بالرغيف، ثم ترميه للكلب..بهذا الصنيع قد أغضبت الله، فرفعهم جميعا وعلقهم بالرغيف الذي صار قمرا..
– حدقي جيدا، وسترين المرأة ورضيعها والكلب..
راحت "حنان" تحدق في القمر محاولة رسم معالم هذه الكائنات المعلقة، لكنها لا ترى شيئا..واستسلمت لمفاتن النعاس الذي تسلل بعذوبة الى عينيها..ثوان، ونامت تحلم بالمرأة والرضيع، الرغيف والكلب...
الغرفة 113
يبدو أن الفندق ينظم وليمة كبيرة..بإحدى الطاولات المنزوية، ثلاثة ضيوف يأكلون ويثرثرون..أحدهم منشغل بعصر حبة الليمون على الأكلة، همس على حين غرة (يشاع أن فلانا ميال الى مثل جنسه)..(هذه إشاعة قد تسيء إليه) رد الثاني والتهم قطعة من اللحم، وأردف ( وهل تعتقد بأنه الوحيد؟)..حينها كان أحد الغلمان قد اقترب منهم بحركات أنثوية، وهمس لأحدهم (سأنتظرك بالغرفة 113)..وابتعد ليفسح المجال الى صمت مريب خيّم على الطاولة والفندق...
الأشباح
الرذاذ يطهر ليل المدينة..أنين الريح أغرق البيت في صمت مريب..العصفور الصغير يلتصق في توتر بكل أسلاك القفص، زقزقته اختنقت.."حليمة" منزوية، تحدق في التلفزيون، يبدو على وجهها الاستفهام (كيف تمكن أولئك الناس من العيش داخل هذه العلبة، هم بالتأكيد أشباح؟)..أبوها رفقة قريبه يتحدثان في السياسة، نبرات صوتيهما تلوث أذنيها النقيتين، لا تفهم شيئا..تذكرت الغول وابنة السلطان، وفكرت (لعلهما يتكلمان عن الأشباح)..أبوها يسب بمرارة، الأحزاب والموت وأشياء أخرى..التفتت خلفها، وسألت:
– أبي، هل تعرف أين توجد الأشباح؟..
– يا بنيتي، تفرجي واتركينا نتكلم..
عادت "حليمة" لتندس أكثر في مكانها، يحاصرها السؤال، شعرت بلذة النعاس تسري عبر جسدها، ابتسمت مرددة في سرها (مسكين أبي، لا يعرف بأن الأشباح لا وجود لها إلا بالتلفزيون)..نامت، ونام عصفورها الصغير...
ميلاد كاتب
مشاغب كعادته "عقبه" يقلد والده في كل شيء، دخل المكتب ذات مساء وسأل:
– ماذا تكتب يا أبي؟..
– أكتب قصة!.
– أريد أن أكتب قصة مثلك..
– نعم..أكتب عن المدرسة، عن أمك، عن عصفورك..انصرف الآن واتركني أفكر..
ابتعد "عقبه" مصرا على كتابة قصة..ذات مساء أخر، رجع أبوه من العمل، استقبله برزمة من الأوراق المبعثرة، ونبر فاخرا:
– كتبت قصة مثلك..
تصفح أبوه الأوراق في عجل، وأدرك أن ابنه كتب قصة فعلا، نقلها حرفيا عن إحدى قصص الأطفال المتوفرة بالمكتبة..مسح على رأسه راضيا..فرح "عقبه" كثيرا، وفي فراش النوم فكر (كتابة القصة سهلة)..ونام يحتضنه دفء مستقبل بدأ يرسم ملامح ميلاد كاتب...
مشاركة منتدى
1 أيار (مايو) 2015, 20:38, بقلم جابر الافى
كانت هناك امرء عجوز وكان عندها حفيدة تتسمى جيهان وكانت هذه المرءه تعيش في غرفة صغيرة في غابة وكانت جيهان ناتى لها كل يوم بطعام وكان فى كل مرة تاتى فيها جيهان الى جدتها كان يقابلها ذئب شرير ياكل الطعام ولكن جيهان خدعته اتت بسلة يوجد فيها حجر واتى الذئب لياكل الطعم اكل الحجر ومات الذئب وذهبت جيهان البطلة الى جدتها بلطعم