

نحيب محفوظ الرمز والرمزية

الأديب العالمي نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا الشهير بـ نجيب محفوظ المولود يوم 11 ديسمبر عام 1911 في حي الحسين بالقاهرة العاصمة المصرية عاصر خديوية مصر والسلطنة والمملكة المصرية والجمهورية العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية ومن ثم عاش أحداث ثورة 1919 وتبعاتها وحرب 1948 ثم ثورة 23 يوليو 1952 وإنجازتها ثم نكسة 5 يونيو 1967 ثم معارك الاستنزاف ونصر أكتوبر الذي تحقق عام 1973 وكتب عن الموظفين والروتين والقهاوي والحرافيش والفتوات والقوة وهموم الشعب وقضاياه الاجتماعية والسياسية وغاص في الحارة المصرية التي كانت طريقه إلى العالمية وفوزه بجائزة نوبل في الآداب عام 1988 وكانت الرمزية في أدب نجيب محفوظ شديدة الخصوصية والتميز وكان هدفه في المقام الأول الإنسان والوطن وبرغم رحيله إلى دار الخلود يوم 30 أغسطس عام 2006 م ولكن مؤلفاته والتي تحول معظمها إلى أفلام سينمائية مازالت معنا وفي قراءة سريعة لأدب نجيب محفوظ نجد أن قدم زهرة بطلة رواية ميرامار التى تحولت لفيلم بنفس الاسم وهى فتاة ريفية بسيطة تركت أهلها الذين يصرون على أن تتزوج من رجل لا تحبه ويكبرها فى السن ولكنها تصطدم فى عملها بالبنسيون بمجموعة من الرجال الذين يختلفون فى جوانب كثيرة منهم من يساعدها ومنهم من يحبها ومن من ينتهزها ولكن نموذج زهرة كان لافتًا إذ إنها رغم جمالها الفائق لا تلين ولا تسلم نفسها فهى تتمتع بكبرياء وعزة نفس وتحافظ باستماتة على تقاليدها وعاداتها ولا تفرط فى مبادئها رغم إغراءات كثيرة.
رواية ميرامار تحولت إلى فيلم سينمائي وكان السيناريو الحوار لممدوح الليثي وإخراج كمال الشيخ وبطولة شادية التي قامت بدور زهرة ويوسف وهبي ويوسف شعبان وعماد حمدي وعبد المنعم إبراهيم وأبو بكر عزت وعرض الفيلم في شهر أكتوبر عام 1969 م وفي رواية زقاق المدق جعل نجيب محفوظ الأديب العالمي حميدة فائقة الجمال بطلة الرواية وهذه الفتاة الناقمة على حياتها التى تتمنى أن تهرب لتعيش فى عالم آخر فى حياة أخرى تلبى أحلامها غير المحدودة وتحاول الإيقاع بالرجال مستغلة أنوثتها لتوقع بعباس فى شباكها عباس الذى يحملها على يديه فى نهاية القصة حيث تموت حميدة فى النهاية ورواية زقاق المدق تحولت إلى فيلم سينمائي وكان السيناريو والحوار لسعد الدين وهبة وإخراج حسن الإمام وبطولة شادية التي جسدت دور حميدة ويوسف شعبان وصلاح قابيل وحسن يوسف وسامية جمال وعقيلة راتب وتم عرضه في شهر سبنمبر عام 1963 م.
كما قدم الأديب العالمي نجيب محفوظ في روايته القاهرة الجديدة محجوب عبد الدايم الموظف الانتهازى المتسلق الذى ينسف كل القيم ولا يعترف بفضيلة أو شرف وهذه الشخصية التى لا ترى غير نفسها فى الدنيا وتسخر من كل ما عداها وظلت هذه الشخصية علامة على الموظف الانتهازى الذى يستعين بكل الطرق والوسائل بغض النظر عن شرعيتها للوصول إلى غايته وتحقيق هدفه وقد تحولت الرواية إلى عمل سينمائي اسمه القاهرة 30 وكان السيناريو والإخراج لصلاح أبو سيف وبطولة سعاد حسني وأحمد مظهر وحمدي أحمد الذي قام بدور محجوب عبد الدايم ويوسف وهبي وعبد المنعم إبراهيم وشفيق نور الدين وتوفق الدقن وعرض في شهر أكتوبر عام 1966 م ونجد عيسى الدباغ البطل فى السمان والخريف الذى يضج بالأمل والطموح ويتمنى أن يصبح نجمًا سياسيًا فيتحقق له ما أراد بسرعة كبيرة ويتوقع له الجميع أن يصبح وزيرًا غير أن ثورة 1952 تغير كل شيء وتتغير ملامح حياته تمامًا وتبدو مترنحة حتى نهايتها إذ يفقد كل شىء تقريبًا وقد تحولت رواية السمان والخريف إلى فيلم سينمائي وكتب السيناريو والحوار أحمد عباس صالح وبطولة نادية لطفي ومحمود مرسي الذي قام بدور عيسى الدباغ وعبد الله غيث وليلى شعير وعادل آدهم ونعيمة وصفي وإحسان القلعاوي وعرض الفيلم في شهر فبراير عام 1967 م وفي رواية الكرنك نجد فرج فرغم أن دوره لم يكن كبيرًا ولا مؤثرًا فى رواية الكرنك إلا أن هذه الشخصية انتشرت وحققت شهرة كبيرة ففرج رجل خالد صفوان ضابط المخابرات القوى الذى يستخدم فرج ليغتصب الفتيات ويعتدى عليهن جنسيًا والغريب أن كثيرين اختزلوا الفيلم فى مشهد اغتصاب فرج لسعاد حسنى وهو ما يعكس تأثير هذه الشخصية للدرجة التى فاقت أثر خالد صفوان رجل المخابرات الذى يحرك كل شيء وارتبط الناس بفرج وصار رمزًا على العنتيل المغتصب فى حين لم يذع صيت خالد صفوان ورواية الكرنك تحولت إلى فيلم سيناريو وحوار ممدوح الليثي وإخراج علي بدرخان وبطولة سعاد حسني ونور الشريف وكمال الشناوي وفريد شوقى وشويكار وصلاح ذور الفقار وعماد حمدي وعبد المنعم النمر وقام الفنان علي المعاون بدور فرج وعرض الفيلم في شهر ديسمبر عام 1975 م كما أنيس زكى الموظف خائب الأمل والشارد دائمًا واللامبالى بأى شىء حوله وهو بطل رواية ثرثرة فوق النيل الذى تحول إلى أيقونة ورمز على التعاسة واللامبالة .. أنيس الذى يكتب تقريرًا كاملًا يرفعه لمدير المصلحة التى يعمل بها وإذا بالورقة فارغة إلا من سطر واحد وقد بدأ الكتابة وسرعان ما نفد الحبر لكن أنيس استمر فى الكتابة .. غارق طوال يومه فى الحشيش والخمور .. يكاد لا يفيق .. يتولى تحضير جلسة الأصدقاء الذين يشاركونه فى عدم الاكتراث بشىء .. هذه اللامبالة كحالة عامة نتجت عن هزيمة يونيو 1967 ورواية ثرثرة فوق النيل تحولت أيضا إلى فيلم سينمائي سيناريو وحوار ممدوح الليثي وإخراج حسين كمال وبطولة أحمد رمزي وماجدة الخطيب وميرفت أمين وعماد حمدي الذي قام بدور أنيس ذكي وعادل آدهم وسهير رمزي وقد شاركت في هذا الفيلم الفنانة عايدة الشاعر عرض في السينما يوم 15 نوفمبر عام 1971 م وأيضا كتب الأديب العالمي نجيب محفوظ رواية الحرافيش وهى رواية أجيال حيث يشب حريق ببيت سليمان الناجي فتوة الغلابة بسبب رضوانة زوجة ابنه البكري بكر والتي تقع في غرام شقيقه خضر وعندما يكتشف بكر ذلك يحاول قتل شقيقه ويتهمه بخيانته لكن خضر البريء يرفض الاتهام ويهرب ليترك العائلة وتتصاعد الأحداث ورواية الحرافيش تحولت إلى فيلم سيناريو وحوار أحمد صالح وإخراج حسام الدين مصطفى وبطولة محمود ياسين الذي قام بدور سليمان الناجي وصفية العمري وممدوح عبد العليم الذي قام بدور بكر وليلى علوي التي قامت بدور رضوانة وصلاح قايبل وسوسن بدر وإبراهيم الشرقاوي الذي قام بدور خضر وعرض في شهر فبراير عام 1986 م والجزء الأخير من رواية الحرافيش للأديب العالمي نجيب محفوظ تحولت إلى فيلم سينمائي وهو التوت والنبوت وتركزت الأحداث في منطقة القاهرة القديمة وفي عصر الفتوات والحرافيش حيبث يفرض الفتوة حسونة السبع إتاوات كبيرة على أهل الحي ويبالغ في اضطهادهم وإذلالهم ويضطهد حسونة أسرة عاشور الناجي الذي تتقلب أحوالهم بين الغنى ثم الفقر الشديد ويجبره حسونة على تطليق زوجته ومغادرة الحي ثم يحاول إجبار والدها والمأذون على تزويجها له قبل انتهاء فترة العدة ويقف عاشور في مواجهة الظلم ومعه أهل الحي المطحونين وفيلم التوت والنبوت إخراج نيازي مصطفى وبطولة عزت العلايلي الذي قام بدور عاشور الناجي وسمير صبري وتيسير فهمي ومحمود الجندي وسميرة صدقي وحمدي غيث الذي قام بدور المعلم حسونة وأمينة رزق ومنى السعيد وصلاح نظمي وآمال رمزي وأحمد عقل وعرض في شهر يناير عام 1986 م.
تعدُّ ثلاثية الأديب العالمي نجيب محفوظ من أهم أعماله وقد أدرجها اتحاد كتاب العرب ضمن أفضل مئة رواية عربية في تاريخ الأدب العربي وهى سلسلة من ثلاث روايات هي : بين القصرين وصدرت عام 1956م وقصر الشوق وصدرت عام 1957م والسكرية صدرت عام 1957م أيضا وسمِّيت كل رواية على اسم الحي الذي تدور فيه أحداث الرواية وقد حظيت باهتمام كبير ولاقت قبولًا واسعًا في الأوساط الأدبية والثقافية والنقدية ووضعت المبدع نجيب محفوظ ضمن أفضل الكتاب العرب والعالميين.
تدور الثلاثية حول عدة أجيال مصرية خلال النصف الأول من القرن العشرين فتبدأ أحداث رواية بين القصرين قبيل أحداث ثورة 1919م في مصر في شارع بين القصرين التابع لحي الجمالية في منطقة الحسين في القاهرة وتتناول الرواية حياة السيد أحمد عبد الجواد وهو ربُّ أسرة يتميز بشخصيته القوية ولكنه متزمت ويعدُّ المسؤول الوحيد في عائلته التي تتكون من زوجته وأبنائه وهم : ياسين وفهمي وكمال وابنتيه : خديجة وعائشة ويعدُّ السيد أحمد عبد الجواد من التجار الأثرياء في الحي ويسيطر على أسرته بشكل كامل كما أنه يظهر أمامهم بثوب الرجل التقي قوي الإيمان ولكنه في الحقيقة كان يزور الملاهي ويصحب الغانيات وبائعات الهوى ومع ذلك فإن حياته تلك لا تتناقض مع إيمانه حسب معتقده وفي هذه الرواية يزوج السيد ابنه ياسين المنحل مثله ويزوج انته عائشة من ابن جارهم ذي الأصول التركية وتندلع أحداث ثورة 1919م ويستشهد ابنه فهمي فيها أما رواية قصر الشوق فتدور أحداثها بعد وفاة فهمي وقيام ثورة 1919م وتتابع قصة حياة عائلة السيد أحمد عبد الجواد إذ يشبُّ كمال الابن الأصغر له ويتهيأ للدخول في الجامعة ولكنه يرفض دراسة الحقوق ويفضل دراسة دار المعلمين لأنه يحب الفلسفة والعلوم والآداب وفي هذه الرواية يتم التركيز على حياة ابنتي السيد عبد الجواد: خديجة وعائشة وقد انتقلتا مع زوجيهما إلى قصر الشوق وينتقل ياسين إلى البيت الذي ورثه من أمه في قصر الشوق أيضًا بعد أن يتزوج مرة ثانية من عشيقة والده السابقة وقصر الشوق أحد شوارع منطقة الجمالية وقد كانت المنطقة قصرًا في العصور القديمة وهذه الشوارع هى دهاليز في القصر وتنتهي الأحداث في هذا الجزء من الثلاثية بموت الزعيم سعد زغلول وتبدأ رواية السكرية بحزن عائشة ابنة السيد أحمد عبد الجواد بسبب موت زوجها وأولادها بمرض التيفوئيد وتبقى لها انتهى نعيمة التي تعيش من أجلها بينما تفرح خديجة ابنة السيد أحمد الكبرى بولديها عبد المنعم وأحمد بعد أن يتخرجا من الجامعة ويتزوجا غير أن أحمد يبتعد عن الدين ويترك الصلاة وينضم إلى الحزب الشيوعي بينما ينضم عبد المنعم إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد الخطيئة التي ارتكبها مع جارته ويدخل السجن في نهاية الرواية.
الرمز المصري والعربي والعالمي الأديب نجيب محفوظ سوف تظل أعماله خالدة خلود التاريخ وسوف تظل الرمزية في أدبه المرجع لمن يريد تعلم التاريخ والأدب وقبل أن نفترق نقدم الرحمات على روح النجيب .. نجيب محفوظ.