وفاة الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر

توفى الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر وشيعت جنازته بعد صلاة العصر وتوارى جثمانه بين ثرى مقابر الأسرة في المنارة باب 1 بالإسكندرية وقد نعته وزارة الثقافة كما نعاه اتحاد كتاب مصر والعرب

يذكر أن الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر من مواليد عام 1950 في الإسكندرية وتعلم على أيدي أساتذة كبار يحتضنون الشعراء ويوجهونهم وكان يكتب قصائده ويعرضها على أساتذته وكان الشاعر محجوب موسى يحدثهم عن التراث والشعر الجاهلي .

سافر الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر نحو العاصمة المصريّة القاهرة وتعرف على الشاعر صلاح عبد الصبور الذي قدمه إلى الإذاعة مناقشًا أشعاره حيث كان متحمسًا لتجربته الشعرية ومبشرًا به وفي هذه الفترة بدأت الصحف تنشر عنه وله بعض القصائد الشعرية ثم التقى بالأديب الروائي نجيب محفوظ في جلسته الأسبوعية التي كان يجتمع فيها الشعراء والأدباء وكانت هذه الجلسة هي إيمانه بضرورة أن يكون قارئًا ومطلعًا على كل شيء ثم بعد ذلك عاد إلى الإسكندرية وعكف على القراءة وكان لمعاصرته لكبار الشعراء والأدباء من أمثال أمل دنقل وصلاح عبد الصبور وعبد القادر القط أكبر الأثر في تجربته والاحتكاك بهذا المناخ الداعم والمحفز للمعرفة .

عام 1989 حصل فوزي خضر على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية وآدابها جامعة الإسكندرية بتقدير جيد وعمل مدرساً للمواد الاجتماعية وفني تحاليل طبية وصحفياً وسكرتير تحرير ومحاضراً ومدير تحرير ومستشاراً ثقافيا وفي عام 1995 حصل على الماجستير في موضوع الموشحات في العصر الغرناطي وفي عام 2000 حصل على الدكتوراه في الأدب العربي بمرتبة الشرف الأولى في موضوع عناصر الإبداع الفني في شعر ابن زيدون وعمل أستاذا للأدب والنقد بكلية المعلمين بمحافظة الطائف بالمملكة العربية السعودية

عام 2005 نشر الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر رواية أشهر الرحلات إلى جزيرة العرب وفيها تناول بطريقة سرديّة قصّة 10 من الرحالة المشهورين الذين زاروا جزيرة العرب ويُعطي في كلّ رحلة لمحة عن جزء مهم من معالم الجزيرة العربية متبعًا في عرضه أسلوب الحوار والسرد في شكل جلسات بين الشيخ وأحفاده وقد رتبت هذه الرحلات بالتسلسل التاريخي : السرقسطي والهمداني اليماني والمسعودي والاصطخري والهمذاني الخراساني وابن حوقل والمقدسي والإدريسي وابن جبير وياقوت الحموي وله روايةٌ أخرى وهى شاعر الحب المعذب وفيها تحدث عن الحضارة الأندلسيّة وتحديدًا عن أدبائها وشعراءها ومفكريها وخاصّة الشعراء الذين اهتمُّوا في القصيدة العربية بما عُرف بالموشحات التي اعتُبرت ثورة حقيقية على نمط العروض الشعري الذي عرف به الشعر الخاص وتطرَّق إلى الشاعر ابن زيدون الذي احتلَّ قمة الشعر في زمانه وطارت أخباره إلى الشرق مع ولادة بنت المستكفي ليقف على قدم المساواة مع شعراء الحب العربي الذين عُرفوا في عصور الشرق الأدبية. طافَ هذا الكتاب بحياة وفكر وإحساس ابن زيدون وهى حياة شديدة المعاناة تتميّز بالمد والجزر والفوز والإحباط والجنون والعقل

يُعتبر كتاب العلم العربي في حضارة الغرب أحد أشهر أعمال الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر فضلًا عن كتاب ديوان فوزي خضر وكذا كتاب إسهام العلماء العرب في الحضارة الإنسانية وفيه تحدث عن عن عددٍ من العلماء العرب وكيف أسهموا بفضل اكتشافاتهم العلميّة في بناء وتطوير الحضارة الإنسانيّة .. وأيضا قدم للمكتبة العربية رواية مدائن المجهول وصُنّفت ضمنَ أدب الجاهلية العربي وأيضا رواية شعراء من الإسكندريّة وفيها تحدث بنوعٍ من التفصيل عن مدينة الإسكندرية التي يعتبرها مدينته الحلم فضلًا عن كونها مركز الإشعاع الثقافي بالنسبة له ويرى المؤلف في هذا الكتاب أنَّ الإسكندرية التي عاشت تاريخها تجمع بين حضارة الشرق وحضارة الغرب برزَ فيها شعراء ساهموا بإبداعاتهم بدءًا من العصور القديمة إلى العصور الإسلامية وأخيرًا فس عصورها الحديثة.

يعد كتاب الدكتور مصطفى الرافعي أقدم أعمال الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر وتحدث فيه عن مصطفى الرافعي وعن أفكاره ومواقفه ففي الباب الأول والمكون من فصلين تحدث عن سيرة الرافعي الذاتية وبيئته كما تم التحدث عن عصر الرافعي ومكانة طرابلس مسقط رأس الرافعي ودراسته الثانوية والابتدائية وسفره من الوطن وعودته إليه ودراسته في القاهرة ودخوله معترك الحياة وزواجه وسفره إلى باريس وحصوله على الدكتوراه في الحقوق والآداب وممارسته المحاماة ثم القضاء الشرعي والصعاب التي قابلته في سلكه الجديد ودخوله السلك الخارجي وانطباعات عن حياة الرافعي في بيروت ودعوته الرسمية لزيارة أمريكا وفي الباب الثاني تم تناول أثاره المطبوعة أما آثاره غير المطبوعة والتي هى عبارةٌ عن الكتب التي لا تزال دون طباعة وهى : الإسلام دستور الحياة والحياة ومواسم في الإسلام والمحاضرات للرافعي ومذكراته الخاصة فتم الإشارة إليها وذلك لتذكير بمادتها في حين ركَّز الباب الثالث عن مكانة الرافعي من خلال المناصب التي شغلها إلى أقوال رجال الفكر والأدب الذين أثنوا فيها على أبحاث الرافعي ثم الأوسمة التي قُدمت إليه تقديرًا لعلمه وفكره ومكانته العلمية والاجتماعيّة .

الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر قدمت للمكتبة العربية أكثر من 12 ديوان شعر وأكثر من 30 دراسة أدبية ونقدية وعدد من القصص والمسرحيات الموجّهة للأطفال وله مؤلّفات تمثيلية مختلفة وكتب عدّة مسرحيات وحصل على عضوية عدد من المؤسسات والجمعيات والاتحادات ومنها اتحاد الكتّاب ورابطة الأدب الإسلامي العالمية والجمعية المصرية للدراسات التاريخية وجماعة الفنانين والكتّاب بالإسكندرية وجمعية الأدباء وغيرها كما حصل على جائزة الأمير عبد الله الفيصل عن الشعر المسرحي وجائزة الدولة التشجيعية في الشعر والجائزة الأولى في التأليف الإذاعي على مستوى الإذاعات العربية عن برنامجه كتاب عربي علم العالم والذي كان يقدمه الإذاعي أمين بسيوني عبر أثير إذاعة البرنامج العام وغيرها من الجوائز والتكريمات والتقديرات وكتب عنه كثيرون ومنهم عز الدين إسماعيل وعبد القادر القط ومحمد زكي العشماوي وصلاح فضل وإبراهيم خليل إبراهيم وفوزي سعد عيسى وفاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبو سنة ومراد مبروك وأحمد فضل شبلول وتوجد بحوث عن شعره في عدد من الكتب الجامعية .

من أشعار الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر نذكر قصيدته التي بعنوان التحدي حيث قال فيها :

أيها البحرُ
موجُكَ ليس يخيفُ فؤادي
فشمسي قد أحرقتكَ
تبخرتَ
صرتَ غيومًا
هطلتَ إلى الأرضِ نهرًا
سعيتَ إليَّ
خُلاصتُكَ الآن في قبضتي كوبُ ماءٍ
سأشربُه إن أردتُ
وأسكبُه إن أردتُ
فلا تُطلق الموجَ يهدُر
يزهو بقوَّتِه ويُدَمدِمُ
موجُكَ
ليس يخيفُ فؤادي

وفي قصيدة بعنوان محن قال الشاعر والناقد الدكتور فوزي خضر:

لا بد أن
تعفو المحن
عني ولو ساعةْ
الذبحُ شن
حربا تُجن
والدمُّ طن
شق البدن
والروح ملتاعة
من لي بكن
فيه السكن
إن الوطن
قد باع مَن
قد ملَّ أوجاعه
هذا الزمن
لم يستكن
لي لحظةً
كي يطمئن
قلبٌ هنا راعه.