الثلاثاء ٢٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم صالح مهدي محمد

ليس بوسع الليل

ليس بوسع هذا الليل
أن يطفئ العيون
التي تنبت من الأرض.
كلما مشيتُ تفتّحتْ تحت قدميّ
كأزهارٍ من زجاجٍ أسود.

ليس بوسعه أن يضبط ساعاته،
فالدقائق عنده تتدلّى كحشراتٍ
معلقةٍ في خيوط العنكبوت،
والثواني تتفتّت في فمي
كحبوب ملحٍ مجهولة.

ليس بوسعه أن يخدعني بظلاله،
أعرف أنّها ليست ظلالًا،
بل أرواحٌ مُعطّلة
تتنكّر على هيئة أشجارٍ متردّدة.

ليس بوسع هذا الليل
أن يخرس النهر الذي يسيل من رأسي.
كلما أغمضتُ عيني
انفتحت قوارب من جلودٍ ميتة
تحملني إلى جهاتٍ لا تعرفها الخرائط.

ليس بوسعه أن يقيّدني،
كلما حاولتُ الهرب منه
أجدني واقفًا في منتصفه،
كتمثالٍ يصغي إلى موسيقى لا تُعزَف
إلّا في الفراغ،
حيث تتشظّى الصمتات
إلى مرايا لا تُعيد وجهي.

لكنّي أشعر أنّ الليل يكتبني ببطءٍ
على صفحته،
كحرفٍ يتردّد بين أن يولد
أو يذوب،
بين أن يكون صوتًا
أو مجرد أثرٍ
في ذاكرة الغياب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى