الصمت أمام وجهك تأمّلًا ٢٤ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد كأنّ وجهي لا يعرف لغته إلّا حين يصطدم بملامحك، فأرتدّ إلى صمتٍ يفيض أكثر من كلّ الكلمات. الصمت هنا ليس خواءً، إنّه امتلاء غامض، مثل نهرٍ لا يُرى جريانه، لكن ضفافه تترنّح بالندى. أمامك تتكسّر (…)
حي بين وجهين ٢٤ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد لم يكن في الحسبان أن يخرج الحيُّ الصغير عن هدوئه المتآكل، وأن تتحوّل أزقته الضيّقة إلى ساحةٍ تتقاطع فيها ظلال الطيب أو ربما نقيضه. الأزقّة التي طالما كانت مجرّد ممرّات لغبار الأقدام، انكشفت فجأة (…)
ليس بوسع الليل ٢٣ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد ليس بوسع هذا الليل أن يطفئ العيون التي تنبت من الأرض. كلما مشيتُ تفتّحتْ تحت قدميّ كأزهارٍ من زجاجٍ أسود. ليس بوسعه أن يضبط ساعاته، فالدقائق عنده تتدلّى كحشراتٍ معلقةٍ في خيوط العنكبوت، والثواني (…)
الصديقان ٢٣ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد في زاوية مكتبةٍ نسيها الزمن، جلس إبراهيم، الذي كانوا ينادونه "الحصيف"، على كرسيّ تآكل خشبه كأنما ورث عن القرون صدأها. كان يقلب كتاب محاسبةٍ عتيقاً، لا بحثاً عن أرقام، بل عن نبضاتٍ متروكة بين (…)
انتظارٌ يخاطبُ الوقت ٢٢ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد في العتمةِ، حينَ تتثاءبُ الساعاتُ، أَرفعُ عَيْنَيَّ إلى الفَراءِ كَمَن يَتَرَقَّبُ عَلامَةً، وأَكتشِفُ أنَّ الانتظارَ ليسَ مكانًا، بَل كائِنٌ يَسكنُني. أنتَ الذي تمشي ولا تَلْتَفِتُ، تُسقِطُ (…)
الضحك خوفًا ٢١ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد البيوت تُخفي أنفاسها حين يختبئ الخوف بين جدرانها. هناك أبواب ترتجف دون أن تُفتح، ونوافذ تحدّق في العابرين دون أن يلحظها أحد. في مثل هذه اللحظات، يصبح الضحك أشبه بجرس إنذار، ليس فرحًا، بل علامة (…)
ظِلٌّ لا يُرى ١٧ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد أُهدهدُ الوقتَ، وأطوي الدقائقَ بين كفَّيَّ، كأنها منديلُ وداعٍ نُسي في جيب المعطف، تفوحُ منه رائحةُ اسمٍ لم يُنطق بعد. أضعها في زجاجةٍ صغيرة، وأدفنها تحت الوسادة، علَّها تحلمُ بي عند الفجر. (…)
مقعد أمام البحر ١٧ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد على بحرٍ يرفض أن يكشف اسمه، يرفض أن يُنادى كما تُنادى الأمكنة، بحرٍ يبدو كأنه يتخفّى من الخرائط وينكر كلَّ تاريخٍ يُلصَق به، وُضع مقعدٌ مهترئ. لم يكن المقعد ينتمي إلى الخشب ولا إلى القماش، كان (…)
مدينة الفرات ١٦ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد «يحكي لنا الكبار قصصًا لها معانٍ، لكنها باقية شَفَاهًا لم تُدوَّن من شهود العيان. فكانت إحدى تلك الحكايات قصتنا هذه، لتوثّق ما مضى ولم يُكتب». نهر الفرات يطوي مياهه مثل ثوبٍ قديم، والأزقة تفوح (…)
أسرار الزقّورة ١٥ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد الشمس تهوي على أور ببطءٍ يشبه الوصايا القديمة، تكتب على حجارة الزقّورة قَدَمَ التاريخ كأنّها شيفرة لم تُفكّ بعد. الريح تدور في السلالم الحجرية، وتُثير غبارًا لا يُشبه الغبار، بل رماد أرواحٍ لم (…)