الاثنين ٢٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم صالح مهدي محمد

انتظارٌ يخاطبُ الوقت

في العتمةِ، حينَ تتثاءبُ الساعاتُ،
أَرفعُ عَيْنَيَّ إلى الفَراءِ كَمَن يَتَرَقَّبُ عَلامَةً،
وأَكتشِفُ أنَّ الانتظارَ ليسَ مكانًا،
بَل كائِنٌ يَسكنُني.
أنتَ الذي تمشي ولا تَلْتَفِتُ،
تُسقِطُ الأيّامَ من جَيْبِكَ كما يَسقُطُ الغُبارُ،
وتَترُكُنا نَحصي فتاتَ الدّقائِقِ
كَأَنَّها خُبزُ النّاجينَ.
لم أَعُدْ أُجِيدُ مُلاحَقتَكَ؛
كُلُّ ما أُريدُهُ أَن تَتَوَقَّفَ لِلحَظَةٍ، لَحظَةً واحِدَةً.
أَضعُ رَأسي على رُكْبَتِكَ، وأقُولُ: لَقَد تَعِبْتُ.
أتَعرِفُ؟
الانتِظارُ صارَ وَجهِي الثَّانِي،
كَظِلٍّ يُصغِي إلى صَمتِكَ،
ويَتَعَثَّرُ بأَبْوابِكَ المَغلَقَةِ.
أَمضي إِلَيْكَ وأَنتَ تَمضي عَنِّي،
أَكتُبُ رَسائِلي على جِدارِكَ
فَتَسقُطُ الحُروفُ في حُفرةٍ لا قَرارَ لها.
أَيُّها الوَقتُ،
امنَحْني صدعًا في جِدارِكَ،
نافِذَةً صَغيرَةً أُطِلُّ مِنها
على حَياةٍ لَم تَعْبُرْ بَعْدُ.
لَكِنَّني، كُلَّما لَمَسْتُ هذا الصّدَعَ،
شَعَرتُ أَنَّني
لَسْتُ مَن يَنتَظِرُكَ،
بَل أَنْتَ الّذي يَتَرَصَّدُني،
كَعادٍرٍ قَديمٍ يَبتَسِمُ مِن وَراءِ ساعَةٍ مكسورَةٍ.
وَحينَ أَصدِقُ أَكثَرَ،
أَسمَعُ خُطواتِكَ تَتَقاطَعُ مَعَ أَنفاسِي،

فَلا أَعرِفُ:

هَل أَنَا الّذي أَتَباطَأُ كَي أَلْحَقَ بِكَ،
أَم أَنتَ الّذي تَسرِعُ لِتَفلِتَ مِنّي؟
وَحينَ يَتَحَوَّلُ الانتِظارُ إلى مِرآةٍ بلا سَطْحٍ،
إلى فَضاءٍ يَبتَلِعُ ظِلالَهُ،
إلى سُؤالٍ أَواسَعُ منَ الأرْضِ،
وأَقدَمُ منَ النُّجومِ،
كَأَنَّ الكَوْنَ كُلَّهُ يَجلِسُ مَعي
على مَسْطَبَةٍ واحِدَةٍ، ويَهْمِسُ: لن نَصِلَ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى