الجمعة ١٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٢٥
بقلم صالح مهدي محمد

زحمةِ الضوء

في زحمةِ الضوء،
تتعثّرُ الظلالُ ببعضِها،
تذوبُ كملحٍ في ذاكرةٍ مبلّلةٍ بالحنين،
وتتردّدُ الأصداءُ
عند غروبِ المساء.

الوجوهُ هي الأخرى أمواجٌ،
كلُّ وجهٍ يخبّئُ حكايةً
تختنقُ في زحمةِ الأصوات،
أصواتٌ كأنّها تتصاعدُ من مدنٍ
تُغلقُ أبوابَها على الغياب.

أُصغي إلى همسٍ لا يُرى،
ينفذُ إلى الروحِ كنسمةٍ ضائعةٍ
بين المتاهة.

العصفورُ الذي في صدري
ما زال يحاولُ الطيران،
لكنّ السماءَ
تتأخّرُ دائمًا في المجيء.

حينَ تتعانقُ الأرضُ بالسماء،
يظهرُ القمرُ
كمتجوّلٍ حزينٍ في مدينةٍ بلا لافتات،
تتراقصُ النجومُ من بعيد،
تلوّحُ لي،
وأنا أسيرُ في دروبٍ
تنسى أن تُعيدَني
إلى شاطئٍ كان يشبهُ قلبي.

أخطُّ على الرملِ كلماتٍ
لا يقرؤها أحد،
الأمواجُ تمحوها برفقٍ
وتحملُها بعيدًا،
حيثُ التلاشي.

الغُربةُ ليست مكانًا،
هي ظلٌّ يتمدّدُ في داخلي،
ماءٌ راكدٌ في إناءِ الوقت،
وصوتٌ
يكرّرُ اسمي
ولا يصل.

أسيرُ
كمن يبحثُ عن نفسه في ضبابٍ
نسي أن يكونَ ضبابًا،
أمدّ يدي نحو شيءٍ يشبهُ المعنى،
فيختفي قبل أن ألمسَه،
كأنّ العالمَ كلَّه
صورةٌ تضمحلُّ
في قلبٍ لا يعرفُ الطريقَ إلى نفسه.

هناك،
في أقصى البعد،
ما زالت روحٌ صغيرةٌ في داخلي
تنشدُ عودةً
إلى لحظةٍ
كانت تشبهُ الصباح.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى