الصديقان ٢٣ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد في زاوية مكتبةٍ نسيها الزمن، جلس إبراهيم، الذي كانوا ينادونه "الحصيف"، على كرسيّ تآكل خشبه كأنما ورث عن القرون صدأها. كان يقلب كتاب محاسبةٍ عتيقاً، لا بحثاً عن أرقام، بل عن نبضاتٍ متروكة بين (…)
انتظارٌ يخاطبُ الوقت ٢٢ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد في العتمةِ، حينَ تتثاءبُ الساعاتُ، أَرفعُ عَيْنَيَّ إلى الفَراءِ كَمَن يَتَرَقَّبُ عَلامَةً، وأَكتشِفُ أنَّ الانتظارَ ليسَ مكانًا، بَل كائِنٌ يَسكنُني. أنتَ الذي تمشي ولا تَلْتَفِتُ، تُسقِطُ (…)
الضحك خوفًا ٢١ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد البيوت تُخفي أنفاسها حين يختبئ الخوف بين جدرانها. هناك أبواب ترتجف دون أن تُفتح، ونوافذ تحدّق في العابرين دون أن يلحظها أحد. في مثل هذه اللحظات، يصبح الضحك أشبه بجرس إنذار، ليس فرحًا، بل علامة (…)
ظِلٌّ لا يُرى ١٧ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد أُهدهدُ الوقتَ، وأطوي الدقائقَ بين كفَّيَّ، كأنها منديلُ وداعٍ نُسي في جيب المعطف، تفوحُ منه رائحةُ اسمٍ لم يُنطق بعد. أضعها في زجاجةٍ صغيرة، وأدفنها تحت الوسادة، علَّها تحلمُ بي عند الفجر. (…)
مقعد أمام البحر ١٧ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد على بحرٍ يرفض أن يكشف اسمه، يرفض أن يُنادى كما تُنادى الأمكنة، بحرٍ يبدو كأنه يتخفّى من الخرائط وينكر كلَّ تاريخٍ يُلصَق به، وُضع مقعدٌ مهترئ. لم يكن المقعد ينتمي إلى الخشب ولا إلى القماش، كان (…)
مدينة الفرات ١٦ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد «يحكي لنا الكبار قصصًا لها معانٍ، لكنها باقية شَفَاهًا لم تُدوَّن من شهود العيان. فكانت إحدى تلك الحكايات قصتنا هذه، لتوثّق ما مضى ولم يُكتب». نهر الفرات يطوي مياهه مثل ثوبٍ قديم، والأزقة تفوح (…)
أسرار الزقّورة ١٥ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد الشمس تهوي على أور ببطءٍ يشبه الوصايا القديمة، تكتب على حجارة الزقّورة قَدَمَ التاريخ كأنّها شيفرة لم تُفكّ بعد. الريح تدور في السلالم الحجرية، وتُثير غبارًا لا يُشبه الغبار، بل رماد أرواحٍ لم (…)
أبناءُ الماءِ ١٤ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد مدخل أمَاكنُ تتجاوزُ حدودَ الواقعِ. هنا، كلُّ موجةٍ تحكي سرَّها، وكلُّ قصبةٍ تمثّل جدارًا بين عالمَين. الأهوارُ ليستْ مجرّدَ أرضٍ، بل قلبٌ ينبضُ بذاكرةِ الزمنِ، وممرٌّ خفيٌّ بين البشرِ (…)
بوابة السراب ١٣ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد ضبابٌ متثاقل يلفّ القرية، كأن الأزمنة كلها تجمّعت لتنسج طوقًا خانقًا فوق أسطحها. وفي قلب الضباب، ينتصب بيت يتهامس الناس باسمه: بيت السراب. جدرانه لا تُسكن، بل تتنفس، كما لو أن داخله لا يقبل (…)
خطواتٌ مؤجّلة ١٠ أيلول (سبتمبر)، بقلم صالح مهدي محمد في البدء، لم يكن الزقاق سوى شقٍّ في جسد المدينة، ضيقًا كأنه لا يتسع إلا لخطوة واحدة، لكن تلك الخطوة ظلت عالقة في الهواء، لم تكتمل أبدًا. هناك، حيث الجدران تتهالك وتتنفس غبار الطوب، جلس الأب على (…)