تَلويحةُ النُّجوم
اللَّيلُ يفتحُ جيبَه،
يذرُّ نجومَه كحروفٍ أفلتت محلِّقة،
وأنا،
أمضي تحت الكلام المعلَّق
كأنني أختبر صدى لا أعرف مصدره.
النجوم؟
لا أعرف أكانت تومض
أم تتنهّد.
كلما رفعتُ رأسي
شعرتُ أن أحدًا يكتبني
بضوءٍ متردّد،
كمن يجرّب اسمًا جديدًا لدكنته.
هناك نجمةٌ
تتدلّى من خيطٍ لا يُرى،
تلوّح لشيءٍ
لم نسمع به بعد.
ربما كانت تلوّح للوقت
ليتعثّر في خطواته،
أو للغياب
كي يستريح قليلًا
على عتبة السماء.
اللَّيلُ لا يسأل،
يرمي أطرافه علينا
مثل وشاحٍ مبلّلٍ بالغيم
ونحن نتظاهر أننا نفهم
هذا الذي يجري
لا يستقرّ في مكان،
ولا يشبه خطوتنا على الأرض.
ألمحُ الضوء
يمرّ على جسدي
كراحة يدٍ
تحاول أن تستعيد ملامحها.
شيءٌ يشبه أن يوقف أحدهم
انهيارًا صغيرًا داخلي
بإيماءةٍ من مسافةٍ
لا يصل إليها النداء.
النجوم،
هذه الندوب المتوهّجة،
كل واحدةٍ منها
جرحٌ أعلن عصيانه على الانطفاء.
كأن السماء تتباهى
بخساراتٍ لم تعد تخجل منها،
وتعلّقها فوقنا
لتعلّمنا
أن الذاكرة يمكن أن تظل حيّة
حتى وهي تتنقّل بتأنٍّ.
أجلس في زاوية الليل
وأترك رأسي يتسرّب
إلى الأعلى.
أرى التلويحة
لا كوداعٍ
ولا كتَحية،
بل كعلامةٍ تقصدني
من جسدٍ لا أعرفه.
ربما كانت تقول:
«هذا النور ليس لك وحدك،
لكنه يحتاج عينًا
تتردّد بما يكفي
لترَاه».
وعندما ينتهي الليل
يبقى في الفضاء
بقايا ضوءٍ
لا يتذكّر من أرسله،
ولا يعرف لمن يخصّ،
لكنه
يترك في صدري
بقعةً دافئة
لا تُترجَم،
ولا تعرف،
وتكفي كي أظن
أن الكون
يعرف كيف يربّت
على الكتف
في اللحظة الأخيرة.
